بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

قديمة يا "عسكري"

المجلس الاستشاري.. مناورة جديدة لاستبداد العسكر بالسلطة

بعد قرار حسني مبارك تمليك العسكر زمام الحكم في البلاد، وبعد مسودة إعلان دستوري صاغتها مجموعة اختارها المجلس العسكري، وبعد استفتاء على المشروع جاءت نتيجته بـ”نعم”، ثم فرض إعلان دستوري، يضيف على المواد القليلة التي شملها الاستفتاء49 مادة من دستور 71، الذي ادعى المجلس أنها ألغاه، وإضافة مادة تفوض المجلس العسكري في السلطات التنفيذية والتشريعية في البلاد، علاوة على محاكمة المدنيين باستثناء رموز النظام السابق وعلى رأسهم الرئيس المخلوع، بحيث أصبح لدينا دستور مؤقت كتبه العسكر وفرضوه.

وبعد عدة مراسيم قوانين، وإعلانين دستوريين، ووثائق كان آخرها ما عرف باسم وثيقة السلمي، وكلها محاولات لإلهاء الجماهير عن أهداف الثورة، ومن أجل إحكام قبضة المجلس العسكري على السلطة، وتجاوز انتخابات البرلمان أو الرئاسة، تفتق ذهن المجلس العسكري عن شكل جديد: “المجلس الاستشاري”

مجلس من الخبراء وممثلي القوى والرموز السياسية قيل في البداية أنها لا تتجاوز كونها هيئة لإبداء الرأي. حيث أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن مهمة المجلس الاستشاري التي نص عليها في قرار إنشائه، معاونة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في جميع الأمور التي تهم البلاد والرأي العام وتنتهي مهمته بمجرد انعقاد مجلسي الشعب والشورى..
وذلك فيما يتعلق بإبداء الرأي في القوانين والاتفاقيات الدولية وتنتهي مهمة المجلس الاستشاري بإتمام انتخاب رئيس الجمهورية وستبدأ أعمال المجلس الاستشاري بمناقشة مشروعي قانوني انتخاب رئيس الجمهورية والإجراءات الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد .

ماذا نستخلص من هذه المهام التي وردت على لسان المجلس العسكري؟
أولا أن المجلس لن يتوقف عن إصدار التشريعات رغم انتخابات البرلمان الدائرة. ولن يؤجل التوقيع على أي اتفاقيات دولية أو محلية لحين استكمال البرلمان.
ففي مواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وما سوف يترتب عليها من احتجاجات واعتصامات، والاحتجاجات الشعبية المطالبة بالقصاص لمصابي الثورة والشهداء، ووقف المحاكمات العسكرية واسترداد الشركات المحكوم لها بالعودة لملكية الدولة، ومطالبة العمالية بالأجور والحوافز الخ.. يحتاج المجلس العسكري إلى عدد من القوانين القمعية، على شاكلة قانون تجريم الإضرابات والاعتصامات بحيث لا يتمكن من الانتظار إلى نهاية يناير.

ثم أن الذكرى الأولى لثورة 25 يناير سوف تحل قريبا دون استكمال محاكمات مبارك ورموزه وضباطه، بل مع إضافة قائمة جديدة من شهداء نوفمبر، وديسمبر، إلى شهداء الشهور العشر الماضية دون بوادر لقصاص أو محاكمات عادلة في الأفق..

والمتوقع بالفعل، أن يستغل المجلس هذه الفترة لتمرير ما يشاء من تشريعات، حتى ولو لم يوافق عليها المجلس الاستشاري حيث أن دوره لا يتجاوز إبداء الرأي، لكن العسكر غير ملزمين بالأخذ به.

أما أولى أعمال المجلس الاستشاري فتتمثل في مناقشة مشروعي قانوني انتخاب رئيس الجمهورية والإجراءات الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد.. أي أنها وثيقة السلمي مرة أخرى. فشل المجلس في تحقيق التوافق عليها فقرر أن ينشئ مجلسه الخاص ليقدم اقتراحاته بشأنها، فإن كسب رضا العسكر كان بها، وأن لم يكسبها فلا حرج على العسكر لأنهم “مستشارين”.

الإخوان المسلمون ممثلون في حزب الحرية والعدالة استشعروا خطر المجلس الاستشاري، وقد لاحت في الأفق الأغلبية البرلمانية التي سوف تمكنهم مما كان العسكر يمكنونهم منه من قبل.. فلماذا الاكتفاء بموقع المستشارين، وقد لعبوه بامتياز منذ خلع مبارك، إذا كان موقع المشرعين اصبح قريبا؟ ومن ثم انسحبوا من تشكيله بعد أن اتضح لهم انه قد يضفي شرعية على اختلاس المجلس العسكري قدرا من سلطات البرلمان.

أما باقي أعضاء المجلس الاستشاري فهم إما واهمون بشأن قدراتهم في التأثير على قرار العسكر أو أنهم ممن هرولوا، حتى قبل يوم 11 فبراير إلى كل موائد المفاوضات ولبوا كل دعوات السلطة “للتشاور أيضا” سواء كانت ممثلة في عمر سليمان أو أحمد شفيق..

فكان القرب من السلطة والأمل في نصيب ولو قليل من الكعكة هو الدافع والهدف.. هؤلاء وهؤلاء اختاروا من خلال قبولهم هذا المنصب الشرفي، غير الشريف، أن يكونوا مستشارين لقتلة الثوار وسارقي نور عيونهم.. في حين قرر بعضهم عدم مواصلة المهزلة بعد مذبحة مجلس الوزراء..

في الجولة القادمة لن تفيدهم الخطب والصلاة على روح الشهداء.. فقد حسموا أمرهم بأنفسهم وانضموا إلى معسكر الثورة المضادة.