بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الثورة وإفلاس النظام الاقتصادي لجنرالات مبارك

تحرك الجماهير صوب المطالبة ببناء نظام اقتصادي جديد يحقق العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الانسانية هو التحول التاريخي الأساسي الذي فجرته ثورتنا في الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن.

وبالتالي فإن المنعطفات الأساسية خلال عام من حكم العسكر توضح مدى استبسالهم واستعدادهم لإرتكاب المجازر في سبييل أن تظل التغيرات الرئيسية في البلاد بعيدة عن جوهر النظام الاقتصادي التي يقوم عليه المجتمع والعلاقات الاجتماعية التي يؤسسها. فالحفاظ علي النموذج الاقتصادي الرأسمالي الحالي هو مفتاح فهم خيارات العسكر وجرائمهم.

حيث أنهم يدركون أن النظام السياسي الذى يحافظ علي تدفق الأموال في شرايين اقتصاد والذى يسيطرون علي جزء كبير منه يجب أن يكون نظام قمعي ومستبد ومعادي لأبسط الحريات لذلك هم يعرفون أنه لا مفر بالنسبة لهم من أعادة انتاج نظام مبارك القمعي ربما بحلة جديدة.

ومن هنا يمكن اعتبار البعد الاقتصادي، بمثابة المنطلق الحقيقي لفهم عملية انتقال السلطة سواء فيما يتعلق بالبرلمان الجديد الذى يسيطر عليه الإخوان المسلمين أو انتخاب الرئيس القادم.

إن الثورة كانت تعني بالنسبة للجماهير أول ما تعني عجلة انتاج جديدة في نظام اقتصادي أخر قائم علي العدالة الاجتماعية، نظام اقتصادي أخر جوهرة إرضاء الحاجات الإنسانية الأولية والمباشرة للمصريين كالحق في العمل والسكن والصحة والتعليم.

كما يقول المحامي الاشتراكي هيثم محمدين فأنه "على مدار ال30سنة الاخيرة "على الاقل" ..من سياسات الرأسمالية المصرية المرتبطة بالرأسمالية الامريكية برباط لا ينفصم ..لم يجنى العمال المصريين من ادارتهم "لعجلة الانتاج" ..الا الفقر ..تشريد مئات الالاف من المصانع بالمعاش المبكر "الموت المبكر " ..فصل مئات الالاف من وظائفهم .. العمل بالسخرة فى المناطق الصناعية الجديدة .. اجور متدنية للغاية .. غياب التأمين الصحى والاجتماعى .. فى حين حصد رجال الاعمال مئات المليارات التى انتجها العمال على حساب.. راحتهم وصحتهم.. عفوآ لاتطلبوا من المسروق دعم السارق".

كتب هيثم محمدين هذا التعليق علي صفحته علي الفيسبوك ردا علي مبادرة الشيخ محمد حسان لجمع تبرعات بما يساوى قيمة المعونة الأمريكية تلك المباردة التي تلقت دعما من قبل الحكومة ومشيخة الأزهر بل قامت بعض المصانع والهيئات الحكومية بخصم أجر يوم عمل من مرتبات العاملين لديها كتبرع لدعم هذه المبادرة.

بالتأكيد المعونة الأمريكية كما نعلم جميعا هي كالموازنة العامة المصرية توضع في الاساس لخدمة الطبقة الحاكمة من رجال حكم ورجال أعمال وأغنياء فالنظام الحاكم تلقي نحو 50 مليار دولار مساعدات أمريكية منذ نهاية السببعينات ولايزال 65% من الشعب تحت خط الفقر طبقا للمعدلات العالمية، فنظرة واحدة للعشوائيات التي يسكن بها عشرات الملايين كافية لنتبين مدى تفشي الفقروالبؤس بين المصريين.

. إن فاتورة الحفاظ علي جوهرنظام مبارك الاقتصادي من قبل العسكر تدفعها الجماهير فسياساتهم الإقتصادية، والتى لاتخدم سوى مصالحهم ومصالح رجال الأعمال أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة وزيادة العجز في الموازنة العامة للدولة وتراجع الاحتياطي الأجنبي، ويعتقد الكثير من خبراء الاقتصاد أن الأسوأ في عملية التدهور الاقتصادي لهذا النموذج الرأسمالي لم يأتي بعد.

هيلودور تيمبرون، عضو المفوضية الأوروبية، أعرب في سياق الإعلان عن عزم الاتحاد الأوروبي تقديم معونة بقيمة ٥٠٠ مليون يورو لمصر عن تخوفه من نفاد احتياطى النقد الأجنبى لدى مصر خلال نحو 6 أشهر ونقص السيولة إذ فقدت مصر نحو 20 مليار دولار من الاحتياطى ( بما يعادل 2.3 مليار دولار شهريا) من أصل 36 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2010.

