بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ساحة سياسية

”حكامنا وأعداءنا..إيد واحدة“

ثورة يناير في عيون اسرائيلية

من تأييد الرئيس..للبحث عن وريث

في 26يناير أكد مصدر امني لصحيف يديعوت ان "حكمة مبارك مستقر"وفي اليوم نفسه نشر إيلي بردنشتين في معاريف نقلا عن "مصادر أمنية" تحليلات "تؤكد" أن ماحدث في يوم 25 هو في النهاية امر محدود، وان "مصر ليست تونس" وأن مبارك قادر على السيطرة والسلطات أصابعها على الزناد، واكدت "المصادر " أن عشرات الآلاف من المتظاهرين عدد ضئيل بالنسبة لبلد سكانها 80مليون، وعاصمتها 20مليون. واختتمت "المصادر" بأن النظام المصري يعرف كيف يسيطر على الامر ويقضي على تلك الاحتجاجات بالقوة اللازمة.

"كشف رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أن المخابرات لم تتوقع ما أسماه بـ"الانقلاب" في مصر وبرر ذلك بانه من الصعب التكهن بمثل هذه الأمور، وهو ماذكرته يديعوت(30يناير) كما كشفت في اليوم التالي عن برقية سرية من إسرائيل موجهة للدول الغربية تعرب عن مساندتها وتأييدها لنظام مبارك. وفي 7فبراير ذكرت يديعوت في تقرير لها أن واشنطن حريصة على استبقاء مبارك في السلطة، وهو ما يتنافى مع ما نشرته الصحيفة نفسها في30يناير. وقد عبر د.تشيلو رزنبرج عن مكانة مبارك لدى الإسرائيليين، بقوله"مصر مبارك هي احد الكنوز الاستراتيجية الهامة "وقد انتقد في مقاله تقصير لمخابرات الإسرائيلية في التكهن بما حدث(معاريف31يناير)

من ناحية أخرى قام أحد المتخصصين بتشريح "لغة الجسد" لدى الرئيس مبارك عبر بعض الصور ولقطات الفيديو. واشار جفريئيل رعم، الخبير المتخصص في هذا المجال ، إلى انه بالرغم من الضعف والشيخوخة التي هبطت فجأة على مبارك، إلا أنه لا يزال يحتفظ برباطة جاشه، وانه، على حد تعبيره، يثبت انه "مبارك نفسه الذي نعرفه"(يديعوت 31يناير)

البحث عن وريث

حتى مع كل التكهنات ببقاء مبارك، ظل البحث الدؤب عن وريث للعرش. وكان الأول على قائمة الاهتمام، هو جمال. وقد أعدت صحيفة يديعوت في30يناير "بروفايل" خاص بعنوان)أمير مصر..من هو جمال مبارك؟ جاء فيه مختصر للسيرة الذاتية لمن أسمته بالوريث، وركزت على موقفه من إسرائيل، خلال مقابلة صحفية قال فيها :"إن السادات فعل الخطوة الصحيحة"، وأعرب عن استعداده لعدم محاولة تغيير الأوضاع، قائلا:"مصر اختارت منذ ثلاثين سنة جانب السلام، وليس لدينا اية نوايا لتغير ذلك".

من ناحية أخرى، تابعت الصحف الإسرائيلية أخبار محمد البرادعي، منذ وصوله القاهرة في 27يناير-ثم إبقاءه تحت الإقامة الجبرية- وفي مقال بالتاريخ نفسه، تحدث إيهود يعري، محلل الشئون العربية ليديعوت أحرونوت عن طرح البرادعي كوريث لعرش مصر، كما رأى أن الولايات المتحدة تتخلى عن مبارك. وفي 31يناير أعدت الصحيفة نفسها "بروفايل" عن البرادعي(من هو محمد البرادعي) كما زعم تقرير للصحيفة أن وثائق من ويكيلكس كشفت دعم واشنطن لإسقاط مبارك وأنها عقدت علاقات مع المعارضة(شاي بن آري، عميت فلدمان، يديعوت 30يناير). من ناحية اخرى نشرت جابي جولدمان في معاريف(28يناير) مقالا تحليليا بعنوان"مصر تنتظر محمد البرادعي الآن وفورا، بينما تابعت الصحف الإسرائيلية ظهور عمرو موسى كمرشح للرئاسة . لكن سليمان حظى بنصيب اقل في الصحافة، كمرشح للرئاسة، لكن تعيينه نائبا كان يلقى التهليل من الجانب الأمني، حيث قام بدور "المراسلة" بين "سيده" في مصر و"اسياده" في إسرائيل.

