بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أنطونيو جرامشي – النظرية والممارسة

« السابق التالي »

15- الثورة في الغرب

تساءل جرامشي في كراسات السجن لماذا فشلت الانتفاضات الثورية التي اجتاحت غرب أوروبا في أعقاب الثورة الروسية؟ قال لينين وتروتسكي والقادة البلاشفة إن طريق الثورة سيكون أطول في الغرب من روسيا. عاد جرامشي لهذه الحجة وطورها، فقام بذلك بتعميق تحليل كارل ماركس للأيديولوجيا بشكل هام.

ركز محور كراسات السجن على الفوارق التي تواجه الثوار في غرب أوروبا وفي روسيا. وقال جرامشي إنّ “الدولة تمثل في الشرق كل شيء، والمجتمع المدني بدائي وفي وضعٍ ما بين بين، أمّا في الغرب فالدولة والمجتمع المدني يربطهما علاقة صحيحة، فكلما اهتزت الدولة ظهر على الفور البناء القوي للمجتمع المدني. (جرامشي، كراسات السجن ص 238).

كانت الطبقة الحاكمة بالنسبة لجرامشي أشبه بكائن القنطور الأسطوري، نصفه رجل والنصف الآخر حيوان، يحكم مستخدمًا القمع من خلال الدولة، وبموافقة المحكومين.

أما المجتمع المدني الروسي تحت سيطرة القيصر، حيث كانت إمكانية تنظيم حياة اجتماعية وسياسية خارج سيطرة الدولة المباشرة مُتاحة، فقد كان حديث النشأة. كان القبول الشعبي لحكم القيصر ضعيفًا، وكانت الدولة تعتمد مباشرة على استخدام القمع. كان هذا يعني بالتالي أن أي أزمة يمكن أن تتحول إلى مواجهة ثورية مع الدولة. وكانت مهمة الثوار أن يقودوا الهجوم المباشر على السلطة، كلما توفرت الفرصة. وأطلق جرامشي على هذا “حرب المناورة”.

استندت الطبقة الحاكمة في أوروبا الغربية من الناحية الأخرى على الرضا العام، وكانت لديها إمكانية الاعتماد على عدد متنوع من المؤسسات بداخل المجتمع المدني، الذي قام بتنظيم وتعزيز ذلك. وصفها جرامشي بأنها كسلسلة معقدة من الحفر حول حصن منيع، ألا وهو الدولة. فالمؤسسات، كالكنيسة والإعلام ونظام التعليم والأحزاب السياسية، تساعد على ضمان قبول الجماهير، وتسمح باستخدام القوة بحرص، وكسبيل أخير. كانت في الحقيقة بعيدة كل البعد عن تقليل التهديد الذي تمثله الدولة في الغرب، مما يعني أنها أقوى من الدولة في روسيا، ومن ثَمّ فعملية إسقاطها أصعب.

إذن، يجب أولا إضعاف الشبكات الداعمة للطبقة الحاكمة في المجتمع المدني، والأفكار التي ساعدت في ترسيخها في صراع أيديولوجي طويل، قبل أن يصبح الهجوم المباشر على الطبقة الحاكمة ممكنًا، هذا ما أسماه “حرب المواقع”. يجب على الشيوعيين أن يضعوا مهمة تفكيك حالة القبول التي تسمح للرأسمالية أن تحكم نصب أعينهم، مهما كانت مقيتة بالنسبة لهم.

فكيف تكسر الهيمنة، وتتحقق هيمنة منافسة ثورية؟

« السابق التالي »