جدار العار جزء من الاتفاق الأمني بين ليفني ورايس
في يناير من العام الماضي، شن الكيان الصهيوني حربه إجرامية على قطاع غزة، المحاصر منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، كانت الحرب الإسرائيلية تهدف إلى القضاء على حماس، وكان هناك توافق أمريكي – إسرائيلي مع محور ما يسمى «بالاعتدال عربي» حول هذا الهدف، لكن خاب ظنهم جميعاً حيث لم يكن الهدف سهلاً، والإنجاز الوحيد الذي حققته إسرائيل هو التدمير والقتل الوحشي لأكثر من 1300 شهيد، بينهم أكثر من أربعمائة طفل، بالإضافة إلى الجرحى، الذين زاد عددهم عن 5400 شخص، ونجحت إسرائيل بالفعل في تدمير 20 ألف مبنى، وتشريد أكثر من 62 ألف فلسطيني من منازلهم.
هذا هو الإنجاز الإسرائيلي الوحيد، أما المقاومة الفلسطينية فأثبت أنها في وضع أفضل من ذي قبل، حيث تمكنت من عرقلت تقدم القوات الإسرائيلية، طول الحرب التي استمرت 22 يوماً، و لم تتوقف صواريخ المقاومة طول فترة الحرب، وأظهرت المقاومة إسرائيل بمظهر العاجز عن إيقاف الصواريخ، وهي التي أعلنت أن إيقافها أهم أهداف الحرب.
اضطرت العسكرية الصهيونية إلى وقف الحرب، رغم فشلها في أي من أهدافها باستثناء التدمير، لكنها وضعت مع الولايات المتحدة خطة بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية على مدى زمني الطويل نسبياً، الخطة تتضمن تعاون من السلطة الفلسطينية، والنظام المصري، بعض دول الجوار.
لهذه الخطة ملامح عدة، أولها استمرار سياسة الحصار والتجويع ضد قطاع غزة، بهدف أن يثور أهل قطاع غزة ضد حماس، وهو ما لم يحدث طوال الثلاث سنوات الماضية. الخطة تتطلب أيضاً تأجيل المصالحة الفلسطينية بأن تصر مصر والسلطة الفلسطينية على شروط معروف مسبقاً أن حماس لن تقبلها، حتى يمكن توظيف هذا الرفض في الهجوم الإعلامي على حماس، باعتبارها هي المسئولة عن عدم توقيع اتفاق المصالحة.
توجد في الخطة الإسرائيلية الأمريكية أبعاد أخرى لم يتم الإفصاح عنها بعد. لكن أهم مراحل الخطة وهو ما يتم تنفيذه حالياً على الحدود المصرية مع قطاع غزة، بهدف تشديد الحصار ببناء جدار فولاذي بعمق ثلاثين متر تحت الأرض وبسمك نصف متر على طول الحدود، بهدف تدمير وإغلاق الأنفاق بشكل نهائي، التي هي المنفذ الوحيد لحياة مليون ونصف فلسطيني.
هذا الجدار جزء من مذكرة التفاهم التي وقعتها تسفي ليفني وزيرة خارجية الكيان الصهيوني ووزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا ريس في 16 يناير 2009 قبل وقف إطلاق النار في الحرب على غزة بيومين. هذا الاتفاق ينص على أن تقدم الولايات المتحدة الدعم الفني اللازم لمنع دخول السلاح إلى قطاع غزة، عبر الأنفاق، كما ذكر الاتفاق إن شركاء من دوال الناتو، سيساعدون في هذه المهمة، وأن القوات الأمريكية المتواجدة في البحر الأحمر ، والبحر المتوسط، ستعمل على مراقبة حركة الملاحة وستقوم بملاحقة واعتراض شحنات الأسلحة القادمة إلى غزة ، هذا ما أعلنته الصحف الأمريكية وقتئذ، بالإضافة لذكرها موافقة فرنسا وبريطانيا وألمانيا على تقديم مساعدات في هذا الشأن، لكن وقتها خرج علينا أبو الغيط وزير الخارجي المصري بقوله «إن مصر غير معنية بهذا الاتفاق»، و قال أيضاً «ليس لدينا التزام بهذه المذكرة على الإطلاق».
لكن يتضح اليوم بعد مرور عام على الاتفاق أن الموافقة المصرية على الاتفاق تحصيل حاصل، بمعنى أن النظام المصري لم يكن شريكا في توقيع المذكرة، لكنه سيضطر إلى الموافقة عليها عندما يحين وقت التنفيذ، أما كلام «أبو الغيط» أو أي مسئول مصري فهو مجرد كلام لأغراض إعلامية فحسب، واليوم يتم بناء جدار فولاذي.
يقوم الخبراء الأمريكيون بتقديم الدعم الفني المطلوب وفق مذكرة التفاهم بتركيب الجدار الفولاذي، الذي صنع خصيصاً في الولايات المتحدة بمواصفات خاصة حتى يكون مقاوم للمتفجرات. نعم تلك هي السيادة المصرية التي يطنطن بها إعلام مبارك ليل نهار، أنها السيادة في خدمة السيد الأمريكي، وطفله المدلل الكيان الصهيوني.