اضطرابات.. مصادمات

منذ اندلاع شرارات الثورة المصرية في 25يناير، والصحافة الإسرائلية تتابع الأحداث عن كثب، لكنها كانت حريصة على وصفها بالاضطرابات والمصادمات،  فحتى الثالث من فبراير تقريبا، كانت تلك هي الألفاظ المستخدمة في وصف اشتعال الثورة المصرية، اضطرابات، مظاهرت، مصادمات، وقمع أمني، ويضاف للتوصيف السلبي، اتهام المتظاهرين بنهب مقر الحزب الوطني قبل حرقه، والمثبت بشهادات الثوار أنهم شكلوا لجان لمنع كل من يسعى للنهب، كذلك وصف أنشيل بيبر، في ”هآرتس“( 28يناير) ما وقع بالمتحف المصري، أن الجيش يحميه من المتظاهرين، بينما قام الثوار بتشكيل كردون لحماية المتحف وضبطوا أربعين عنصر امني خرجوا بقطع اثرية ثمينة وسلموهم للجيش، وذلك طبعا قبل ان يتحول المتحف إلى سلخانة للثوار على يد العسكر.

كما يتضح الميل نفسه في التعليقات بعض القراء التي وصفت الأحداث بأنها هبّة الغوغاء وليست غضبة الجماهير ومع احتدام الثورة، تطور المصطلح الإسرائيلي إلى "انقلاب"..ليتحول أخيرا إلى "الثورة" بعد تنحي مبارك.

ثورة ديمقراطية

بعد الاعتراف بأن ما حدث في مصر هو "ثورة"، وليس "اضطرابات"، ولا "انقلاب"، شرع المحللون الإسرائيليون في وضع الثورة في إطر محددة، كل منهم حسب هواه، فبينما طرح البعض أن الثورة "إسلامية" وبالتحديد "إيرانية"، طرح آخرون أنها ثورة "ديمقراطية". فبانفعال وإعجاب تصور عميرا هس، مراسلة هآرتس مدى تحضر الثورة، لكنها تشير إلى توحيد الصف ضد العدو "النظام القمعي..وليس أمريكا ولا إسرائيل…" وأن الثوار "لا يطرحون رؤى اقتصادية قد تسبب الخلاف، ولا خلافات بين المتدينين والعلمانيين"(هآرتس14 فبراير)

ورغبة في فصل المطالب الوطنية عن الصورة، ذكر وزير من المجلس الوزاري المصغر لصحيفة هآرتس، في17أبريل :"إسرائيل لم تكن سبب الانقلاب، لكنها تحولت يوما بعد يوم، إلى موضوع مطروح على الساحة السياسية، وإلى بؤرة الاحداث، والخطر هو أن يتم استغلالها والتحريض ضدها من أجل كسب أصوات في الاتخابات المقبلة.."

