بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

روزا لكسمبورج: النظرية والممارسة

« السابق التالي »

16- ثورة مضادة

في السابع من ديسمبر، أُلقِيَ القبضُ على ليبكنخت في مكتبه وكان ليؤخذ لولا تدخل إيكهورن الثوري رئيس شرطة برلين والعضو المستقل بالحزب الاشتراكي الديمقراطي. وقد كانت محاولة الاختطاف جزءًا من مؤامرة اغتيال على يد مجموعة من المرتزقة قام بتأجيرها القائد العسكري لبرلين وهو أيضًا عضو بالحزب الاشتراكي الديمقراطي. وكانت تعليماتهم هي “التعقُّب والإيقاع بقيادات عصبة سبارتكوس ليلًا نهارًا لمنعهم من التحريض والعمل التنظيمي”. منذ ذلك الوقت ولكسمبورج ورفاقها اضطروا للعيش كالمطاردين. أقامت لكسمبورج بفندق مختلف كل ليلة باسم مستعار لتتركه في الصباح الباكر لتجنُّبِ الزوار غير المرغوبين.

كان الجنرالات يُشكِّلون فرقًا شبه عسكرية من الجنود الناقمين العائدين من الجبهة وكانوا يُحرَضون بحماسةٍ مضادة للثورة. أُسنِدَت وزارة الدفاع إلى جوستاف نوسكه من حكومة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان قائدًا أعلى لهذه القوات المعروفة باسم “فرايكوربس” (أي الفيلق الحر) كانوا مُصمِّمين على السير في برلين لسحق الشيوعيين والثورة بعد إغرائهم للخروج في الشوارع.

في 4 يناير 1919، فُصِلَ إيكهورن لاتهامه زيفًا بالاختلاس، وأثار ذلك غضبًا حيث كان يعتبر رجل ثورة ونزاهة، فقامت مظاهرة جماهيرية دعمًا لإيكهورن في 5 يناير. شجَّعَت هذه الحالة كلًا من ليبكنخت والنقابيين الثوريين لإعلان لجنة ثورية بهدف انتزاع السلطة في برلين.

كان ذلك خطًا حاسمًا؛ فالعمال المستعدين للانتفاضة كانوا يُمثِّلون أقلية – أما الأغلبية فكانت ما زالت لديها أوهام حول الديمقراطية البرجوازية – وقد نص البرنامج الشيوعي تحديدًا على أنه لابد من كسب غالبية العمال للاستيلاء على السلطة. وقد اتخذ ليبكنخت القرار دون الرجوع لباقي الحزب الشيوعي. وحينما سمعت بذلك لكسمبورج، تشاجرت مع ليبكنخت وقالت له مُوبِّخةً إياه: “هل هذا برنامجنا يا كارل؟”. لكنها لم تستطع إهمال الحركة عندما قامت؛ فقد نادت بالدفاع المسلح والنشط عن الثورة برغم عدم وجود وسائل لذلك. أما اللجنة الثورية، فلم تكن قادرة على قيادة العمال الذين تشجَّعوا على نزول الشوارع واحتلال البنايات في برلين؛ فتردَّدت اللجنة، درست إمكانية التفاوض مع إيبريت، فيما كان مؤيديها متحصنين في البنايات في انتظار التوجيهات.

في 11 يناير؛ حشد إيبيرت ونوسكه قوات الفرايكوربس لاستعادة برلين بالقوة، وانطلقت موجة ذبح وإرهاب دامت ثلاثة أيام قتل خلالها آلاف العمال؛ فقد كانت الثورة المضادة في حالة هجوم.

نُصحت لكسمبورج وغيرها من قيادات مجموعة سبارتكوس بمغادرة المدينة حفاظا على سلامتهم لكنهم رفضوا؛ إذ لم يكن في مقدرتهم التخلي عن العمال وقت الهزيمة. أخيرا أخذت مجموعة من القوات الحرة لكسمبورج من مكان اختبائها وقتلوها إلى جانب كارل ليبكنخت وألقوا بجثتها في القناة.

“إن الخبيثة العجوز لا تستحق أفضل من ذلك” قالها الضابط فوجل المسؤول عن مقتل لكسمبورج لتعبر مقولته عن كراهية الفرايكوربس لكل ما مثلته روزا لكسمبورج.

قبيل وفاتها، تمكَّنت لكسمبورج من كتابة مقالٍ أخير بعنوان “يسود النظام في برلين” وقد نُشر في جريدة الراية الحمراء في 14 يناير، وفيه حاولت لكسمبورج شرح أسباب إخفاق الانتفاضة للعمال وكيفية النهوض ثانية؛ فكتبت:

“أخفقت القيادة. لكن القيادة يمكن ويجب أن تُخلق ثانية بيد الجماهير ومن الجماهير. فالجماهير هي العامل الحاسم؛ إذ أنها الصخرة التي عليها يُبنى النصر النهائي للثورة. يسود النظام في برلين! أيها الأذناب الأغبياء! إن نظامكم مبني على الرمال وستنهض الثورة بنفسها ثانية وبقوة وستنادي فوق رعبكم منشدة: كنت وأكون وسأكون”.

« السابق التالي »