بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

كلمة الرفيق حسام الحملاوي في افتتاح مركز الدراسات الاشتراكي بالفيوم:

نحتاج إعلاماً نضالياً لنصرة الثورة

افتتاح مركز الدراسات الاشتراكية بالفيوم

نشهد هذه الأيام انخراط الكثير من تلاميذ المدارس في العمل السياسي، ليس فقط في المظاهرات، بل في العمل التنظيمي المباشر، علاوة على حماستهم للتعرف على الأفكار الاشتراكية الثورية. وقد شهدت مظاهرات دعم الانتفاضة في بداية الألفية مشاركة محدودة من تلامذة المدارس، لكن لم تشهد مصر هذه المشاركة الواسعة لهم منذ ثورة 1919، التي ضمت كل أطياف الشعب. وكانت انتفاضة الخبز في 1977 لتتحول إلى ثورة إلا أنها وئدت في مهدها. لماذا مر 100عام قبل اندلاع ثورة جديدة؟ وهل نريد الانتظار لمائة عام أخرى حتى تقوم أخرى؟

لا يمكن “توعية المواطنين” بمصالحهم، فكل منا يدرك أين مصلحته المباشر. كلنا نعلم جيداً أننا بحاجة إلى سكن آدمي في مكان نظيف، ووظيفة لائقة، وقوت للأطفال وتعليما مناسبا لهم. إذاً ما الذي يؤخر الثورة؟

إن الطلاب والعمال والثوار يخوضون الكثير من المعارك على أرض الواقع، حيث الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات، لكننا نحتاج بجانب النضال في المعارك المباشرة، أن نخوض نضالاً موازياً على الجبهة الإعلامية.

الإعلام الرجعي يتحدى الثورة
يؤمن السواد الأعظم من المصريين بمقولة: “الشعب المصري طول عمره بيتحكم بالكرباج”. فهو الشعب الذي كان يقدس الفرعون، وهو الذي بنى الأهرام بالسخرة. يؤمنون أنهم لا، ولن، يثوروا. إذاً ما الذي تغير بعد الثورة إذا كان إدراك الناس لمصالحها لم يتغير؟

ما تغير هو الإعلام. ولا أقصد بالإعلام قنوات التلفزيون، بل مؤسسة الإعلام كلها؛ المناهج المدرسية التي تقول بأن من قام بثورة 1919 هو سعد زغلول، الفرد. لم يخبرنا أحد في المدرسة مثلاً أن الذي أشعل ثورة 1919 هي إضرابات عمال الترام، وأن سعد زغلول أرسل رسالة من منفاه يدين فيها “أعمال العنف”. أخبرونا أنه إما أن تكون بطلاً، فرداً، أو أن تكون بلا فائدة، وأن الشعب لا يمكن أن يحدث تغييراً، كما أن “منح” الحرية للناس يعني الفوضى، والحرب الأهلية. كلٌ منا يتعرض لعملية غسيل مخ منذ الولادة، وحتى الوفاة.

في التسعينيات كان الحراك ضعيفاً للغاية على كل المستويات. كان هناك اعتصام عمالي قوي واحد كل أربع سنوات تقريباً، وكانت الاعتصامات تنتهي بتدخل عنيف من قوات الأمن المركزي، وقتل العمال. فيما كان الطلاب ينظمون مسيرة واحدة صغيرة، أو معرضاً واحداً، في السنة، أو الفصل الدراسي في الجامعة. كانت كلمات الطلاب في المعارض تبدأ عادة بجمل من نوعية: “جامعة القاهرة اتحركت، احنا مش أقل منهم”. هذه الجمل تحمل نوعاً من التطمين، والتشجيع، لكل من يشعر بأنه وحده؛ أن من هم في سنه قد تحركوا للتو.

بعد عشر سنوات أعطت القنوات الخاصة (لا المستقلة، التي رغم مساحة النشر التي تضمنها مازال يسيطر عليها رجال أعمال، كالمصري اليوم مثلاً) مساحة أكبر قليلاً للحرية. وفي لقاء مع أحد الرفاق الذين عاصروا انتفاضة 1977، ونضالات عمال الغزل والنسيج في السبعينيات، قال: “عندما كان الصحفي يظهر بالكاميرا في إضراب عمالي في السبعينيات كان العمال يبتعدون، أو يخفون وجوههم. أما الآن فإنهم يفتحون صدورهم، ويتدافعون نحوه”. يرى الرفيق أن سبب هذا التغير أنه لم يتبق للناس ما يخشون من سلبه. أما أنا فأرى أن السبب هو اختلاف معنى ظهور العامل في الصورة. ففي السبعينيات وحتى التسعينيات، كان ظهوره في الصورة يعني وصولها لأمن الدولة، وعرضها في قسم الحوادث كمشاغبين. أما مع بداية ظهور الصحف الخاصة، والإعلام المستقل، تغير معنى ظهور العامل في الصورة إلى توصيل صوتهم للناس، وحتى لدى بعض العمال، إلى المسئولين.

الإعلام البديل مهمة ثورية
بشكل شخصي، لم أدخل مصنعاً واحداً منذ إضراب عمال غزل المحلة في 2007 دون أن أسمع جملة: “احنا شفنا/سمعنا/قرأنا أن المحلة اتحركت، فاحنا اتحركنا”. نشر أخبار التحركات والاحتجاجات في مصر يشجع الحراك الاجتماعي بشكل عام. ومن الطبيعي جدا أنك إذا جلست وسط عدد قليل من رفاقك هنا في الفيوم دون أن تسمع عن الاحتجاجات في أنحاء البلد، ولا عن مليونيات التحرير، ستشعر بالإحباط، وستعتقد أن الثورة قد ماتت. أحياناً يشعر الثوريون بالإحباط بسبب عدم اتصالهم ببعضهم، لكن في المقابل تحولت الكثير من المبادرات الصغيرة في السابق إلى مظاهرات حاشدة حين نجح أصحابها في التواصل مع باقي الثوريين عن طريق الإنترنت.

مركز الدراسات الاشتراكية بالفيوم هو مركز نضالي، لكن يجب أيضاً أن يلعب دوراً إعلامياً. نحن ننتظر منكم أخبار الفيوم، لا تنتظروا الصحافة الخاصة لتغطي وتصور الأحداث. مهمة نقل الصورة ليست مهمة إعلامية فقط، بل هي مهمة نضالية أيضاً. رفع فيديو عن إضراب هنا يعني أن أحد الزملاء أو الزميلات هنا ذهب/ت إلى العمال، واشتبك/ت معهم، وعرف/ت مطالبهم، وتفاعل/ت معهم. هذا النوع من الإعلام الثوري البديل هو ما نسعى لبنائه لمساندة الثورة ونصرتها.

لمشادة الفيديو، اضغط هنا