في مقابل ذلك، كانت هناك إشارات قليلة لكون الثورة هي ثورة اجتماعية، حيث تحدثت بعض التقارير عن نسب البطالة والفقر. لعل أهم المقالات ماكتبته روتي سيناي في معاريف (31يناير)تحت عنوان "80-20-80" وتقصد تحكم 20% من المصريين في 80%من ثروات المجتمع، بينما يقتسم 80% الباقين 20% الباقية من الثروة. وتعتقد روتي أن مبارك سعى دائما للفصل بين النضال الديمقراطي وبين النضال الاقتصادي ، وهو ما رفضه الشعب المصري مؤخرا، حين ثار ضد الاستبداد وضد الفقر. تختتم روتي مقالها بمقارنة مع الوضع في إسرائيل، فتقول انه بالرغم من أن هناك اختلافات جوهرية، كما ان الشرائح الأشد فقرا، وهي العرب والمتدينين، من شبه المستحيل أن يتحدوا ضد الرأسمالية، فإن هناك اقلية تتحكم في الاقتصاد والثروات.

الجيش.. الحصان الرابح ..والمضمون

منذ اليوم الأول هناك تتبع لأداء الجيش بالتفصيل، وهو اهتمام لم يعطه مراسل هآرتس (أنشيل بيبر) للشرطة مثلا، حيث رصد تحركات الجيش وردود الأفعال منذ 28يناير، والآليات المستخدمة، ومنها احتراق 3مجنزرات للجيش، وقطع زيارة رئيس الأركان سامي عنان للولايات المتحدة الامريكية.(كذلك تقارير كرمل لوتساتي-يديعوت30يناير، وتعليق إيهود يعري محلل الشئون العربية يديعوت 30يناير)

بينما التقطت عميرا هس مراسة هآرتس تغير الشعار"الجيش والشعب إيد واحدة"، بعد التنحي إلى الشعب والجيش إيد واحدة"وهو مافسرته بزيادة ثقة الشعب فعلى العكس من القلق الإسرائيلي من تصريحات بعض الساسة والقلق، وبالأدق الهلع، من ثورة الشارع المصري، أعربت مصادر إسرائيلية عن ارتياحها الشديد على الصعيد الأمني، وان لديها شعور بالحفاظ على الاستقرار وتقارب العلاقات مع النظام الحاكم. وقد قام مسئول الملف السياسي-الأمني بالخارجية الإسرائيلية بزيارة سرية للقاهرة، والتقى رئيس المخابرات الجديد مراد الموافي، ومسئولين رفيعي المستوى في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير البلاد، وقد تناول جلعاد ملفات القافلة المتوجهة قريبا لغزة، وتهريب الاسلحة لحماس، والتعاون في الملف الأمني، واعرب جلعاد عن ارتياحه الشديد إزاء المقابلة خاصة مع تجدد الأنشطة الامنية المصرية لمنع عمليات التهريب لغزة.(هآرتس 17أبريل)

التصريحات الرسمية ..متأخرة

جاءت التصريحات الرسمية الإسرائيلية متأخرة. وقد علقت صحيفة يديعوت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد اعطى تعليمات شددة لوزراء حكومته خاصة المجلس المصغر بعدم الحديث نهائيا أو حتى التعليق على مايجري في مصر. لكن برقية تسربت أخبارها إلى الصحافة تقول أن إسرائيل قد أبرقت لعدد من الدول الكبرى عن طريق سفرائها، مؤكدة على أهمية "استقرار ظام مبارك لصالح استقرار الاوضاع في الشرق الأوسط" (يديعوت 31يناير).

كان أول تعليق رسمي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في 30يناير، هو أن إسرائيل حريصة على السلام مع مصر. وفي 31يناير صرح رئيس الدولة شمعون بيرتس أننا نكن عظيم التبجيل لمبارك(يديعوت 31يناير)

في 12فبراير، وبعد 24ساعة من تنحي مبارك، خرج رد الفعل الرسمي الأول للحكومة الإسرائيلية، حيث صرح بنيامين نتنياهو أنه يرحب بتصريح الجيش المصري :"أن مصر ملتزمة بالاتفاقات الاقليمية والدولية التي وقعت عليها". في الصدد نفسه، صرح وزير المالية يوفال شتاينتس في مقابلة مع برنامج تلفزيوني :"كلنا نصلي لأجل الديمقراطية لدى جيراننا، لكننا قلقون من الأسلمة مثل إيران..". أضاف شتاينتس أن تقديرات الحكومة الإسرائيلية أن النظام الحاكم في مصر سوف يحافظ على اتفاق السلام والعلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل.."(حداشوت 2 12فبراير)

