بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

علي هامش الضجة التي تثيرها تقارير "جهاز المحاسبات"

الفساد يصنع جهازا لكشف الفساد!

أسئلة مشروعة على هامش تقرير “جهاز الملط”: لماذا لا يتضمن التقرير معلومات حول عمولات صفقات السلاح التي يتقاضاها رئيس الجمهورية؟ ولماذا يرفع تقاريره للرئاسة وليس للرأي العام؟ ومن يراقب أدائه لعمله؟ ولماذا لم يذكر معلومة واحدة عن الفساد الناتج عن تزاوج الثروة والسلطة؟

تحتاج الضجة التي يثيرها تقرير المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات حول أداء الحكومة إلى مناقشة أبعد و أعمق مما تتناوله الصحافة المصرية، فرغم أن التقرير يحمل إدانة للحكومة واتهامات بالتسيب وإهدار المال العام والفشل في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية يستفيد منها الفقراء إلا أن الأمر يلزمه أكثر من تساؤل حول إمكانية أن تؤدي هذه التقارير إلى تغيير حقيقي في الواقع المصري، هذا السؤال تحمل السنوات الماضية الإجابة عنه فرغم أن تقارير الجهاز عن السنوات الأخيرة كلها جاءت لتكشف عن عجز وفساد في عمل الحكومة إلا أن الأمر لم يتغير وتوالت التقارير التي تؤكد وجود الفساد والفشل بلا جديد، بل وصل الأمر إلى الحد نجاح الحكومة في إخفاء التقرير عن أعضاء مجلس الشعب نفسه، هذا الأمر يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن الأجهزة الرقابية التي تمارس دورها من داخل نظام الحكم لن تقدم أي جديد ولن تكرس أي تغيير في واقع مصري يحكمه الفساد و الاستبداد وتبدو هذه الأجهزة أقرب إلى فني يقوم بتجميل الصورة فقط بلا قدرة – أو رغبة حقيقية من القائمين عليها – على إحداث أي تغيير.

الجانب الآخر من الصورة والسؤال الأهم هو لماذا لا تشمل تقارير الأجهزة الرقابية بشكل عام و – جهاز جودت الملط بشكل خاص – أي أرقام أو معلومات حول إنفاق رئاسة الجمهورية أو العمولات التي يتقاضاها الرئيس عن صفقات السلاح؟ ثم لماذا لا يستقيل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إذا كانت التقارير التي يعلنها كل عام لا تؤدي إلى تغيير في العام التالي؟ ومن هي الجهة التي تراقب الأجهزة الرقابية في عملها وعلي رأسها الجهاز المركزي للمحاسبات وهل يرفع الجهاز تقاريره للرئاسة أولا قبل إعلانها؟ ومن أين يحصل علي المعلومات؟ و لماذا يتبع الجهاز رئاسة الجمهورية ولا يعتبر هيئة مستقلة توجه تقاريرها للبرلمان والرأي العام مباشرة؟ وهل مستويات الفساد التي تكشفها التقارير – المحلية و الدولية – عن مصر يمكن أن يتعامل معها جهاز أنشأه ويشرف على أدائه وعمله نظام الحكم؟ ولماذا لم نقرأ حتى الآن في تقارير الجهاز ما يشير إلي التزاوج بين السلطة ورأس المال وحجم الفساد الناشيء عن هذا التزاوج والذي يتورط فيه كبار المسئولين والذين يستحوذون علي صناعة القرار في مصر؟ وهل التقرير الذي تخفيه الحكومة عن نواب الشعب يتم إعلانه كاملا أم “يطلب“ من القائمين عليه عدم إعلان بعض مما ورد فيه أصلا؟ ولماذا لا يتاح للصحافة و ووسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الإطلاع علي التقرير بشكل كامل؟ كل هذه الأسئلة تبدو – من وجهة نظرنا علي الأقل – مشروعة وعادلة ولكنها أيضا كاشفة لفكرة أساسية أن الأجهزة التي يصنعها نظام الحكم في مصر لن تستطيع أن تسيطر على الفساد الذي انتشر في كل أجهزة الدولة – وليس في أداء الحكومة فقط – ولن يستفيد منها المواطن البسيط أي شيء لأن الفساد ببساطة من صنع النظام بشكل كامل ولا يجوز في أي عرف أو منطق أن ينشيء صانع الفساد جهازا – أو أجهزة – لتكافحه و تكشفه للناس.