بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

اشهد يا محمد محمود.. أن القتلة لازالوا أحرارا

في الذكرى السنوية الأولى لمجزرة محمد محمود نبحث عن القتلة وصيادي العيون في سجون البلاد فلا نجدهم.. رغم أن ذلك كان مكانهم المتوقع بعد أن وعد الرئيس المنتخب بتحقيق القصاص والوفاء للثورة والثوار. لكن السجون خالية منهم فالسجون لا تتسع سوى لمعارضي النظام، يزج بهم نفس الجهاز القاتل الذي كان إجرامه فتيلا أشعل ثورة كانت تختمر في مصر على مدى سنوات.. أما هم، القتلة الذين تشهد عليهم شهادات الثوار وصورهم وتسجيلاتهم وهم يتبادلون التحية والتشجيع مع كل شهيد يسقط وكل ثائر يفقد عينه فهم أحرار طلقاء، يمارسون أعمالهم ويتلقون رواتبهم من أموال الشعب الذي قتلوا أبناءه بل ويشغل منسق هؤلاء القتلة ومايسترو مذبحة محمد محمود ومدير امن القاهرة سابقا اللواء أحمد جمال الدين حاليا منصب وزير الداخلية فيما سمي كذبا وزورا بالجمهورية الثانية ليحقق الأمن والأمان في إطار مشروع “النهضة” الذي لم ينهض سوى بنفس الرموز ونفس السياسات التي ثار الشعب لإسقاطها.

عفوا تلو الآخر وحكما تلو الآخر.. برأ من عملوا على مدى أكثر من عام ونصف على تصفية الثورة ولازالوا يطاردون الثوار ويلفقون القضايا ويعذبون ويقتلون تحت التعذيب بعد أن وسلتهم رسالة النظام الجديد بأنه لا محاسبة ولا عقاب طالما تقوم الداخلية بدورها الذي اعتادته على مدى عقود ألا وهو الحفاظ على النظام، أي نظام طالما يحفظ لها حصانتها، وبراءتها ومكاسبها وهيمنتها على مقاليد الأمور طالما أمن النظام ضمن أولويات ما تحميه.

يشهد على ذلك شارع محمد محمود الذي أصبح ساحة لصور الشهداء رغم كل محاولات محو تاريخ الثورة من على جدرانه.. يحمل صور الأبطال وشعارات الأيام التي شهدت تجسيدا لبداية فرقة بين من وقفوا يوما في نفس الميدان ينادون بإسقاط النظام.. فعلى حين كان الثوار يواجهون الرصاص والغاز يصدروهم العارية ويحاولون إطفاء ما أشعله أذناب النظام من حرائق.. كان البعض الآخر، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون والسلفيون، ممن وصلوا إلى مقاعد البرلمان، يمارسون “السلطة” ويعلنون “انتهاء الثورة” ويتهمون الثوار، الذين لولاهم لما عرفوا الطريق إلى البرلمان أصلا، بإثارة الفوضى والبلبلة، بل وصل البعض حد وصفهم بالرعاع.. فكانت معركة محمد محمود .. ومن بعدها معركة مجلس الوزراء.. معاركا فاصلة تفرز ما بين القوى السياسية التي صدقت الثورة عهدها وبين من أرادوها مطية لاستبدال الوجوه والحفاظ على نفس السياسات.. وسياسة العفو عن القتلة هي بامتياز سياسة نظام مبارك طوال فترة حكمه.

في الذكرى الأولى لمحمد محمود، لازال الثوار وأسرهم وأصدقاءهم ينتظرون القصاص من القتلة والجلادين، ولازال القتلة والجلادون أحرارا ليثبتوا أكثر من أي وقت مضى أن الانتخابات لا تغير نظاما.. وأن أصحاب السلطة الحقيقية غير منتخبون، فلا القضاء ولا الشرطة ولا الجيش خاضعين للإرادة الشعبية بل هي أجهزة باقية ما بقي النظام، يتغير البرلمان ويتغير الرئيس وتتبدل الحكومة وهم باقون طالما النظام باق، وهم تحديدا الأجهزة التي أطلقت النار وقتلت من قتلت من شهداء ثم قدمت القتلة لمحاكمات هزلية وقررت براءتهم وأطلقتهم أحرارا بل وقررت ترقية بعضهم لما أثبته من قدرات فائقة على الإجرام وتصفية معارضي النظام.

إنه عفو ممن لا يملك حق العفو.. لمن لا يستحقه.. فلا يملك حق العفو سوى أصحابه.. من فقدوا عيونهم أو أسر من فقدوا حياتهم وهؤلاء لم يعفوا ولم يغفروا ولازالوا مصممين على القصاص.. يحملون صور أحبائهم ويرفعون أسماءهم.. يرسمونها على الجدران ويقفون بها أمام الشاشات خوفا من أن يطويهم النسيان.

لكننا مثل الشارع.. نشهد أن القتلة لازالوا أحرارا.. وأن الثورة لازالت مستمرة