بعد شهرين من التنحي عبر نتنياهو عن قلقه إزاء ما أسماه "بالتطرف تجاه إسرائيل،"فخلال لقاءه مع سفير الاتحاد الأوروبي، ركز نتنياهو على أنها المرة الأولى منذ ثلاثين عاما يزور فيها ديبلوماسي إيراني رفيع المستوى القاهرة(هآرتس 17أبريل)كما عبر نتنياهو عن قلقه الشديد"بوجه خاص من تصريحات وزير الخارجية المصري الجديد". بينما ذكرت هآرتس في17أبريل رفض مكتب رئيس الحكومة الرد على عدد من الأسئلة حول العلاقات مع مصر .
كما وصف مسئولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية التظاهرات التي استهدفت السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، والقنصلية الإسرائيلية بالاسكندرية بأنها متطرفة.

في حين ذكر مدير عام وزارة الخارجية رفائيل باراك عقب زيارته لوزير الخارجية المصري الجديد محمود العربي بالقاهرة، أن الأخير اقر بالتزام النظام المصري باتفاقية السلام(هآرتس 17أبريل)

وقد قامت الحكومة الإسرائيلية بمساعي مكثفة حرصا على التزام أي نظام جديد بالاتفاقيات، حيث تقدم السفير الإسرائيلي في القاهرة إسحق لافون، بمذكرة للخارجية المصرية، في الوقت الذي تم تقديم مذكرة للسفير المصري في تل أبيب. بالتوازي مع قيام مسئولين رفيعي المستوى، ووزراء من المجلس المصغر ببحث الأمر مع البيت الابيض.

الاتفاقيات..مصلحتهم اولا:

كانت هناك متابعة مستمرة لتأثير الثورة المصرية على الوضع الاقتصادي، فقد ذكر تقرير معاريف في27يناير تأثر بورصة وول ستريت بالمظاهرات ضد مبارك، وفي تقرير (ذي ماركرthe marker الملحق الاقتصادي لهآرتس:"أسهم الوقود والنفط ترتفع على خلفية "الاضطرابات" بمصر(30يناير) كما نقلت يديعوت تصريحات منسوبة لمسئول إخواني أنه يدعو لوقف ضخ الغاز لإسرائيل والاستعداد للحرب كما نشر المحرر الاقتصادي دافيد ليفكين تقريرا أن الاقتصاد المصري خسر ثلاثة مليارات دولار.

تجدد الحديث عن عودة السياحة الإسرائيلية(يديعوت 21مارس) والجدير بالذكر ان السائح الإسرائيلي يُصنف عالميا على أنه من أسوأ السياح وأقلهم إنفاقا.
وكان أول تقرير عقب التنحي هو "الإمداد بالغاز لم يُستأنف" (يديعوت11فبراير)في إلحاح شديد على تعهدات المجلس العسكري بالالتزام بالاتفاقيات والحفاظ على الاستثمارات وفي تقرير أشمل للصحيفة نفسها، تناولت عدة مسائل تشغل الإسرائيليين بشان احتمالات تبدل الوضع بسقوط مبارك، من بينها السياحة، واتفاقية الغاز، مسترشدة بتصريحات من صنفتهم كشخصيات من المعارضة المصرية، أكدوا عدم رغبتهم في المساس بتلك الاتفاقيات. أما عن قناة السويس، وما يشكله ذلك من خطر على المستوى الدولي، وهو ماخلق طمأنينة لدى الإسرائيليين من صعوبة اتخاذ أي نظام مصري لمثل هذه الخطوة.(يديعوت 11فبراير).

