بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أنطونيو جرامشي – النظرية والممارسة

التالي »

1- إيطاليٌّ منطوٍ

وُلِدَ أنطونيو جرامشي في إيطاليا ولم يكن حينها قد مر على حياة الدولة إلا ثلاثة عقودٍ، وكانت الجبهات الداخلية مازالت تمزّق الدولة الجديدة. لقد كان لمسقط رأسه وللمدينة التي بلغ فيها نضجه السياسي أثرًا بالغًا على مساره وتطوره، ذلك المسار الذي أدّى به لأن يصبح الثوري جرامشي.

حيث وُلِدَ عام 1891 في جزيرة سردينيا المنفصلة جغرافيًا عن إيطاليا القارية، والمنتمية الانتماء كله للجنوب الإيطالي. وكان الجنوب حينها قد خرج خاسرًا من عملية التوحيد عام 1861، والتي جمعت بين أغلب أجزاء إيطاليا كما نعهدها اليوم. وكما كان الحال في الجنوب، ساد في سردينيا الفقر والجوع والمرض والأمية، وزوّر الأعيان الانتخابات. كانت أسرة جرامشي تنتمي إلى الطبقة الوسطى، لكنهم عاشوا حياة قاسية. وعندما عارض والده الحاكم السياسي المحلي سُجن بموجب اتهامات باطلة.

شهدت الجزيرة وقتها قوى جديدة ناشطة؛ فقد تأثر عمال الفحم بالأفكار الاشتراكية وأضربوا عن العمل. ووجد الملاك صعوبة في قمع هذا العصيان، وجُنِّد شقيق أنطونيو الذي بدأ، وهو يقضي فترة تجنيده في تورينو، في قراءة الصحف الاشتراكية التي كان يرسلها إلى أخيه الأصغر.

دفع الغضب من الظروف السائدة في الجزيرة الشاب جرامشي إلى القومية الساردينية، التي ألقت باللوم على سكان روما وميلانو.

وبعد انتهائه من الفترة المدرسية المتقطعة، بسبب الحاجة إلى العمل وبسبب المرض الذي ترك عليه آثارًا دائمة ووهن مزمن، انتقل جرامشي إلى مدينة تورينو التي حوّلته إلى ثوري. وقد حصل على منحة دراسية من جامعة المدينة، أهلته لأن يبدأ دراسته عام 1911. وصل الشاب أنطونيو جرامشي إلى المدينة حاملًا في صدره غضبه من سكان إيطاليا، إلا أنه اكتشف في تورينو ما كان له شديد الأثر في حياته، وظل يذكر أهميته مرات ومرات بعد ذلك؛ فقد كانت تورينو موطن أكثر الطبقات العاملة نضالًا على مر الزمان.

التالي »