بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

روزا لكسمبورج: النظرية والممارسة

التالي »

1- من هي روزا لكسمبورج؟

تعد روزا لكسمبورج واحدةً من الشخصيات المثيرة للجدل، بل ومن الشخصيات التي أُسِيئ فهمها وتقديمها أيضًا. فمن خلال الاستماع للنقاشات التقليدية قد نستنتج أنها شخصيةٌ مسالمة رافضة للعنف، في الوقت نفسه الذي لُقبَت فيه “روزا الدموية”، وقد نستنتج أنها رمزٌ نسوي لكنها لم تكن مهتمةً بتحرير النساء بشكلٍ خاص، وقد يُستَنتَج أيضًا أنها معادية للينينية دافعت عن الإرهاب الأحمر، أو أنها مؤمنةٌ بالحتمية التاريخية وضعت كل ثقتها في النشاط الذاتي للعمال، وأنها ثوريةٌ صلبةٌ مُتفرِّغة للعمل الثوري كانت أيضًا إنسانة.

إن الأمر الوحيد الذي يتفق عليه الجميع هو أن حيويتها وطاقتها والتزامها بكل ما فعلته قد جعلوا منها إلهامًا للآخرين. فقد حقَّقَت في حياتها القصيرة القاسية قدرًا غير عاديٍ من الإنجازات أمام كل الإجحاف الذي واجهته كيهوديةٍ بولنديةٍ وكامرأةٍ وكصاحبة جسدٍ ضئيلٍ ضعيف.

كانت لكسمبورج اشتراكيةً ثورية كرَّسَت كل حياتها لتحقيق التغيير الجذري، وذلك منذ المراهقة في بولندا في ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى مقتلها عن عمر السابعة والأربعين أثناء الثورة الألمانية عام 1919.

كانت لكسمبورج ناشطةً وخطيبةً ذات مكانةٍ عظيمة ومُعلِّمة ومُنَظِّرة. وقد اشتبكت مع النضالات الناشئة من حركة العمال المتنامية، هذا إلى جانب تحليلها لهذه النضالات. فقد كتبت العديد من النصوص الرئيسية والتي تشمل “الإضراب الشامل” و”إصلاح أم ثورة”، تلك النصوص التي طوَّرَت التراث الماركسي وفق الظروف الجديدة للقرن العشرين. كانت لكسمبورج ناقدةً ماركسية أصرَّت على مناقشة الإستراتيجية في الحراك ولم تفترض قط صحة رأي ما ببساطة لمجرد أن قائله أكبر سنًا أو أرفع قدرًا.

ناضلت لكسمبورج للدفاع عن تراث الاشتراكية من أسفل، ناظرةً إلى النشاط الذاتي للعمال كأساسٍ للاشتراكية بدلًا من التطلُّع ببساطة للتمثيل في البرلمان. وأدركت قوة الإضرابات الشاملة التي اندلعت في روسيا في 1905، ووصفت كيف تجاوزت هذه الإضرابات الحواجز بين النضالات السياسية والاقتصادية.

وقفت، مع آخرين قلائل، ضد رهاب الحرب العالمية الأولى في الوقت الذي خضع فيه أغلب الاشتراكيين في ألمانيا وفي أوطانهم في أنحاء أوروبا للدعاوى القومية الداعمة للحرب. وقد سُجِنَت أغلب فترة الحرب لأمميَّتها المبدئية ضد هذه المذبحة التي وضعت العامل في مواجهة العامل، وقد وجدت لكسمبورج أملًا وإلهامًا في الثورة الروسية عام 1917.

في هذا الكتيب، أهدف إلى إزالة بعض الضباب المحيط بروزا لكسمبورج لإعادتها إلى موقعها كـ”روزا الحمراء” الثورية. وإن كان من الصعب إنصافها في هذا المساحة البسيطة للكتيب، لكنني آمل أن أُقدِّم جانبًا عن هذه المرأة وأفكارها وحياتها المندمجة مع النضال من أجل تحرُّر كل البشر.

التالي »