بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

لا شرعية فوق شرعية الثورة

هل تتذكرون عدد المرات التي كرر فيها المخلوع مرسي كلمة “الشرعية” في خطابه الأخير؟ ربما لا نعرف عددها، لكن ندرك تماماً أن فشل مرسي وأتباعه في قيادة البلاد بتعمد تجاهل المصالح المباشرة للجماهير اقتصادياً واجتماعياً، وبدلاً من الالتفات لمطالب أوسع التظاهرات التي شملت طول البلاد وعرضها، خرج علينا ليؤكد تمسكه بالشرعية، أي أن يكون رئيساً، حتى لو كلفه ذلك حياته!

أي شرعية يتحدث عنها أبناء المخلوع ويريقون الدماء من أجلها والشعب المصري لم ينسَ أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين هم من فاوضوا أهالي الشهداء على دماء أبنائهم في مقابل ديّة مالية في صفقة الخروج الآمن لمن قتل فلذة أكبادهم. إن كان قد نسى فلول السيد مرسي فإن الشعب المصري يتذكر جيداً أن عصام العريان الذي حرض أعضاء الإخوان على ضرب متظاهري الاتحادية أوائل ديسمبر الماضي وقتل 9 منهم هو نفسه من أعلن عشية اندلاع ثورة يناير أن جماعة الإخوان المسلمين لن تشارك الشباب الثائر في المظاهرات.

وماذا عن مشروع النهضة الذي تصدى للمطالب الاجتماعية ليضم أكثر من مليون مصري للفقر وأكثر من 3 آلاف معتقل سياسي خلف القضبان ليجتر فلول مرسي التباكي الوقح على تركة الفساد من فوق منصة رابعة العدوية متجاهلين تماماً قلادات تكريم مرسي لقيادات المجلس العسكري وترقيات الشرطة في صفقات تضمن الولاء لأطراف النظام السابق واستقرار حكمه. لم يكن مستغرباً إذن أن يضرب مرسي الشرعية الثورية ومطالب الثورة عرض الحائط ليقاتل هو وأتباعه على كراسي السلطة بعد استيلائهم على الثورة وليتظاهر الشارع حتى 20 شهراً مثلما صرح البلتاجي بمنتهى الاستهزاء.

إن أبناء مرسي الذين يهاجمون ملايين المصريين الفقراء ومطالبهم الاجتماعية ويمثلون ثورة مضادة لهم يتجاهلون أنه قد تم تنصيبه رئيساً بعد ثورة دفع ثمنها دم خيرة أبناء الوطن وكان الأولى به أن يتخذ الشرعية الثورية في ضرب يد النظام القديم الذي اتهم المتظاهرين في وقاحة مريبة بمحاولة استعادته. لم يتخذ مرسي طيلة العام الماضي إجراءات ثورية حاسمة يستند فيها إلى مطالب الجماهير بقدر ما اتخذ إعلان دستوري قام فيه بتوسيع صلاحياته فقط لتمرير لجنة تأسيسية سيطر فيها أهله وعشيرته ليخرجوا بدستور لا يعبر أبداً عن مطالب الشعب الثائر.

وما بين شرعية مرسي والشرعية الثورية، هل نسى أتباع مرسي أن قتلة المتظاهرين ثم تبرئتهم جميعاً دون أي أحكام بحجة الدفاع عن أنفسهم وعن “شرعية” النظام السابق؟ هل نسوا أن متظاهري ميدان هم من أسقطوا الديكتاتور مبارك وطرحوه بالسجن في ثورة باركها الإخوان ثم تنكروا لها؟ وإذا كانت شرعية مرسي من شرعية الصندوق فهل شرعية الصندوق تقضي أيضاً بتولي مرسي الرئاسة 7 سنوات قادمة بفترة رئاسية أخرى مثلما يهتف أتباعه في تعدي واضح على إرادة الجماهير بل ومازالت توابعه تتراءى أمامنا باعتداءاتهم على ثورة الشعب مثلما فعل أبناء مبارك؟!

إن رفض الملايين وتوقيعهم على استمارة تمرد وخروجهم للشوارع والميادين يؤكد أن الشعب المصري الذي نصّب مرسي رئيساً وخلعه لا يعرف للشرعية صناديق أو أرقام ولا يحتاج لقيادات معارضة هزيلة لتذكره بالإفقار والتجويع ومشاكل البطالة. الشرعية هي مدى قدرة النظام الحاكم على تحقيق مطالب الشعب والتي فقدها نظام مرسي مع أول طلقة ضد معتصمي الاتحادية ومع أول اقتحام لقوات الداخلية في فض اعتصامات العمال المطالبة بالعدالة الاجتماعية، ومع استمرار السير على الخطى السياسية والاقتصادية لمبارك، وبالتأكيد مع خطاب الحرب الأهلية الأخير وتهديده للشعب.

الشرعية التي يعرفها الشعب هي التي تملي إرادته وتحقق مطالبه وتتخذ إجراءات ثورية عاجلة ترقى لطموح الجماهير في ثورتيه، وهي أيضاً إنذار لأي رئيس قادم أن يصغي جيداً لصوت وإرادة الشعب الذي اختار طريقه الواضح في تحقيق كامل أهداف الثورة ولا حياد عن ثورتنا الاجتماعية.