ويتوقع بعض المحللين أن يصل عجز الموازنة خلال العام الجارى إلى نحو 11.8 % من الناتج المحلي الإجمالي ويشير عضو المفوضية الأوروبية إلى إمكانية أن يصل الى معدلات خطرة بنحو 100 % من الناتج المحلي الا جمالي (اي حوالي 220 مليار دولار) خلال أعوام قليلة مع استمرار حالة عدم الاستقرار!! (نعم يا رفيقي هم يقصدون بعدم الاستقرار عملية استمرار الثورة).

شركة "سي آي كابيتال" تعد الذراع البحثي للبنك التجاري الدولي والتقارير التي تصدرها من أهم رؤوس الحربة في الفكر اليمين الرأسمالي المصري بحانب أبحاث شركتي هيرمس وبلتون فانشيال. هذه الشركة أصدرت" تقريرا الأسبوع الماضي يتوقع مزيدا من لإضطرابات العنيفة على مستويات الإقتصاد الكلي المصري حيث تتوقع انكماشا في الناتج المحلي الإجملي للبلاد بنسبة 0.3% سنويا خلال الربع الرابع من عام 2011، مقارنة مع نمو بنسبة 0.3% خلال الربع الثالث.

وأرجعت سي آي كابيتال توقعها بتراجع الناتج المحلى الاجمالى:" نتيجة لتوقعات بتراجع حاد للاستثمار الأجنبي المباشر خلال تلك الفترة بمقدار 38% ليصل الى 360 مليون دولار وتراجع إيرادات السياحة بشكل كبير على خلفية التوترات السياسية والأمنية – تصاعد الموجة الثورية ماسبيرو محمد محمود أحداث مجلس الوزراء – التي شهدتها الثلاثة الاشهر الأخيرة من العام الماضي."

وأوضحت الشركة أن خفض التصنيف الائتمانى لمصر من قبل العديد من وكالات التصنيف الدولية أدى إلي تعزيز النظرة السلبية بالنسبة لعملية الاستثمار في البلاد وقدرتها علي الاقتراض من الخارج.وعدم قدرتها أيضا على تسديد اقساط الدين الخارجى بالإضافة إلي عدم قدرتها علي الحفاظ على قيمة الجنيه مع إمكانية زيادة الفوائد على القروض الأجنبية. مؤكدة أن الديون الداخلية للنظام الاقتصادي المصري تجاوزت المرحلة الآمنة بصورة خطيرة حيث وصلت لأكثر من ألف مليار جينه.

وتحتاج الحكومة إلي نحو 12 مليار دولار تمويلا خارجيا عاجلا خلال العام المالي الجاري والقادم لإنقاذ اقتصاد نظام مبارك.

في الوقت الذى يقول فيه المحللون وفقا لوكالة "رويترز للأنباء"، إن هناك صعوبات تقف في طريق مصر من أجل تأمين الحصول علي قروض أجنبية، حيث أوضحت الوكالة في تقرير لها:" أن مصر تواجه نضالاً من أجل الحصول على القرض الذي تبلغ قيمته 3.2 مليار دولار، والذي يعتبره خبراء الاقتصاد مهماً من أجل تجنب أزمة فى ميزان المدفوعات وربما يكون ضئيلاً للغاية فى حالة الحصول عليه".

يبدو أن النظام الاقتصادي الرأسمالي الذى يدافع عنه المجلس العسكري ويدعمه الإخوان كما هو واضحا للجميع سيصل لطريق مسدود عما قريب تحت ضربات الاضطرابات الأمنية والسياسية وعدم الاستقرار وكل الأسماء الحركية لمعني واحد هو استمرار الثورة الخطر الداهم الذى يقض مضاجعهم ويزلزل نظامهم.

حلم وأد الثورة من قبل العسكر وحلفائهم بالتأكيد سيتحول إلي كوابيس من خلال موجات الصعود في ثورتنا ..

ثورة الجماهير العريضة التي تريد العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الانسانية ولن تهدأ هذه الجماهير وتستقر إلا بعد الإطاحة بالتحالف السياسي الطبقى الحاكم الذى يستميت في محاولة اضفاء المشروعية على نظام اقتصادي واجتماعي فاسد مستغل ومعادي للجماهير.

اقرأ أيضاً:

مطالبنا ومصالحهم: قراءة سريعة في الأزمة الاقتصادية

فساد أم استغلال اقتصادي؟