على هامش الاحتفال بيوم المرأة المصرية.. قراءة في دفتر أحوالها
عندما يكون للقانون والمجتمع “شنبات”
.jpg)
أنا متجوزة من 15 سنة وعندى 3 أولاد، الكبير عمره 12 سنة والاتنين التانيين توأم.. جوزى أخد واحد منهم وهو عمره 3 سنين وإداه لأخته تربيه عشان مابتخلفش.. أنا عايزه إبني.. مش عارفه أعمل إيه.. وياريت على كده وبس.. ده كمان من 6 سنين إتجوز واحدة تانية أخدت كل حاجة منه وسابته.. رجع لي تاني لاني كنت على زمته.. أصلي كنت خايفه أطلب الطلاق.. ولادي كانوا صغيرين ومعنديش حد يصرف عليهم وقلت لما أرجع له يمكن يصون العشرة.. لكن رجع زي ما هو.. بيعاملني وحش ويضربني ومش بيصرف علينا.. بيهددني إنه يأخذ العيال ويبيع الشقة.. مش عارفة أعمل إيه أنا كل اللى عايزاه أربي عيالي ويصرف عليهم زي أي راجل ويصون العشرة شويه..
من شهادات النساء على العنف داخل الاسرة – مركز النديم
يتحول العنف فى ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والامنية الى جزء اصيل من تفاصيل الحياة اليومية، ولكن هذا العنف لا يعصف الا بالأضعف وهم الفقراء من الاطفال والنساء والاقليات الدينية، وهذا لا يعنى ان الاغنياء بمعزل عن التعرض للعنف، ولكنه يظهر بفجاجته العارية فى مجتمع الفقراء، واذا تحدثنا عن المرأة والاطفال على وجه الخصوص سنجد انهم عرضة لاشكال مختلفة من العنف سواء داخل المنزل على ايدى افراد الاسرة او الزوج ،او فى الشارع فى صورة تحرشات جنسية ذات انواع مختلفة، او فى مؤسسات العمل والدراسة، حتى غدا ذلك من مألوفات الحياة اليومية.
العنف الأسرى وقانون الأحوال الشخصية
لدينا ذخيرة حية من الموروثات الاجتماعية تتسلمها الاجيال جيل ورا جيل ويتم تدعيمها دوما بعدد من القوانين التى تكرس الاضطهاد والتمييز ضد المرأة .
وتجعل من مجتمعنا باختلاف طبقاته مجتمعا ذكوريًا بلا جدال ،تعامل فيه المرأة منذ طفولتها على انها مفعول به ،يجب ان تسمع الكلام وتتقبل مكانها فى الدرجة الثانية لان ذلك من طبائع الامور!!
ويذخر قانون الاحوال الشخصية بالعديد من المواد والتى لا تتجاهل آدمية الزوجة والام فقط بل وتؤدى أيضا الى ضياع حق الاطفال فى حياة آمنة.
وهناك نص صريح فى قانون الاحوال الشخصية هو:» ان على الزوجة ان تطيع زوجها وان تقوم بواجباتها واذا أخلت بها تعتبر ناشزا يجوز اخضاعها عن طريق القانون وارجاعها بالقوة الى البيت التى غادرته اما اذا تمادت فيكون عقابها عن طريق حكم قضائي بإسقاط حقوقها القانونية كزوجة» .
قانون بشنبات
تحت مظلة الحماية التى يمنحها القانون للزوج يستطيع طرد الزوجة والابناء من بيت الزوجية والتزوج بأخرى دون ابداء الاسباب او رفض الاعتراف بنسب الاطفال وتسجيلهم بالسجل المدنى او رفض الإنفاق عليهم واجبار الزوجة على ترك عملها او اجبارها على العمل وتحت هذا القانون كل شىء مباح حتى الجريمة «الاغتصاب والضرب المبرح والاهانة « وعلى المتضررة اللجوء للقضاء مع صعوبة اثبات الضرر ،آخذين فى الاعتبار ان القانون لا يعترف بالضرر المعنوى والذى يكون وقعه اشد من الضرر المادى احيانا، وهنا يمكن ان نقول انه بالاضافة للعنف القانونى الذى يقع على المرأة ويسمح بالتمييز ويسلبها الحق فى حياة آمنة ،هناك ايضا صمت وتعتيم تشريعى على العديد من الجرائم التى تقع على المرأة والاطفال ومنها الضرر المعنوى الناتج عن الضرب والاهانة سواء من الاسرة او الزوج ومن هذه الجرائم اغتصاب الزوج لزوجته حيث ينص القانون على « من اغتصب امرأة غير زوجته يعاقب…الخ» اما الزوجة فيتم اهانتها واغتصابها باسم القانون، واذا كان الخلع قد سهل الانفصال بين الزوجين ،الاانه غير ملائم للسيدات الفقيرات واللاتى يجب عليهن هنا التنازل عن كافة حقوقهم من نفقة ومنقولات، ورد المهر ان وجد، والبديل هنا اما ان تستمر فى الحياة مع زوجها وتبتلع الضرب المتكرر والاهانات، او ان ترفع دعوى للطلاق وعليها فى هذه الحالة ان تذهب الى قسم الشرطة لاثبات الاصابات ،وغالبا ما تتنازل سيدات كثيرات عن محاضر الشرطة تحت تهديدات الزوج المختلفة وبالتالى يصعب اثبات الضرر أمام القاض.
