بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

لماذا نعادي الإمبريالية؟

جاء العدوان الصهيوني على لبنان والصمود الباسل للمقاومة الإسلامية الممثلة في حزب الله ليعيد طرح الأسئلة حول العلاقة بالإمبريالية (الاستعمار) بشكل عام وفي منطقتنا بشكل خاص، وبالتالي فليس من الغريب أن نكتب هنا مقال بهذا العنوان. العداء للإمبريالية إحدى بديهيات اليسار الثوري إن لم يكن اليسار بشكل عام ولكن لا ينبغي التعامل مع هذا كدوجما (أمر مسلم به وغير قابل للتفسير) بل قد يكون من المفيد دائما إعادة طرح الأفكار الأساسية التي تحكم موقفنا من الامبريالية.

الإمبريالية هي الأداة العسكرية للرأسمالية العالمية. كان هذا صحيحا في فترة نشأتها في صعود الرأسمالية الكولونيالية (الاستعمارية) والتي كانت تحتل دولا نائية أقل تقدما مستغلة ثرواتها ومواردها وتحولها لأسواق لبضائعها، ومازال صحيحا حتى الآن.

في فترة ما بعض الحرب العالمية الثانية واتساع حركات التحرر الوطني ظهرت الإمبريالية الجديدة حيث تخلت عن الاحتلال العسكري لتعتمد على التحكم السياسي والاقتصادي، فالعولمة الاقتصادية والسياسية الليبرالية الجديدة هي الوجه الجديد للامبريالية، ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي هم أدواتها الجديدة.

ولعبت الإمبريالية دورا هاما في تشكيل منطقة الشرق الأوسط وفي التحكم في مقدرات شعوبها، ولكن أهم ما أنجزته القوى الاستعمارية كان زرع دولة إسرائيل على أرض فلسطين كقاعدة أمامية لحماية المصالح الإمبريالية في المنطقة.

ولكن الاستعمار الجديد ما زال يحتاج للأدوات القديمة-الدبابة والطائرة والصاروخ- وبالتالي نجده في منطقتنا يعود بعدته وعتاده ليرسم خريطة المنطقة بما يناسب مصالحه وليقتلع جيوب المقاومة التي لم تخضع بعد… اليوم القوى الاستعمارية موجودة بقوة السلاح في فلسطين ولبنان وفي العراق وأفغانستان.

وبالتالي فالقول بأن الوقوف ضد الإمبريالية هي مسألة ثانوية بالنسبة لليساريين قول خاطئ ومضلل، فالإمبريالية هي ممثل الرأسمالية على مستوى العالم، والنضال ضدها هو استكمال للصراع الطبقي ولكن على مستوى عالمي. النضال ضد الامبريالية ليس مهمة القوميين –والإسلاميين- وحدهم بل واجب كل يساري على مستوى العالم. الثوري الروسي فلاديمير لينين خاض مثل هذا الصراع الفكري في بدايات القرن حيث واجه الأفكار التي ادعت أن الاشتراكية كحركة أممية يجب أن تدعو للوقوف ضد كافة الأشكال القومية حتى التحررية منها. لينين دافع عن أنه على الثوريين أن يرتبطوا بحركات التحرر هذه مع احتفاظهم باستقلالية التحليل والدعاية التي تربط بين الصراع الطبقي وبين النضال ضد الاستعمار.

وفي منطقتنا بالذات حيث يتواجد الاستعمار بعدته وعتاده وقواته فواجب اليساريين منا مواجهته بكل شكل متاح. فالمذابح اليومية التي ترتكبها الإمبريالية في منطقتنا تلعب دورا في تثوير الآلاف من الشباب ودفعهم للبحث عن إجابات حول أسباب الهجمة الاستعمارية وأساليب مواجهتها ونضالنا ضد الإمبريالية ليس تذيلا للقوميين والإسلاميين بل الغياب عن مثل هذه الساحة هو ما يتركها للأفكار القومية أو الدينية وهو ما نرفضه. فنحن لا نرى الهجمة الاستعمارية كجزء من مخطط معادي للعرب والمسلمين أو جزء من حملة “صليبية” تستهدف الإسلام كدين، بل كجزء من أدوات الرأسمالية العالمية للهيمنة والسيطرة.

تأييد غير مشروط
وهناك القول بإن الطبيعة الإسلامية (وبالتالي الرجعية) لحركات المقاومة مثل حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين تمنع الاشتراكيين واليساريين من تأييدها. إذ كيف يمكن أن نؤيد من يؤمنون بالأفكار الغيبية ولا يقفون ضد اضطهاد المرأة والأقليات، وكيف نؤيدهم دون قيد أو شرط. والرد هنا بسيط نحن نؤيدهم في مقاومتهم للامبريالية، لإسرائيل وأمريكا، إذ كيف نضع شروط، فالشروط في حال عدم تنفيذها تعني توقفنا عن دعمهم، وبالتالي تعني أننا في ظروف معينة قد ندعم الإمبريالية-أمريكا وإسرائيل- ولا أظن أن أحدا يوافق على هذا. التأييد غير المشروط لا يعني ألا ننقد أفكار تلك الحركات- فرؤيتنا ترفض منطق صراع الأديان أو الاستهداف المفترض غير المبرر للإسلام، كما أننا نرى تحرير الأراضي المحتلة ومناهضة الاستعمار لن يتحقق بنضال مجموعات وحركات من المجاهدين والاستشهاديين فحسب، بل بنضال الجماهير العربية بطبقاتها العاملة والفقراء والكادحين. هذا النقد لا يمكن ولا يجب أن يحول دون تأييدنا للمقاومة في اللحظة التي تحمل فيها السلاح وتواجه وحدها الآلة العسكرية الإسرائيلية أو الأمريكية.

السؤال الأهم
إن نضال الاشتراكيين واليساريين ضد الإمبريالية جزء أصيل من نضالهم من أجل حياة أفضل للأغلبية الساحقة من سكان الأرض، من أجل الفقراء والكادحين. والسؤال هنا أي نتيجة للحرب ستكون في صالح هؤلاء الكادحين؟ هل انتصار أمريكا في العراق وأفغانستان أو إسرائيل في فلسطين ولبنان سيمثل الدفع المعنوي لنضال الفقراء والكادحين على مستوى العالم أم انتصار المقاومة. انتصار المقاومة وهزيمة الإمبريالية في هذه المرحلة سيكون لها أكبر الأثر على زلزلة المشروع الإمبريالي على مستوى العالم وهز عروش الحكام العملاء والمتواطئين أمثال مبارك وعبد الله، وتشجيع نضال المقهورين في مصر وفي كل مكان. فالمجد إذن، وبالضرورة، للمقاومة.