مهازل “الخنازير” مستمرة في مصر
صدر قرار رئاسي بعد توصية من مجلس الشعب للحكومة بالإجماع بإعدام كل الخنازير الموجودة على أرض مصر. لم يكن هناك فرق بين نائب من الحزب الوطنى وآخر من الإخوان المسلمين أو حتى من القلة التى تنتمى لأحزاب المعارضة فالجميع اتفق على هدف واحد سامى: تطهير أرض مصر الطاهرة من “الخنازير النجسة” بل هناك من طالب باتخاذ التدابير الأمنية ضد أصحاب مزارع تربية الخنازير وإعتقالهم إذا لزم الأمر
بالطبع كانت الحجة الجاهزة، وهي الخوف من انتشار مرض أنفلوانزا الخنازير وحماية مصر منها، خصوصا فى أجواء الهلع العالمى من تحول المرض الى وباء كارثى يذكرنا بالأنفلوانزا الأسبانية في أوائل هذا القرن لكن في الحقيقة يحتوى هذا القرار على أبعاد أخرى كثيرة غير حماية المواطنين.
فبداية من دكتاتورية النظام الذى يريد أن يريح باله – بدلاً من أن يفكر فى الحلول الوقائية المكلفة – فركن إلى الحل السهل وهو الابادة الجماعية للثروة الحيوانية من الخنازير فى مصر، كما فعل ذلك سابقاً عندما واجه مشكلة أنفلوانزا الطيور بالرغم من أن ذلك لم يمنع حتى الآن أن تتصدر مصر قائمة الدول ذات أعلى نسبة وفيات من مرض انفلوانزا الطيور وأن تحتل المركز الثالث فى نسب الإصابة.
ثانياً: كالمعتاد لم يتم اتخاذ الرأى العلمي فى الموضوع، حيث أن خطورة مرض أنفلوانزا الخنازير تأتى من انتقاله عن طريق العدوى المباشرة من إنسان إلى آخر، وحتى الآن لم تثبت إصابة خنزير واحد بالمرض، لذا فلن يمنع إبادة كل الخنازير فى مصر من إصابتنا بالعدوى عن طريق الانتقال المباشر خاصة مع تدنى مستوى الوعى الصحى والازدحام الشديد فى مصر. وجدير بالذكر إن أيا من دول العالم و حتى تلك التى تعانى من أعلى نسب الاصابات كالمكسيك والولايات المتحدة لم تفكر فى اتخاذ قرار مثل قرارنا الحكيم الذى لا يوجد ما يبرره.
إذاً فلابد أن هناك دوافع أخرى دعت الى مثل هذا القرار لا يمكن أن نغفل عنها، وأهمها بالطبع الدونية التى ينظر بها الشعب المصرى و أغلبيته المسلمة الى الخنزير وذلك باعتبار أكل لحمه محرم دينيا حيث تم ربطه دائما بالقذارة والنجاسة وينظر الى آكليه من المسيحين نظرة متدنية.. فبدءاً من ربطه بالأمراض والديدان الفتاكة مروراً بزعم خفضه للحمية والنخوة عند من يأكله وانتهاءاً بالقصص الأسطورية عن أصله القذر والمتدنى بين الحيوانات، ناهيك عن الحقائق الطبية التى تؤكد وجود ديدان أيضاً فى لحوم الابقار، وكذلك تفاهة المزاعم الاسطورية التى تدعى خفضه النخوة والشهامة، لا يتبقى لنا غير الطائفية من مجتمع أصبح متعصباً مدعوماً بآلة إعلامية حكومية تبث دعايات عنصرية.
ومن المهم هنا التأكيد على بعض الحقائق التى يتغافلها النظام – ومنها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر – أن تكوين أعضاء الخنزير هو أقرب تكوين لأعضاء الإنسان من بين جميع الحيوانات، وأن أول عملية زرع قلب تمت لإنسان كانت باستبدال قلبه بقلب خنزير، وأن كثير من مرضى السكر استخدموا ولا زالوا يستخدمون الأنسولين المستخلص من دم الخنازير، هذا بالإضافة لاستخدامه فى كثير من التجارب العلمية والاختبارات الطبية، لذا وبدون الخوض فى إمكانية حل الخنزير لمشكلة اللحوم فى مصر خاصة مع سهولة تربيته وقلة تكلفة تربيته الاقتصادية، إلا أن من الممكن إستغلاله فى التصدير على الاقل.
لذا فبعد الإبادة الجماعية لهذه الثروة الحيوانية خاصة فى كونها على أطراف المدن و عددها المحدود (350 الف رأس فى مصر كلها) لا يمكننا إلا أن نقول هنيئاً لشعب مصر المؤمن بتطهير أرضه من نجاسة الخنزير ورجسه، و دعواتنا لكل العالم بأن يحذو حذونا ويبيد كل ما تبقى من هذا الجنس لتبقى الارض كلها نقية طهور.