بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ليون تروتسكي: النظرية والممارسة

« السابق التالي »

8 – بشائر المجتمع الجديد

من رحم ثورة أكتوبر، وُلِدَت دولة جديدة مبنية بالأساس على التنظيمات الجماهيرية الأكثر ديمقراطية في روسيا – السوفيتات – وبعدما رفض تروتسكي تولي منصب رئاسة الدولة، أصبح القائد الثوري فلاديمير لينين قائداً للدولة، ذلك المنصب الذي أُطلق عليه حينها “رئيس مجلس مفوضى الشعب”.

وبالرغم من الانتشار الرهيب للفقر في كل روسيا، وكل التهديدات التي وقعت تحت ضغطهما الدولة العمالية الجديدة، إلا أن الثورة الروسية قد كشفت النقاب عن النموذج الأكثر تحرراً وديمقراطية في العالم.

تمكن العمال من السيطرة على المصانع ومواقع الإنتاج، بينما صودرت أراضي الإقطاعيين وكبار الملاك وتم توزيعها على من يفلحها. في ذلك الوقت تولى تروتسكي مهمة التفاوض من أجل التوصل لمعاهدة السلام مع ألمانيا لإنهاء الحرب، وبعد جولات من التفاوض والضغط انتهت الحرب العالمية الأولى.

كان تروتسكي يجادل دائماً بأن “الطريقة المثلى لتقييم أي مجتمع هي طريقة تعامل هذا المجتمع مع المرأة”. ولقد عانت المرأة في روسيا القيصرية الكثير من أشكال الاضطهاد، والكثيرون كانوا ينظرون للمرأة باعتبارها ملكية خاصة للرجل. أما في ظل الحكم الثوري للسوفيتات فقد تحول الموقف بشكل كامل ليصبح لدى المرأة كامل حقوق المواطنة وحق التصويت، كما أن روسيا الثورية كانت البلد الأول في العالم الذي يعترف بحق المرأة في الإجهاض، والذي تشغل فيه المرأة منصب الوزيرة والسفيرة.

لقد كانت للثورة بصمتها المميزة في كل نواحي الحياة في روسيا، ففي مجال التعليم على سبيل المثال، تضاعفت أعداد المدارس، كما أطلقت الدولة السوفيتية الكثير من الحملات للقضاء على النسبة الكبيرة للأمية. تم إلغاء رسوم الدراسة في الجامعات، كما اعتنى لينين وتروتسكي بشكل خاص بإنشاء المكتبات العامة.

ظل تروتسكي طوال حياته مهتماً بكل ما يخص الأدب والفن والثقافة، وكما نجحت الثورة في إحداث تغيير جذري في العلاقات الاقتصادية، فقد دشنت أيضاً نهضة هائلة في الفن والأدب والسينما، إلخ.

كان فيكتور سيرج، الفوضوي الذي انضم إلى البلاشفة أثناء الحرب الأهلية، قد عبّر عن انتعاش الفنون بعد انتصار ثورة أكتوبر، وحتى خلال الحرب الأهلية: “ولقد كان ذلك بسبب أن المدينة الحمراء تعاني وتقاتل للدفاع عن نفسها، لذا فإن هناك ثمة يوماً للراحة والفن، فيصبح هذا اليوم ملكاً للجميع”.

وبالرغم من خراب الاقتصاد الروسي بسبب الغزو والحرب الأهلية، الأمر الذي وضع العراقيل أمام إنجازات الثورة، إلا أن روسيا السوفيتية قد ظلت المجتمع الأكثر عدلاً وديمقراطية الذي شهده العالم في ذلك الوقت.

« السابق التالي »