بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

كتفي في كتفك.. نظّم صفك

ربما يكون 25 يناير2011 من أهم الأيام في تاريخنا المعاصر، فما تلاه من تطورات كان مذهلاً للجميع، من شارك ومن عارض، وحتى من جلس يشاهد. فقد أخرجت الثورة طاقات وإمكانات عظيمة للشعب المصري، ولكن كشفت أيضاً، وخاصةً في مرحلة ما بعد التنحي، عن أوجه قصور شديدة، سببها الأساسي بالطبع السنوات الطويلة التي حرم فيها الشعب المصري من حقوقه السياسية، وأهم هذه الحقوق هو حق التنظيم.

ففي تجارب تاريخية عديدة شكل عنصر “التنظيم” عامل الحسم في نجاح أو فشل الحركات الجماهيرية. حيث أن الأحزاب والنقابات والروابط قادرة على تنظيم حركة الجماهير وطرح مطالبهم، والتفاوض بإسمهم، باعتبارها ممثلة حقيقية عنهم.

وما شاهدناه خلال الاعتصام هو ذهاب الجماعة الوحيدة المنظمة “جماعة الإخوان” وبعض رموز الأحزاب الورقية والنخب السياسية التي لا تملك أية شعبية، للتفاوض مع عمر سليمان تحت صورة مبارك، ثم عودتهم وقد رفضهم الميدان ورفض أن يتفاوضوا باسمه.

وما حدث خلال السنوات الثلاث للثورة، أن المزيد والمزيد من الأحزاب الورقية قد ظهرت، ولم يظل باقياً، للأسف، سوى الأحزاب الإسلامية، وتحديداً الحرية والعدالة (إخوان) والنور (السلفي) ومرجع قوتها يعود لبناءها قاعدة حزبية من سنوات طويلة علاوة على امتلاكها لمصادر تمويل داخلية وخارجية، شرعية وغير شرعية.

يظل ما تفتقر إليه الجماهير، وتحتاجه بشده هو وجود أُطُر تعبر عنهم، تنظيمات وروابط تجمع تلك القوة الضخمة لملايين الجماهير، التي يضعفها التشتت ويجعلها عرضة للتلاشي مثل قوة البخار.

والآن ما تحتاجه الجماهير التي احتشدت بالملايين في الميادين، ليست تنظيمات حزبية، حيث أنه في هذه اللحظة من الصعب أن تجتمع كتل كبيرة حول أيديولوجيا أو حتى برنامج حزبي، لكن من الممكن، بل من الضروري أن تتحد القطاعات الأنشط من هذه الجماهير في روابط بسيطة هدفها الأساسي تنسيق حركتها ومطالبها هي ذاتها، بدءاً من تنظيم الاعتصامات واحتياجاتها وتأمينها، مروراً بخطوط المسيرات والمظاهرات، وحتى التحدث للإعلام.

وهو الضمان الوحيد لعدم تفريط النخبة أو تفاوضها مع السلطة، فالتجارب السابقة تؤكد أن دخول مسار الثورة إلى مرحلة الغرف المغلقة والقاعات والوفود من النخبة، كفيل بأن يفسد كل شيء.

بالرغم من التفاؤل السائد، إلا أننا في الواقع في مرحلة ما قبل الحسم، وهي التي يتحدد على أساسها نتيجة المعركة، ولاتزال هناك مخاوف كثيرة، من بينها الانجرار إلى دائرة العنف الدموي يدفع ثمنه أبرياء، وهو ما حدث بالفعل ويجب تحجيمه بأي شكل.

كما يظل الخوف من أن تقتصر المعركة على إسقاط مرسي – مثل إسقاط مبارك – والدخول بعدها في متاهات المراحل والصناديق والتعديلات الدستورية.. لننفق فيها سنوات أخرى، دون أن نحقق أهداف الثورة، التي دفعت بالمزيد والمزيد من الجماهير للخروج إلى الشارع.