التحرش الجنسي
فى الآونة الاخيرة ارتفعت وتيرة حالات التحرش الجنسى فى الشارع المصرى سواء التحرش بشكل جماعى مثل احداث تحرش وسط المدينة الشهيرة او التحرش الفردى اليومى ،حتى غدا التحرش صفة تقترن بالشارع المصرى يعرفها السائحون قبل ان تطأ اقدامهم ارض الكنانة من الكتب السياحية التى تتحدث عن معالم مصر الرئيسية فتذكر التحرش الجنسى بشوارع مصر جنبا الى جنب اهرامات الجيزة والمتحف المصرى .
وللتحرش عدد من الاشكال حيث يتحرش الرجل باليد بأن يلمس جسد الضحية فإن لم يستطع فبلسانه بأن يتلفظ بألفاظ إباحية فإن لم يستطع فبالعين بأن يتفرس فى المرأة بشكل مستفز وهذا اضعف الانحطاط.
ويرى حبيب العادلي وزير الداخلية ،أن قضايا التحرش الجنسي أخذت شكلا مبالغ فيه بدرجة كبيرة، حيث رفض اعتبار هذا الأمر ظاهرة على الإطلاق.
ومن الجدير بالذكر ان التحرش الجنسى يعد احد أساليب الداخلية المصرية فى استجواب او ذل الضحايا والمتهمين كما يستخدم احيانا لتفريق المظاهرات .
وفى الواقع أن التحرش لا يرتبط بنوعية الملابس ولا بالسن او درجة الجمال وذلك ما اتضح فى حالات التحرش الجماعى بوسط المدينة وشارع جامعة الدول العربية، المهم ان تكون انثى.
وفى خضم هذا الانفجار المخزى ظهرت دعاوى تطالب بالفصل العنصري بين الرجل والمرأة داخل وسائل المواصلات وتخصيص اتوبيسات للسيدات فقط بلون مختلف ،الا ان هذه الدعاوى هى فى الحقيقة وسيلة للهروب من مناقشة المشكلة وادراك اسبابها ،بل ان هذا الفصل العنصرى سيكرس لحالة الانفصال والعنف بين الرجل والمرأة
التحرش بالأطفال
التحرش بشكل عام اصبح حالة يجب دراستها خاصة مع ارتفاع نسبة حوادث التحرش بالأطفال أيضا، فإذا كان الرجال يجاهرون بالتحرش بالنساء والفتيات بالشوارع والميادين ثم يلصقون التهمة بالضحية نفسها بسبب اللبس او السلوك ،فما هو القول بالنسبة للتحرش بالأطفال خاصة بعد كشف النقاب عن حوادث بعينها مثل حضانة نورهان بالمعادى والتي أمر النائب العام بحفظها ووقف التحقيق فيها على الرغم من اعتراف الأطفال الضحايا بالوقائع واثبات الطب الشرعى بتعرضهم للاغتصاب العنيف واصابتهم ببعض الامراض التناسلية التى لا يمكن ان تنقل إليهم إلا عن طريق الاغتصاب، والمتهمون هنا صاحب الحضانة واثنين آخرين يعملان مدرسين فى مدرسة ثانوية ويستأجران غرفة للدروس الخصوصية داخل الحضانة نفسها.
ثم قصة التوربيني واغتصابه لاطفال الشوارع الذين تزداد اعدادهم يوما عن يوم بما ينذر بارتفاع نسبة الاطفال المعرضين للاغتصاب وخاصة مع تفاقم الازمة الاقتصادية.
المراكز البحثية أجمعت على ان نسبة الجرائم الجنسية فى ارتفاع وحصرت الاسباب فى انتشار البطالة والكبت الجنسى الذى نتج عن تأخر سن الزواج وارتفاع تكاليفه، مما يجعل الرجال يفرغون كل احباطهم وكبتهم فى الأضعف سواء كانت امرأة او طفل.
مصر في المزاد
احدث تحرير الاقتصاد وتسليع كل شىء حتى الخدمات الاساسية من صحة وتعليم الى حدوث تغيرات جذرية فى المجتمع المصرى ،لم يتحمل المجتمع بكافة طبقاته تلك التغيرات الجذرية وخاصة مع تدهور التعليم وتسطيح وسوء المناهج اضافة الى بلاهة الاعلام وفوضى الفضائيات ،وانتشار ،مع ترسيخ للمواريث الشعبية التى تحقر من وضعية المرأة وتعلى من شأن الرجل، الأغنياء وجدوا امامهم سوق مفتوحة يمكن الاتجار فيها بلا قيود وببعض الصلات بالأسرة الحاكمة يمكن ان يحتكروا الاتجار فى سلع اساسية ويتحكموا فى اسعار السوق ولمزيد من الثروات تبوءوا مقاعد السلطة فى مجلسى الشعب والشورى ولجنة السياسات، يحركهم فى كل افعالهم الربح فقط هو الاول والاخير ،اما الطبقة الوسطى فلا زالت تناضل من اجل الحفاظ على وضعها الطبقى الذى بدأ يهوى من تحتها خاصة بعد قوانين المعاش المبكر، وانضمام أبناء تلك الطبقة إلى طابور البطالة الطويل، بينما الفقراء يخرج اطفالهم الى سوق العمل مبكرا جدا، ليروا سوءات الحياة من قبل ان تتكون عندهم اى منظومة اخلاقية، فيشعرون بالتضاؤل امام السيارات الفارهة والفيلات ،ويتعاظم احساسهم بالحرمان ،الجميع فى حالة تخبط فأفعال التحرش لا يقم بفعلها الشبان الفقراء فقط بل يشترك فيها كل الطبقات مع اختلاف شكل التحرش.
ومع تفسخ المجتمع واهتراء المنظومة الانسانية والاخلاقية يتسابق الجميع من اجل خطف ما تطوله الأيد كل على طريقته وفى هذه الساحة يلحق العنف بالضعفاء.