النار تشتعل تحت أقدام العسكر.. لن تمروا

تشتعل نار الثورة من جديد، في الميادين وفي الجامعة وفي المصانع، فطريق الثورة المضادة لن يكون مفروشًا بالزهور.. لن يمر قانون حظر التظاهر الذي سبق أن فشلت محاولات تمريره، وكما فشل قانون الطوارئ في ترهيب الجماهير التي كسرت حاجز الصمت منذ 2005، لن تفلح تلك المحاولات المتكررة البائسة من العسكر لتمرير قانون المحاكمات العسكرية وقانون حظر التظاهر.
ولن يلهينا تصاعد الأحداث وملاحقة تداعياتها عن طبخة الدستور التي جُند لها خمسين طباخ على الفرازة، لكن رائحتها العفنة لن تمكن أحد من ابتلاعها.
وضع العسكر سيناريو تمرير القوانين القمعية المذكورة، وضرب أية محاولة من الثوار للنضال ضدها. وعلى طريقة ما قبل الثورة، اعتدت الداخلية على الناشطات والنشطاء وألقوا ببعضهن على الطريق الصحراوي، بعد الاعتداء والتحرش السافر، بينما لفقوا لآخرين تهما سابقة التجهيز.
لكن مسيرة اليوم التالي (الأربعاء 27 نوفمبر2013) أكدت أن الثوار على طريقهم ولن يرضخوا لقوانين العسكر القمعية. وقد عاد الأمر للتصاعد بعد اقتحام الداخلية للحرم الجامعي وقتل الشهيد الطالب محمد رضا، بل واتهام زملائه بقتله في تصريح وقح، أيده الوزير حسام عيسى، بتصريح “الخرطوش بيلسع”.. لينضم مع كمال أبو عيطة وأحمد البرعي، وغيرهم من قائمة “الثوار السابقين” الذين حرقوا أنفسهم أمام الجماهير.
يتزامن نضال الطلاب مع نضال العمال الذي تصاعد في مصنع حلوان للحديد والصلب، للمطالبة بحق العمال في الأرباح المتأخرة.
وعلى جانب النظام، أصبحت مهمة الآلة الدعائية للنظام ليس تجميل وجهه وتبرير جرائمه، بل الدعاية الفاشية الفاجرة، التي أصبحت تجد من يقبلها ويروج لها، بل ومن يزايد عليها.
تظل لعبة النظام القذرة في استخدام آلة القمع بالتوازي مع حملة التشهير والتشويه التي يشنها عبر الصحف والفضائيات، وتحويل “الإخوان” إلى فزاعة لإرهاب الثوار وعزل الجماهير. بينما تقوم دعاية الإخوان على سرقة شعارات الثورة، وركوب أية احتجاجات بانتهازية ووقاحة غير مسبوقة، كما حدث في مظاهرات جامعة القاهرة (الأحد الأول من ديسمبر).
ولكن هل ننسى في غمرة الأحداث أن هؤلاء المتصارعين، العسكر والفلول من ناحية والإخوان من ناحية أخرى، قد تآمروا طيلة سنوات ثلاث للقضاء على الثورة، واقتسام الكعكة! وهل نحن من السذاجة أن نختار من بين من قتلونا ومن خانونا.. خاصة مع مرور ذكرى أحداث فارقة في تاريخ الثورة: محمد محمود الأولى والثانية، ومجلس الوزراء، والاتحادية.
من المؤسف أن يقع معسكر الثوار ضحية هذا الاختيار المقزز، ومن المؤسف أن يروج الدعاية القذرة للنظام، ويتراشق بتهم الخيانة والانتهازية، حتى بدت الفروق في المواقف داخل معسكر الثورة، وكانها أكبر من الفروق بينهم وبين معسكر الثورة المضادة، الذي يمثله الفلول والعسكر والإخوان على حد سواء.
ومع هذه الموجة المبشرة، تظل الحركة العمالية والحركة الطلابية، كل منهم في وادٍ، لا يربط بينه سوى بعض النشطاء الواعين بوحدة النضال ضد العدو الواحد. القطاران يندفعان بقوة ولكن كلاً في طريق، رغم وحدة الهدف في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
تقف الطبقة الحاكمة بكل أدواتها من أجهزة ومؤسسات وأدوات قمع وأموال متدفقة، أمام قوة الثوار التي تشتد يوماً بعد الآخر، والتي كلما ظنوا أنها خفتت، تعود من جديد، لكنها للأسف تفتقر إلى الوحدة والتنظيم، والوحدة لن تنشأ عن طريق العمل الموحد على الأرض والتقاء الثوار معاً وحسب، بل يجب أيضاً بذل كافة الجهود للانخراط بين صفوف الجماهير.. ليكن المصنع والجامعة والميدان “إيد واحدة”.