حوار مع كمال خليل القيادي بحزب العمال الديمقراطي:
الميدان والانتخابات والعمال
باعتبارك أحد قادة حزب العمال الديمقراطي، هل يشارك العمال في الاعتصام الحالي بميدان التحرير؟
يشارك الكثير من العمال في الاعتصام القائم بميدان التحرير حالياً ويمثلهم اتحاد النقابات المستقلة، وكانت قوى عمالية قد نظمت مسيرة يوم الجمعة 25 فبراير انطلقت من مقر اتحاد النقابات المستقلة وصولاً إلى الميدان تضامناً مع ثوار التحرير.
وكان الاتحاد قد نظم اجتماعاً أول أمس (الاثنين 28 نوفمبر)، كنت حاضراً فيه بجانب عدد من الزملاء في حزب العمال الديمقراطي، لمناقشة كيفية المساهمة في تنظيم المبيت الاعتصام بالميدان وكيفية استمرار الاعتصام، إلخ. لكن العمال يتواجدون في مصانعهم نهاراً، لذا فهم يتواجدون بعد انتهاء فترات عملهم.
ماذا تتوقع بالنسبة لحركة الطبقة العاملة في الفترة القادمة؟
تدافع الطبقة العاملة، من قبل بداية الثورة وحتى الآن، عن الشعارات الأساسية التي رفعتها الثورة "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". ومنذ ديسمبر 2006، انطلقت موجة ضخمة من الإضرابات العمالية التي جاءت في إطار المطالبة بالعدالة الاجتماعية حيث تحسين مستوى الأجور وتحسين شروط العمل، إلخ.
وبعد قيام الثورة واستيلاء المجلس العسكري على السلطة، ظل العمال يدافعون عن هذه الحقوق، وفي المقابل تحملوا الكثير من المصاعب في سبيلها؛ فقد واجهت القيادات العمالية التعسف والفصل من العمل، علاوة على تحويل بعضهم للمحاكمات العسكرية. لكنهم وقفوا بحزم ضد القوانين المقيدة لنضالهم والتي فرضها العسكر، كقانون تجريم الإضرابات، فيما ظلت الحركة العمالية طوال الأشهر الماضية في حالة تصاعد هائل.
أعتقد أن الفترة القادمة ستشهد تصاعداً بشكل أكبر؛ فليس من المتوقع أن تمنح حكومة الجنزوري أي مكاسب للطبقة العاملة، وبالتالي فإن موجة الإضرابات العمالية سترتفع حين لن يجد العمال طريقاً سوى انتزاع حقوقهم ومطالبهم باستكمال النضال بالإضرابات والاعتصامات. وفي هذا السياق، من المتوقع أيضاً أن تشهد الفترة القادمة انتعاشة كبيرة في النقابات المستقلة سواء من حيث عددها وانتشارها أو من حيث درجة تنظيمها ووحدتها.
وبالفعل تشهد النقابات المستقلة اليوم انتشاراً واسع النطاق، ويساهم حزب العمال الديمقراطي بشكل شبه يومي في إنشاء نقابات مستقلة سواء لعمال المصانع أو عمال البناء أو الصيادين، وحتى لمتحدي الإعاقة وغيرهم. وستصبح الحركة العمالية أكثر قدرة على بلورة نفسها في أشكال تنظيمية قاعدية، كالنقابات المستقلة وغيرها، كلما استمرت في النضال وتقدمت فيه.
ما رأيك في الجدال السائد حالياً حول الموقف من الانتخابات البرلمانية؟
اتخذ حزب العمال الديمقراطي قراره بمقاطعة الانتخابات البرلمانية بشكل نهائي؛ فهذه الانتخابات تتم في أجواء غير ديمقراطية؛ فكيف نشارك في الانتخابات وهناك ما يزيد عن 12 ألف من المدنيين الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية؟ بالإضافة إلى استمرار حالة الطوارئ والقوانين القمعية والمعادية للثورة. كيف نشارك في الانتخابات في ظل حكم العسكر وفي ظل مشاركة فلول الحزب الوطني؟
كل هذه العوامل سوف تنتج برلماناً معادياً للثورة، فليس هناك أي شروط أو ضمانات ديمقراطية في هذه الانتخابات. هذا علاوة على استخدام الانتخابات البرلمانية نفسها لإشغال الجماهير عن المطالب الأساسية للثورة طوال الفترة التي تعقد فيها الانتخابات حتى منتصف يناير القادم. على سبيل المثال، نجح اعتصام 8 يوليو في إيداع مبارك في قفص الاتهام، لكن الانشغال العام بالانتخابات قد غطى تماماً على محاكمة مبارك وقتلة الثوار والتي يتم المماطلة والتسويف فيها.
وإلى ماذا تدعو في الوقت الراهن؟
بالطبع أدعو إلى مقاطعة الانتخابات. أما بخصوص الاعتصام الحالي، فلابد أن نصمد فيه لأطول فترة ممكنة، على الأقل حتى نحقق بعض المطالب التي يرفعها الاعتصام، مثل الإفراج عن المدنيين المعتقلين الآن في السجون الحربية بموجب المحاكمات العسكرية التي تعرضوا لها. وإذا استمر الاعتصام بقوة أكبر ونجح في جذب الآلاف من الرافضين لحكم العسكر، سيتمكن الاعتصام من انتزاع مطالب هامة.
يتفق كافة المعتصمين على رفض الحكم العسكري وعلى ضرورة تشكيل مجلس مدني يقود البلاد، وتكون أول مهامه هي محاكمة قتلة الشهداء في محمد محمود الذين شنوا حرباً كيماوية ضد الثوار في الميدان، ومحاكمتهم على قتل شهداء ماسبيرو وشهداء السفارة وشهداء 25 يناير.
هناك أهمية كبيرة لأن يستمر الاعتصام ويصبح أكثر عدداً وتنظيماً. صحيح أن عدد المعتصمين ليس كبيراً، لكنه من ناحية أكبر من اعتصام 8 يوليو الذي استمر نحو 21 يوماً من حيث حجم التجمعات علاوة على اعتصام مجلس الوزراء. ومن ناحية أخرى حين يتعرض الاعتصاد لأي تهديد، يتوافد المتظاهرون للمشاركة وحماية الاعتصام، كما حدث أثناء هجوم البلطجية على الميدان الثلاثاء 29 نوفمبر.
وقد دعونا للمشاركة في مليونية رد الاعتبار للشهداء الجمعة 2 ديسمبر كخطوة في استمرار الاعتصام الذي يمثل اليوم جوهر مهم للثورة، أما البرلمان فلا ولن يمثل الثورة.. من ذهبوا للبرلمان فليحصدوا الكراسي، والثورة سوف تشق طريقها.