الصين ثورة من؟
1. مقدمة
لقد كانت الثورة الصينية من أعظم أحداث هذا القرن. لقد أطاح جيش المليون فلاح بالنظام القديم الذي سيطر عليه أمراء الحرب وإرهاب البوليس والتنافس بين الإمبرياليات الغربية واليابانية.
فبالنسبة لربع الجنس البشرى ظهر الطريق مفتوحا للتخلص من جذور الفقر والبؤس والمجاعة ولبناء مجتمع أفضل “لقد وقف الشعب الصيني على قدميه”،هكذا أعلن ماو تسي تونج في التأسيس الرسمي للصين الشعبية -وصدقه الملايين حول العالم.
بل وكان تأثير التجربة الصينية أقوى في انفجار أواخر الستينات السياسي، فبينما دخل الطلبة والعمال- في كل أنحاء البلدان الصناعية- المعركة ضد طبقاتهم الحاكمة نظر الكثير من الاشتراكيين نحو الصين باحثين عن الإلهام. وظهر أن معارضة ماو لكل من الإمبريالية الأمريكية والروسية وتأييده المعلن لحركات التحرر الوطني يضعانه على نفس الجانب من المتاريس. وظهرت الثورة الثقافية كدليل على أن المجتمع الاشتراكي يمكنه أن ينقذ نفسه من البيروقراطية من خلال عملية متواصلة من النضال. أما اليوم فقليل من الاشتراكيين ينظرون نحو الصين من أجل الإلهام.
تحطمت أوهام “الماوية” بواسطة حلفاء ماو الذين تخلصوا بشكل منظم من كل شيء فيه استراتيجية ماو للتنمية الاقتصادية. ذهب “الاعتماد على الذات” ليحل محله “اشتراكية السوق” وتوصف الثورة الثقافية الآن -وهذا صحيح- “ككارثة كبرى”. كما أعترف حكام الصين الجدد بأن الاقتصاد يمكن تحديثه فقط بواسطة الاندماج في الاقتصاد العالمي.
لقد أصبحت الصين جزءا من الاقتصاد العالمي التي ادعت يوما ما رغبتها في التخلص منه، إلا أنه في حقيقة الأمر اشترك ماو وحلفاؤه في نفس الهدف -بناء اقتصاد قوى يستطيع أن يتنافس مع بقية العالم. لقد تم إخضاع احتياجات وآمال العمال والفلاحين الصينيين لهذا الهدف. وكانت الطبيعة “الاشتراكية” للدولة الصينية خرافة منذ اللحظة الأولى.