في تصريح لـ“هآرتس“ في17أبريل، عبر مسئول بالخارجية عن استيائه الشديد من تصريحات سمير رضوان وزير المالية المصري، التي قالها ردا على سؤال حول ترحيب مصر باستثمارات إسرائيلية، حيث قال رضوان أن مصر لا تحتاج إلى مساعدة من "العدو" ولا استثمارات من أطراف تريد السيطرة على اقتصادها. وقد أثارت تصريحات رضوان سخطا شديدا في الأوساط السياسية، حيث يشير المصدر ذاته ان "شخصيات مصرية رفيعة المستوى" قد طلبت المساعدة على ضخ استثمارات إسرائيلية، او مساعدة مصر داخل الكونجرس من أجل الإسراع في تقديم مساعدات!

كما أثارت تصريحات نسبتها هآرتس لعصام شرف حول إعادة تقييم اتفاقية الغاز، قلقا شديدا لدى الجانب الإسرائيلي، حتى عاد ضخ الغاز في يونيو. بينما يقتتل المواطنين أمام مستودعات البوتاجاز، في حين ارتفع سعر الاسطوانة من (2.5جنيه-رسميا) حتى (40جنيه).

اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل هي اتفاقية وقعتها الحكومة المصرية عام 2005 مع إسرائيل تقضي بتصدير 1.7 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي لمدة 20 عاما، بسعر يتراوح بين 70 سنتا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بينما يصل سعر التكلفة 2.65 دولار، كما حصلت شركة الغاز الإسرائيلية على إعفاء ضريبي من الحكومة المصرية لمدة 3 سنوات من عام 2005 إلى عام2008.
وكان عمر سليمان قد اعترف إن الرئيس السابق اتخذ قرارا عام2000 بتصدير الغاز لإسرائيل بدلا من البترول لحاجة السوق المحلية إليه, وتشاور مع وزير البترول السابق سامح فهمي, ورئيس مجلس الوزراء الأسبق عاطف عبيد, وتم الاتفاق علي إسناد شراء الغاز وتصديره إليها بالأمر المباشر لشركة شرق البحر المتوسط التي أسسها حسين سالم خصيصا لهذا الغرض, وأبرم التعاقد مع هيئة البترول والشركة في2005, وتم تعديل التعاقد بين2007 لرفع سعر البيع إلي ثلاثة دولارات للوحدة, ونفذ العقد في2008.

الصيد في الماء العكر

في الأول من فبراير، نشر ألون ماروم، وهو متخصص في الاقتصاد، وعمل في مجال النقل البحري، مقالا بصحيفة معاريفاستهلة بمقدمة تدعي ان شخصية إخوانية دعت لغلق القناة، ومن هنا بدأ في طرح واقع أن 98%من التجارة الخارجية الإسرائيلية تقل بحرا، وأن القسم الأكبر منها يتم نقله عبر قناة السويس، وبواسطة شركات تشغل ملاحين آسيويين، ومن هذه النقطة طرح مشروع إقامة ميناء جديد بإيلات، وتجديد خط البترول إيلات-عسقلان. والمشروع يقوم على استثمار حكومي إسرائيلي وبتمويل من البنك الدولي، يؤتي ثماره سريعا، بقضم جزء من الكعكة التي تلتهمها مصر(خمسة مليارات دولار) واستغلال الأزمة التي ستنتج عن إغلاق القناة، كما يتعشم، لمضاعفة الأرباح. ويختتم المقال بتكهنه أن مبارك سيصمد، لكن عما قريب من الممكن أن يزحف "الغوغاء" على القناة..

