بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

من يشعل الفتنة؟

رغم كل لقاءات الوحدة الوطنية المزعومة والقبلات والأحضان بين العمامات البيضاء والسوداء، لازلت الفتنة الطائفية تعتمل تحت السطح كبركان ينتظر الانفجار. فأحداث العياط الأخيرة التي شهدت معارك بين المسلمين والأقباط بقرية بهما، لم تكن سوى حلقة جديدة في سلسلة التفجرات الطائفية التي تنتاب مصر من أقصى جنوبها منذ أحداث الكشح وغيرها إلى أقصى شمالها بمحافظة الإسكندرية العام الماضي. ربما تختلف الأحداث في تفاصيلها لكن الجوهر واحد: إحتقان طائفي، واضطهاد للأقباط رغم كل أناشيد الوحدة الوطنية البراقة.

ومع كل حادث من هؤلاء يتكرر نفس السؤال: من وراء الفتنة، هل هم الفقراء من مسلمي العياط الرافضين لبناء كنسية للأقباط في بلدتهم؟ ومن جعل القبطي في مصر مواطن من الدرجة الثانية للدرجة التي جعلت جاره المسلم يرى عدم أحقيته في بناء دار لعبادته؟

إن نظرة أعمق للقضية تكشف عن المجرم الحقيقي في هذه الأحداث والمتسبب الحقيقي في الفتنة. هذا المجرم هو الذي كرس عبر السنين فكرة أن القبطي هو مواطن من الدرجة الثانية. فمن يعرقل سن التشريعات التي تقنن حق المسيحيين في مصر في بناء كنائسهم بحرية؟ من يعطي لأمن الدولة سلطة المنع والمنح إذا أراد المسيحيون حتى إصلاح دورة مياه في كنيستهم؟ من يهمش أقباط مصر في وسائل الإعلام الحكومية؟ من يصنع مناهج التعليم التي تزرع بذور التمييز بين المواطنين؟ من يمنع الاقباط من حقهم في تولي مناصب معينة، لا لشئ سوى كونهم أقباط؟ من يفعل ذلك سوى هذه الدولة القائمة على سياسية فرق تسد.

نظام مبارك يعلم جيداً أنه ليس من مصلحته اتحاد هذه الجماهير لصب نار غضبها عليه. فالديكتاتورية هي المستفيد الوحيد من هذا الانقسام والتناحر الطائفي حتى لا تنفجر قنبلة الغضب الجماهيرى في وجه النظام .. الغضب الذي يمثل في حقيقته انعكاس لحالة الفقر والاستغلال والتهميش التي يعيشها كل الفقراء المصريين مسلمين ومسيحيين.