بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

سيناء.. بأي عيد عادت؟

منذ ثمان وعشرين عاماً والنظام المصري يحتفل ويردد علينا المقولة: “سيناء عادت كاملة لينا” و”وها هي سيناء قد عادت”. ولكن هل حقاً عادت؟ وبأي ثمن عادت؟ وبأي شكل كانت هذه العودة؟

طريق العودة للأسف واضح الملامح، فبالرغم من البداية المشرقة مع العمل العسكري، في حرب أكتوبر، فإن النظام المصري الحاكم، الذي انحاز بشكل كامل وسافر للأجندة الأمريكية وما تفرضه، أبى إلا أن يخرب كل ما أنجزه المقاتل المصري، في معركة التحرير، بتقدمه على الطريق المسدود، طريق الصلح والتطبيع مع الكيان الصهيوني. وعادت سيناء شكلياً إلى مصر، وفقاً للصفقة التالية:

سيناء مناطق أمنية
أولاً: وضع قيود على تسليح الجيش المصري في سيناء، بحيث تقسم إلى ثلاث مناطق أمنية هي:

  • المنطقة (أ) المحصورة بين قناة السويس والخط 58 كم، وفيها سمح لمصر بفرقة مشاة ميكانيكية واحدة، تتكون من 22 ألف جندي مشاة مصري، مع تسليح يقتصر على 230دبابة فقط، و126 مدفع ميداني، و126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37مم، و480 مركبة.
  • المنطقة (ب) وعرضها 109 كم الواقعة شرق المنطقة (أ)، وتقتصر على 4000 جندي من سلاح حرس الحدود مع أسلحة خفيفة.
  • المنطقة (ج) وعرضها 33 كم، وتنحصر بين الحدود الدولية من الغرب والمنطقة (ب) من الشرق، ولا يسمح فيها بأي تواجد للفوات المسلحة المصرية. وتقتصر على قوات من الشرطة.

مع العلم أن حجم القوات المصرية التي كانت متواجدة في ساحة المعركة شرق القناة على سيناء في يوم 28 اكتوبر1973، بعد التوقف الفعلي لإطلاق النار، حوالي 80 ألف جندي مصري وأكثر من ألف دبابة. ما يعنى أن معاهدة السلام مع أهدرت الإنجاز العسكري، حيث قبل السادات وضع قيود على السيادة المصرية على سيناء “المصرية”، حفاظاً على أمن إسرائيل.

التطبيع مع الكيان الصهيوني
اعتاد النظام المصري الحاكم الكذب، هذا النظام الذي رفع شعارات “أعمار سيناء”، و”تنمية سيناء”، وغيرها من المشروعات “القومية” التي أعلنت، وخصصت لها المليارات، ولم تر النور حتى اليوم، وحيث لم يزد عدد سكان سيناء كلها عن 400 ألف نسمة فقط.

فليس غريباً على هذا النظام الكذب، فيما يخص التطبيع، حيث روج أن سيناء عادت خالصة للأبد، وأن الكيان الصهيوني حصل في المقابل على شقة صغيرة فوق النيل.

فالحقيقة أن سيناء عادت دون سيادة، منزوعة السلاح والكرامة، وأخذ الصهاينة كارت مرور مفتوح للمجتمع المصري اسمه (التطبيع)، ملف طويل هدفه تمكين الكيان الصهيوني من التحكم، و إدارة الواقع المصري بما يناسب مصلحته، ويحقق استفادة تفوق بكثير ما يمكن أن يحققه بالاحتلال العسكري وتكلفته، وهو ما يعني أن الاحتلال العسكري الصهيوني رحل عن سيناء، لكن الاستعمار الصهيوني، هو المسيطر على الإرادة المصرية ـ حيث تتبنى الطبقة الحاكمة منطق العدو في الصراع، باعترافها بمشروعية الكيان الصهيونية على الأرض العربية في فلسطين.

