أنطونيو جرامشي – النظرية والممارسة
كان وقع الحرب على إيطاليا كارثيًّا. فبسبب الحاجة إلى العمال الصناعيين، جُمِّع المجنّدون من الفلاحين، في سلسلة من الهجمات الأمامية الخائبة في المواقع النمساوية الألمانية في جبال الألب المغطاة بالثلج، تحت قيادة فيلق من الضباط الأكثر عندًا وفسادًا وتميزًا في أوروبا، وكانت منافسة عالية. حقق الصناعيون أرباحًا ضخمة جرّاء بيع المواد الألمانية بوساطة سويسرا المحايدة، مثل مصنع الإطارات “بيريللي”.
تضاعف حجم مدينة تورينو بعد سحب العمالة إليها من محيطها الريفي، وقد كان من ضمن تلك العمالة عدد كبير من النساء، اللائي سريعًا ما أنهكن تحت وطأة زيادة ضغط العمل وانكماش الأجور وارتفاع الأسعار. وازداد المهندسون المهرة تمرّدًا، في أنحاء أخرى من أوروبا، مع خسارتهم للامتيازات التي اكتسبوها نتيجة إدخال الآلات.
في أكتوبر لعام 1917، شُنَّ هجومٌ ألماني نمساوي من خلال كابوريتو، استسلم له 300 ألف عسكري إيطالي، وانشق عدد مماثل له، بعد ترك الضباط للجبهة. وتقهقر الجيش الإيطالي المشتت إلى الوراء حتى فينيسيا، وباتت إيطاليا مهددة بهزيمة ساحقة. وهكذا، وفي محاولة لحشد القوات، وعدت الحكومة المجندين بإعطاء أراض لهم بعد الحرب.
انتشرت سياسات التوسع الصناعي بسرعة مذهلة بعد واقعة كابوريتو. وأنهت إيطاليا الحرب وهي تمتلك مدفعية أكبر من بريطانيا؛ بصفتها مصدر للشاحنات والطائرات لحلفائها. كان عدد العمال المهندسين نصف مليون بنهاية الحرب، وتضخم حجم النقابات لتضم ثلاثة ملايين. إلا أن حياة الطبقة العاملة ضاقت بسبب التضخم، وساهم في تفاقم الوضع نقصٌ حادّ في الغذاء، إذ لم تستطع الزراعة الإيطالية توفير الغذاء إلى المراكز الصناعية الجديدة. أما المصانع ففرض عليها انضباطٌ عسكريٌّ، مع زيادة ساعات العمل وتجريم الإضراب.