معلقون إسرائيليون من اليمين..ومن اليسار

إلى جانب ردود الأفعال الرسمية، كانت هناك تعليقات وتحليلات كثيرة للغاية من جانب مسيسين ومحللين، من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار، نورد هنا نماذج قليلة منهم.
فمن اليمين يأتي د.مردخاي كيدار، ضيف قناة الجزيرة الشهير، في مقال بعنوان"مصر إلى اين؟.. كل السيناريوهات، نشره موقع كيكار هاشابات(2فبراير). يميل كيدار نحو سيناريوهات شديدة التطرف، ويعوزها الكثير من الدقة، فأحد السيناريوهات التي يطرحها، هي صعود الإخوان المسلمين للحكم، وتحقيق أهدافهم، من وجهة نظره، وهو تطبيق الشريعة، في الحياة اليومية، وفتور العلاقات مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة، لكن الضغوط الأمريكية، والتلويح بإمكانية تقديم المساعدات الاقتصادية للنظام، سيجعل الإخوان المسلمين يتراجعون عن موقفهم إزاء الولايات المتحدة وبالتالي إسرائيل.

أما السيناريو التالي فهو أن نظام الإخوان، ايضا، سيقوم بخطوات صريحة في اتجاه قطع العلاقات مع إسرائيل وأمريكا، كما أن وقف السياحة سيجعل مصر في ظرف اقتصادي سيء، لن تنجح إيران في ظروفها الحالية في إنقاذها منه، فتضطر مصر لرفع رسوم المرور في القناة، مما يؤدي إلى رفع الأسعار عالميا، وقد يتطلب تدخل دولي، ثم يقدم الإخوان على حرب ضد إسرائيل لتفريغ الغضب الشعبي ضد النظام. ومن ثم يهيب بالإسرائيليين بالاستعداد لمثل هذا السيناريو.
يختتم كيدار مقاله بترجمة لحديث ينسبه للنبي محمد ومعناه أن "حكم طاغية لسبعين سنة ولا فتنة يوم واحد" وينطلق من أن النبي محمد اعلم بـ“سيكولوجية الشرقيين“ وهو أنهم يحتاجون لديكتاتور يحكمهم..!

وفي مقال بعنوان(الثورة في مصر: دولة الاضطرابات والفوضى(24فبراير) يستند كيدار إلى حوار دار بينه وبين ديبلوماسي مصري على علاقة صداقة به، وهو ان الدول الديمقراطية، ومنها إسرائيل!، يتمتع الفرد فيها بحرية واحترام للقانون، في إطار عقد اجتماعي بينه وبين السلطة التي لا تحتاج للقهر من اجل فرض النظام، ومن هنا يدور كيدار دورة واسعة ليعود للتحليل نفسه وهو أن الشعب المصري، من تلك العينة من الشعوب التي لا تتحمل الديمقراطية.

وعلى اليسار..

يستنكر المدون اليساري روعي تسزنا، بعض التصريحات، من بينها رأي المستشرق جاي باخور، ي أول فبراير"سيظل مبارك على كرسيه حيث ان مصر يلزمها فرعون"، أو رأي رئيس شعبة الاستخبارات عند اندلاع أولى التظاهرات، من أنه لا قلق على استقرار النظام.

أما اليساري شموئيل أمير في مقال بعنوان(الثورة المصرية وما ورائها، نشره موقع هاعوكيتس اليساري،16فبراير)، فيعبر عن دهشته وإعجابه بتفجر الثورة المصرية، قائلا:
"ثمانية عشر يوما حبس فيها العالم أنفاسه، بعد ان اقنعنا المؤرخين والمحللين والصحفيين ان عهد التغيير بالجماهير قد ولّى، وأن التغير المتاح هو بالمطالبة والمناشدة ويتوقف على كرم الحكام وما يلقوه من فتات للجمهور. فالتغيير الحقيقي الوحيد يأتي عبر ثورة، لذا فإن الأنظمة الحاكمة ترد فور اندلاع ثورة "لنحافظ على الاستقرار" وهو ما يعني استقرار أوضاعهم. لكن الثورة المصرية كانت ثورة حقيقية قامت بها الجماهير من كل ارجاء البلاد، وخاصة الشباب، وفي النهاية انضم إليهم عمال الحديد والصلب، الذين كان إضرابهم الضربة القاضية لنظام مبارك".

