بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الطائفية.. الجدار.. التوريث

استقبلت مصر العام الجديد بمصادمات عنف طائفي في نجع حمادي، وبحملة حكومية لتبرير الجدار الفولاذي لتشديد الحصار على أهالي غزة، أم أحاديث التوريث و مستقبل النظام فهو الحديث المتواصل، الذي لم ينقطع منذ فترة طويلة في الشارع السياسي في مصر.

خطورة ما حدث في نجع حمادي تكمن فأنه قمة جبل الثلج، فحوادث العنف الطائفي بلغت في العام الماضي أرقاما قياسية، تأتي تلك الحوادث كنتيجة لمجمل سياسات النظام، من خصخصة ورفع لدعم، وانحياز الدولة لرجال الأعمال، وسوء الخدمات. هكذا أصبح الفقر، والبطالة، وفقدان الأمل والأمان في المستقبل، هو الهم المشترك للسواد الأعظم من المصريين.

يجب النظر للطائفية باعتبارها مؤشر لمدى الغضب المتراكم عند الطبقات الشعبية، لكن للأسف في الاتجاه الخطأ، في اتجاه أصحاب الديانات الأخرى، ولن تخدم الطائفية إلا الطبقات الحاكمة. لقد لعب السادات من قبل بالورقة الطائفية، وهاهو مبارك يكرسها، ويحافظ على مسبباتها.

ليس عجيباً أن يشهد عهد مبارك هذا السعي المحموم نحو الهجرة، من كل أطياف الشعب المصري، مسلمين ومسيحيين، حتى لو كان الموت في عرض البحر ثمن ذلك. حيث لا أمل لهؤلاء المهاجرين في حياة كريمة، في ظل هذا النظام، الذي تكلس أو أصابه الجمود منذ سنين، ورغم ذلك ظل متشبثا بالسلطة ، طوال 28 عام، و يرغب في توريثها إن أمكن، وأدواته في ذلك جيش ضخم من أفراد الأمن، وكذلك إعلام فاشل، لا يتورع عن الكذب آناء الليل وأطراف النهار.

لكن أهم ما يعول عليه نظام مبارك في الاستمرار هو تقديم خدماته للإمبريالية الأمريكية و لحليفتها الكيان الصهيوني، لا يمكن فهم إصرار مبارك وعصابته على حصار الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة، على مدار الثلاث سنوات الماضية، إلا في هذا السياق.

لما تحايل الشعب الفلسطيني البطل على الحصار بالأنفاق، فكر الأمريكيون و الصهاينة، بتقنية جديدة، جدار فولاذي، يصنعه الأمريكيون، ويشرفون على تركيبه، تضمن لهم الحصار الكامل، وجاء الأمر لمبارك بالتنفيذ.

كان لابد أن يفتعل نظام مبارك أزمة مع قافلة شريان الحياة، حتى يبرر أنه لن يسمح بأي قافلة بالمرور في المستقبل. لقد قرروا معاقبة أهالي غزة، لاحتضانهم المقاومة، حتى يدفعوا أهل غزة لثورة على حماس، عندما يشتد الجوع والمرض، هذا هو المخطط الأمريكي الصهيوني، الذي يسهر على تنفيذه نظام مبارك.

رغم أن تلك السياسة تزيد من سخط المصريين على النظام، لكنه لا يهمه سوى الرضا الأمريكي الإسرائيلي، فبدون رضاءهما لن يتمكن من البقاء في السلطة. لما كان مبارك خادما مطيعا، نفذ كل ما هو مطلوب منه، جاءته إشارات واضحة من السيد الأمريكي أنه لن يتدخل فيما يخص الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية القادمة، وهذا ما كان يتمناه مبارك.

ربما تثلج تلك الإشارات قلب مبارك بالأمل بأنه قادر على الاستمرار، أو أن نجله يمكن أن يرثه، أما تزايد الغضب الشعبي فالقمع والبطش كفيل بردعه، و الطائفية فكفيله بتوجيه الوجهة الخطأ. هكذا يبدو أن مبارك لا يقرأ التاريخ، لأنه لو فعل لأدرك أن ما يفعله اليوم هو ما كان يفعله شاه إيران، قبل أن يطيح به الشعب، لكن أين هو الآن؟ إنه في مزبلة التاريخ.