ونحن على درب تونس لسائرون

سقط "بن علي" في الرابع عشر من يناير الماضي، وذاق الشعب التونسي طعم الانتصار، ورغم هذا رفض الشعب التونسي أن تنتهي ثورتهم المجيدة إلى ما يسمى بالحكومة الانتقالية وعلى رأسها أحد رموز النظام السابق وأحد أعضاء حزب بن علي الحاكم وهو "محمد الغنوشي". وعي التونسين الدرس مبكراً، فأدركوا أن ما حدث كان فقط بداية، أسقطوا الديكتاتور، الطاغية، ولكن بقيت للديكتاتورية مؤسساتها ونظامها وحزبها. ووقف الشعب التونسي بحزم ضد كل من حاول امتصاص غضبهم ومطالبتهم بالاكتفاء بازاحة بن على، وضد كل من حاول أن يخدعهم ممهداً لإعادة انتاج بن علي جديد بعد ستة أشهر عندما تجرى الانتخابات كيفما أرادوا. فلم يركن التونسيون إلى السكون، ولم تكن غايتهم اسقاط الطاغية فحسب ولكن تقويض كل أركان النظام الفاسد بدءاً من الحكومة ومجلس الشعب وإلغاء العمل بالدستور وصولاً إلى حل "البوليس السياسي" الذي كان الوسيلة والأداة التي استخدمها بن علي طيلة ثلاثة وعشرون عاماً في قمع الشعب التونسي والقضاء على أي شكل من أشكال الحياة السياسية في تونس. لقد تمسك الشعب التونسي بكافة المطالب التي رفعتها الثورة ولم يتنازل الثوار عن أي منها وتيقنوا أن بدون تحقيق هذه المطالب ستظل الثورة في خطر الوقوع في أيدي المتربصين بها، ولهذا رفضوا المساومة عليها مع من تبقى من فلول النظام الذين خاضوا معركة شرسة من أجل الفتك بالثورة والقضاء عليها. وفي الوقت الذي ظن فيه البعض أن الثورة قد نجحت، واكتفى بعضهم بما تحقق من مكاسب، واصل الشعب التونسي الاحتجاج والتظاهر وظلت منطقة "ساحة القصبة" بوسط العاصمة التونسية تشهد توافد آلاف المحتجين من شتى المدن التونسية مؤكدين أنهم لن يرحلوا حتى تتحقق جميع مطالبهم ، فدفع هذا الغنوشي لإجراء بعض التعديلات الوزارية في حكومته ولكن هيهات أن يرضي هذا الشعب التونسي الثائر الذي لم يرضى بغير اقتلاع كل بقايا النظام السابق من كافة المراكز السياسية داخل تونس. وفي السابع والعشرون من فبراير وبعد مرور شهر ونصف على إسقاط بن علي، تمكن التونسيون بثباتهم وإصرارهم على مطالبهم واستمرارهم في التظاهر والاعتصام من إسقاط حكومة الغنوشي وتم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة كان من أول قرارتها وقف نشاط حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحزب الحاكم سابقاً، ورغم هذا أيضاً سارع الثوار بتوجيه الدعوة للتظاهر أمام وزارة الداخلية للمطالبة بحل "البوليس السياسي" الأمر الذي ردت عليه وزارة الداخلية بشكل سريع وأمرت بحل الجهاز. لقد أثبت الشعب التونسي أن تحقيق المطالب لن يأتي بالانتظار والهدوء من جانبهم أو بالمماطلة والتسويف من جانب الحكومات، بل بالتمسك بها والإصرار على تنفيذها وليس شيئاً آخر. اقرأ أيضاً: أمن الدولة.. لا تصالحهزيمة جديدة لأمن الدولة.. ولازالت الثورة مستمرة