الثورة المصرية في نظر "أمير" قريبة من الثورة الفرنسية التي كان شعارها "حرية مساواة أخوة"، حيث خرج الشباب المصري ضد الاستبداد والفقر، ولم تفرق بينهم الدين او المذهب..ثم يسهب أمير في المقارنة بين الثورتين الفرنسية والروسية من جهة ، وما يتوقع ان تقابله الثورة المصرية، من الأمل في الانتشار والاتساع، ومن خطر محاصرتها بالرجعية، مثلما واجهت الثورتين الفرنسية والروسية. ويقول أمير أن العدو الأساسي للثورة المصرية هو الولايات المتحدة، برغم تصريحات باراك اوباما الذي نعته بأنه "رجل لكل العصور أو رجل لكل الخطب" مستدلا بخطاباته المتناقضة بشأن الصراع العربي-الإسرائيلي، وقال أن الولايات المتحدة كانت حريصة على استقرار مبارك طول الوقت، لكن استمرار الثورة جعله تتخلى عنه وتنتقل لمستوى الحفاظ على النظام بتغيير بعض الوجوه، والديكورات. فالولايات المتحدة التي تريد دوما الاحتفاظ بانظمة متعلقة بها، بما في ذلك مصر وإسرائيل والسلطة. ومصر بثرواتها وموقعها الاستراتيجي تمثل للولا يات المتحدة مرتكزا للسيطرة، لذلك حصل النظام على ثلاثة مليارات دولار سنويا، توزع على الجيش والنخبة الحاكمة.

وأجمل أمير أن كلمة إمبريالية هي كلمة غير محببة لدى الإسرائيليين لكن، وكما اضطروا للتعود على كلمة ثورة، عليهم بالتعود على كلمة إمبريالية.

"الديمقراطية في مصر آخر ما تتمناه إسرائيل.. بل هو اكثر ماتخشاه".

هكذا يرى امير أن اي نظام ديمقراطي لن يسمح بتلك السياسات التي انتهجها مبارك إزاء إسرائيل، ولن تقبل اتفاق سلام يسلب حقوق الفلسطينيين، وتواصل إسرائيل من خلاله الاحتلال والاستيطان. وفي المجمل لن يسمح بكون إسرائيل شرطي أمريكا في المنطقة، ولن يقف صامتا إزاء المذابح الإسرائيلية في غزة، ولن يشارك في حصارها. وإن لم يدّعِ التكهن بمستقبل الثورة، يرى شموئيل امير أن العقبة الاساسية هو التحالف بين الامريكان والجيش المصري، مذكرا بأن الجيش حافظ على مؤسسات النظام أمام ثورة الجماهير، حتى لو أظهر التودد للجمهور الثائر.

تحت عنوان" متى نقول عقبالنا..؟" لا يرغب أمير في المبالغة في الحديث عن وضع السكان في إسرائيل، مشيرا أن طريق تبدل الوعي لدى الإسرائيليين لايزال طويلا، وسينضج مثلا عندما يدرك المستوطنون في سديروت ان الخطر الحقيقي ليس في صواريخ جراد من غزة، ولكن من السياسة العدوانية لإسرائيل. ويختتم أمير مقاله بقوله :" الواضح ان الثورة المصرية أظهرت فجاة أن الأمور التي كنا نعتقد انها غير ممكنة ممكن ان تحدث في الواقع. فهل يحدث تغير ثوري لدينا؟"

أما المدون اليساري أهرون صاحب مدونة تيكون عولام، (الثورة المصرية مليون علامة استفهام، وإجابة واحدة) ينطلق من السخرية من تحليلات الصحفيين والساسة والمحللين، وحتى رجال المخابرات، كما أفرط أهرون في تحليله ان ارتقاء الوعي لدى جميع المضطهدين بأن هناك مصدر واحد للظلم، سيجعل الإسرائيليين، وغيرهم، في ضفة واحدة امام المؤسسات الحاكمة المستغلة.