ثمن الشائعة.. لا لقمع المعارضين
أحالت نيابة أمن الدولة العليا رئيس تحرير جريدة الدستور «إبراهيم عيسى» إلى محكمة الجنح بتهمة نشر الشائعات. والشائعات التي نشرها إبراهيم عيسى هي شائعة موت الرئيس حسب ادعاءات الدولة ورجالها. وبالطبع ما يهمنا هنا ليس «من أطلق الشائعة»، ولكن مغزى الشائعة ومغزى انتشارها الرهيب، وكذلك رد فعل الدولة العنيف. نستطيع أن نقول إنه منذ سقوط مبارك في مجلس الشعب والعمل يجري على قدم وساق من أجل إنجاز سيناريو التوريث وتحضير جمال مبارك لتسلم الملك. ولكن وبينما سيناريو التوريث يتم طبخه، توالت المفاجآت غير السعيدة للنظام، فمن انتعاش الحركة السياسية التي اتخذت شعاراًَ لها «لا للتمديد.. لا للتوريث»، إلى انتعاش الحركة الجماهيرية الذي بدأ باحتجاجات عفوية هنا وهناك، وبلغ ذروته في الشهور الماضية مع موجة الإضرابات العمالية والاحتجاجات الاجتماعية المتصاعدة.
هذا الوضع الملتهب هو ما جعل انطلاق الشائعة في هذه اللحظة بالذات مصدرا قلق وتوتر للطبقة الحاكمة التي رأت أنه من الضروري وأد الشائعة حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه.
شائعة موت مبارك أظهرت أن مصر فعلاً ترقد على فوهة بركان مستعد للانفجار في أي لحظة. وتعامل الدولة العنيف مع جريدة الدستور التي لم تفعل شيئاً سوى أنها نشرت عن شائعة موجودة بالفعل، يدل على أن الدولة تريد توصيل رسالة أنها لن تتسامح. ببساطة يريد النظام إظهار «العين الحمرا» لكل المعارضين، لأنه يخشى لو تساهل أن يفلت زمام الأمور وينطلق البركان. علينا إذن أن نصعب الأمور على الدولة، وألا نجعل إطاحتها بالمعارضين أمراً سهلاً. ففي مثل هذه اللحظة بالذات يصبح التضامن مع من يتعرض لبطش الدولة، بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معه، واجب على كل القوى السياسية.
وقعت المعارضة المصرية في الجرم المشهود عندما لم تجعل من قضية تحرير أيمن نور قضيتها الرئيسية. وكررت أخطاءها مرة بعد مرة مع كل حملة اعتقالات في صفوف كوادر وقادة الإخوان المسلمون. ألم يأن الأوان لأن يتعلم المناضلون في هذا البلد الدرس.. قبل أن يصبح شعارهم «أكلنا يوم أكل الثور الأبيض»؟!