بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

السودان: الشمال والجنوب والثورة

« السابق التالي »

9. انتفاضة أكتوبر 1964

أجبرت الهزائم المتتالية في الجنوب النظام على فتح الموضوع للنقاش أمام الرأي العام. فاستغل الطلبة تلك الفرصة ونظموا اجتماعات في ساحات الجامعات لمناقشة القضية. سرعان ما تحولت النقاشات إلى تحريض ضد النظام، وبالرغم من تحرك النظام لمنع المناقشات قرر الطلبة استكمالها. في 21 أكتوبر 1964 تدخلت قوات الأمن لفض إحدى الاجتماعات. فاشتبك الطلبة الشيوعيون والإخوان المسلمون في صدام عنيف مع القوات التي قتلت طالباً وجرحت العديد.(34) تحولت جنازة الطالب إلى مظاهرة مشتعلة قوامها 30000 شخص، ثم أنضم المهنيون للطلبة وأسسوا ‘جبهة الهيئات’، وزادت حدة المظاهرات يواكبها زيادة حدة قمع الشرطة. وأسست الأحزاب الطائفية في المقابل ‘الجبهة الوطنية’ لتوازن قوى المهنيين. وأخيراً جاء تدخل النقابات العمالية تحت قيادة الحزب الشيوعي السوداني واشتعال إضراب عام في الخرطوم والمدن الرئيسية الأخرى بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير النظام العسكري. شل الإضراب العام الحياة تماماً في العاصمة التي تدفقت عليها أعداد غفيرة من المواطنين. وعجزت المؤسسة العسكرية عن التعامل مع الموقف، إذ تعاطف صغار الضباط مع المنتفضين ورفض الجنود الاستمرار في قمع الانتفاضة. وفى النهاية سقط نظام السفاح عبود وتسلمت جبهة الهيئات إدارة البلاد وتكونت الحكومة الجديدة في 26 أكتوبر.(35)

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا لم تتحول انتفاضة أكتوبر إلى ثورة اشتراكية؟ ألم يسيطر الحزب الشيوعي السوداني سيطرة مطلقة على النقابات العمالية والاتحادات الطلابية واتحادات المزارعين وهيئات المهنيين؟ الجواب يكمن في أيديولوجية الحزب الستالينية التي دفعته إلى عرقلة الحركة وتكبيل الجماهير تحت شعار أن السودان يمر الآن بمرحلة “الثورة الوطنية الديمقراطية” التي يجب أن تصل بالبرجوازية “المستنيرة” إلى الحكم لا العمال؛ التي يجب أن تنتهي بنظام برلماني لا سلطة المجالس العمالية. وبالتالي ساهم الحزب الشيوعي في تصفية الانتفاضة مقابل دخوله الحكومة الانتقالية والحصول على 3 حقائب وزارية.

« السابق التالي »