بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الحزب الثوري .. هل حان الوقت؟

قد نجد معضلة كبيرة نحن الاشتراكيين فيما يحدث الآن على الساحة السياسية من تحرك عفوي للشارع بكل ما يحمله استياء المواطنين من غلاء الأسعار، والإرهاب الديني بكل أشكاله، وتصفية للمعارضين، وعودة الدور الريادي لوزارة الداخلية في القتل والتعذيب الممنهج للثوار وبدم بارد، وكل ذلك الحراك دون غطاء ثوري يحمي الجماهير من قمع النظام أو انتهازية قوى المعارضة السياسية.

تلك المعضلة تتركز حول غياب التنظيم الثوري الفعال، بغض النظر عن ما يسمى بجبهة “إنقاذ النظام القديم” لا توجد على الساحة المصرية جبهة يساريه ثورية موحدة، فالعمال مشتتين بين إضرابات تقتصر معظمها على: رفع الأجور، أو تثبيت العمالة المؤقتة، أو مقاومة الفصل التعسفي وإغلاق المصانع.

لم يتطور الوعي العمالي بدرجات متساوية بعد، وهي حقيقة لا يجب أن نخجل منها، من أجل ربط الاضرابات الإقتصادية بالمطالب السياسية الاجتماعية. وان كانت إضرابات “سياسية” حدثت بالفعل في الـ11 يوم التي سبقت إسقاط مبارك، ثم تلتها بعد ذلك بعض الإضرابات العمالية ضد عسكرة مؤسسات الدولة أو للمطالبة بتطهير الشركات من فلول الحزب الوطني.. ولكن تلك التحركات كانت متفرقة وغير منسقة وتتم في قطاعات عمالية دون الأخرى، وهو ما يوضح تباين الوعي العمالي وإختلافه بين قطاعات العمال المختلفة، فهناك قطاعات متقدمة في الوعي وأخرى ما زالت متخلفة، وحتى في داخل القطاع الواحد أو المصنع الواحد تتباين أيضا مستويات وعي العمال.

إن ارتباط المطالب السياسية بالمطالب الاجتماعية هو ارتباط وثيق، ولعل أبسط مثال على ذلك قرض الصندوق الدولي وشروط الصندوق من أجل الموافقة على القرض ، وما تبعة من إجراءات التقشف ورفع الدعم من على السلع الاساسية، وما يتبع ذلك إملاءات سياسية تتبعها الحكومة حتى ولو امتعضت عامة الشعب على ذلك.

إن الشارع الآن يتحدث بلغة أقرب للثورية عبارات (إسقاط النظام.. يسقط حكم المرشد)، والهتافات المنادية بالعدالة الاجتماعية وبتطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور جميعها أصبحت على كل لسان، الثوري منها والانتهازي، بين الذي يدعوا لاضرابات عامة من أجل ربط الأجر بالأسعار والذي يدعوا لاضرابات من أجل ضمان إنتخابات برلمانية “نزيهة” على حد وصفة… بدون الحزب الثوري الذي يمثل مصالح الطبقة العاملة والفقراء أصبحت الشعارات الإجتماعية والدعوات للحراك في الشارع في أحيان كثيرة أشبه بمن يحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب دون أن يوجه هذا الحراك لقلب المؤسسات البرجوازية لضربها في مقتل.

وفي ظل غياب “البديل الثوري” فإن العودة للماضي تبدوا أكثر واقعية لدى قطاعات كبيرة من الجماهير، تلك القطاعات الجماهيرية هي من أعطت شفيق حوالي 48.3% ومرسي  51.7% في الانتخابات الرئاسية الماضية تلك النسب لا تعبر بالضرورة عن إعجابها بـ(رئيس وزراء موقعة الجمل)، أو حتى بمرشح الاخوان المسلمين صاحب (الكاريزما المفزعة)، فلا يمكن لوم 48% ممن يقعون تحت خط الفقر ولا يمكن إلقاء اللوم ببساطة على “الأميين أو الجهلة”، على ما وصلت إليه نتيجة الاستفتاء الاخيرة على الدستور كما قال أحد الساسة.. اللوم يقع بالأساس على من لم يبني ويقدم للجماهير البديل الثوري، تلك هي الحقيقة المرة.

إن ضرورة وجود حزب ثوري يتبنى خطابا راديكاليا ثوريا، ويطرح برنامجا اشتراكيا ثوريا، بآليات محددة في مواجهة مؤسسات الدولة البرجوازية (الجيش – الشرطة – القضاء – رجال الأعمال)، قد أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت، ليس فقط لتمكين الطبقة العاملة وتوحيد نضالاها، بل ولنقل الصراع العمالي من مجرد الحصول على بضع مكاسب لدى صاحب المصنع إلى ما هو أبعد من ذلك، لينتقل الصراع  مع هذا الرأسمالي إلى ذاك النظام الذي يغذي هذه الطفيليات من أصلها.