لم يغير النظام من توجهاته، طوال ثلاثين عام من عمر “معاهدة السلام”، بل على العكس ـ وكما يقول الدكتور حسن نافعة ـ فقد قدم عهد مبارك في ملف التعاون والتطبيع مع الكيان الصهيوني ما لم يكن يستطع السادات تقديمه للصهاينة.

تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني لا تخضع للأهواء، وللظروف، فهي مقننة بمجموعة من القوانين المصرية، والقرارات الحكومية، مجموعة من الاتفاقات والبرتوكولات.

– حيث نص قانون رقم 66 لسنة 1980 على إنهاء المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل.

ـ كذلك قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 129 لسنة 1980 بتشكيل اللجنة الجامعة لتطبيع العلاقات المصرية الإسرائيلية ودراسة الموضوعات المتعلقة بها.

ـ في اجتماع فبراير 1980 بالقاهرة تم تحديد مجالات التعاون وهي (السياحة والنقل البري والبحري والطيران المدني والعلاقات الثقافية والعلمية والاقتصاد والتجارة والتعاون الزراعي والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية).

ـ محضر 25 فبراير 82: تسهيل إجراءات السفر وتأشيرات متعددة الدخول لبعض فئات معينة من رجال الأعمال وتأشيرات إقامة متجددة، كذلك السماح لأساتذة إسرائيليين بإلقاء محاضرات في مصر على سبيل المثال بـ”المعهد الدبلوماسي” وأن يتم السماح لطلبة الدراسات العليا في إسرائيل بالدراسة في الجامعة المصرية.

ـ اتفاق التجارة في القاهرة مايو 1982: يمنح كل من الطرفين الطرف الآخر معاملة الدولة الأولى بالرعاية.

ـ اتفاق التجارة في القاهرة مايو 1982: أن تسمح مصر لقطاعها العام بالتجارة الحرة مع إسرائيل، وفقا لاتفاق التجارة، وأن تخطر الشركات الحكومية بذلك

ـ الاتفاق الزراعي الموقع في تل أبيب في ديسمبر 1981: بموجبه يقوم الطرفان بإجراء الأبحاث والتجارب المشتركة، وتنظيم حلقات دراسية في إسرائيل ومصر للأخصائيين والفلاحين، مع توفير تأشيرات الدخول.

ـ البرنامج التنفيذي للاتفاق والموقع في إسرائيل أكتوبر 1981: وفيه يوافق الطرفان على إقامة و تشجيع التعاون في مجالات التعليم من أجل زيادة التعريف بنظم التعليم في كلا البلدين يشجع الطرفان وتبادل المعلومات والبيانات والمطبوعات والمستندات الخاصة بنظم التعليم والمناهج والكتب الدراسية و تبادل سنويا وفد تعليمي من 4 أعضاء من كبار المسئولين المتخصصين في مختلف المستويات بهدف تبادل المعلومات.

ـ التبادل الثقافي في المناسبات الثقافية مثل زيارة الفرق الاوركسترالية أو فرق الرقص والمسرح وفقا لهذا البرنامج.

قائمة أشكال التطبيع مع الكيان العنصري طويلة، لا يمكن حصرها، هنا، حيث تبدأ القائمة بإلزام مصر بتصدير البترول إلى إسرائيل، وفقاً لأحد برتوكولات “معاهدة السلام” 1979، ولا تنتهي باتفاق الكويز، أو تصدير الغاز بسعر بخس.

أي ناظر لخريطة سيناء كذلك أي دارس لأشكال التطبيع يدرك بأي ثمن عادت سيناء إلى “السيادة المصرية”، إذا كان لهذه السيادة، أصلاً، أي معنى، في ظل القيود العسكرية المفروضة على سيناء، وتعوق تأمينها، حيث يستطيع الكيان الصهيوني احتلالها عسكرياً، في ساعات قليلة.