افتتاحية العدد 117 من جريدة الاشتراكي:
قمع ومقاومة.. وجبهة للنضال
نضالات متصاعدة في الجامعة وفي المصنع تواجه آلة العسكر القمعية وأجهزتهم الإعلامية التي لا تجيد إلا تشويه ثورة يناير، وقبل ذلك تمزق شيئاً فشيئاً حالة الإحباط والتفكك التي أصابت صفوف الثوار.
في جامعة القاهرة، تتصاعد نضالات الطلاب في الجامعات من أجل انتزاع أبسط حقوقهم التي أهدرتها الإدارة وهي الإقامة في السكن الجامعي للمغتربين، كما انتزعت معه حقها في التظاهر والاعتصام والذي أرادت الإدارة مصادرته في خضم موجة الثورة المضادة الصاعدة، التي كان من مظاهرها طرح موضوع منح الضبطية القضائية لأمن الجامعة.
وفي السياق نفسه تندلع اشتباكات بين متظاهري الإخوان وطلاب الفلول من عناصر أمن الدولة المعروفين والمحتمين ببلطجية من خارج أسوار الجامعة، لتضرب عصفورين بحجر؛ أولهما: اتهام أي احتجاجات طلابية بأنها موالية للإخوان وهدفها “زعزعة استقرار” هذه السلطة الجديدة/ القديمة التي تحكمنا، وثانيهما: ممارسة الضغوط لتمرير الضبطية القضائية، وكأنها هي الحل الوحيد لمواجهة البلطجة، في حين أن الغرض الأساسي منها هو نزع فتيل الثورة من داخل الجامعات بفرض القيود ومصادرة الحريات السياسية وإسكات الأصوات الثورية. وقد نجحت فزاعة البلطجية بالفعل، في العام الماضي، في وقف الدراسة في جامعة عين شمس لمدة طويلة من أجل تمرير التعاقد مع شركة حراسة بمبالغ وتكاليف ضخمة.
بينما الواضح لكل ذي عقل أن عجز الحرس غير المؤهل لمواجهة البلطجية لن تعالجه منحة ضبطية قضائية، بل ستعطيه في الواقع فرصة الملاحقة لمسيسين من الطلبة والأساتذة والعاملين بالجامعة وهو ما بدأ مديرو الأمن الإداري في التلويح به بالفعل حتى قبل إقرار الضبطية.
وبالتزامن مع الاحتجاجات الطلابية، يتعالى، بهدوء حذر، نضال العمال في أكثر من موقع، كاشفا بشكل عملي، عن أكاذيب النظام، وليخلق حالة مستمرة من فرز الصفوف؛ من ينحاز إلى العمال ومطالبهم ومصالحهم، ومن “كان” ينحاز إليهم قبل أن تتغير بوصلته. المناضل “السابق”، كمال أبو عيطة، الذي محا تاريخه بالمشاركة في حكومة ثورة مضادة معادية للعمال، أبو عيطة الذي كان بالأمس يفترش الرصيف بين العمال، فإذا به يطلق الداخلية وبلطجية الاتحاد العام للاعتداء عليهم، ويستهزأ بهم وبمطالبهم المشروعة والعادلة.
وبجانب القمع الذي تعتمده حكومة الثورة المضادة بقيادة الببلاوي – دمية السيسي – تسعى الحكومة أيضاً لاستيعاب غضب الجماهير بخداعهم بقرارات مثل الحد الأدنى للأجور، وكذلك التسعيرة الجبرية، تلك المسكنات التي لن تغني ولن تسمن من جوع في ظل عدم وجود آليات عملية لتطبيقها مما يؤكد أنها محض ادعاءات.
وهكذا تتصاعد النضالات، وستعلو تدريجياً حتى في ظل كل تحديات القمع الحالية، وبرغم من كل ما أكاذيب الإعلام الليبرالي والفلولي، سواء بتبرير عمليات القمع والقتل، أو بشق صفوف الحركة العمالية والدفع بعناصر الأمن والعسكر المتقاعدين للسيطرة على الشركات والهيئات، وهو ما تصاحبه موجة دعائية لتخوين أي احتجاج واتهام المحتجين بالتبعية للإخوان. وذلك ضمن حملة أضخم لشيطنة الثورة وتشويه تاريخها.
في ظل هذا الوضع الذي يبشر ببصيص من الأمل، لن يجدِ أي نشاط دون توحيد الثوار في جبهة واحدة تبحث عما يجمع عناصرها من الناحية المبدئية الرافضة للتحالف الكريه بين العسكر والفلول والليبراليين، وحتى قطاع عريض من “اليسار”، أكثر مما تبحث عن نقاط الخلاف بينهم.. جبهة تشق طريقها في الشوارع والحواري وبين العمال في المصانع والطلاب في الجامعات والمدارس. وليس ذلك من قبيل البلاغة أو الخطابة، لكن واقع سنوات الثورة وما مررنا به من نجاحات وإخفاقات، هو ما يؤكد ذلك.