بتاريخ 6 مارس 2004
مرافعة الأستاذ نبيل الهلالي في «قضية الاشتراكيين الثوريين»

مقدمة:
في 17 إبريل 2003 داهمت مباحث أمن الدولة منزل الناشط الاشتراكي أشرف إبراهيم في غيابه، واستولوا على جهاز الكمبيوتر الخاص به وأوراق بعد تفتيش المنزل بدون إذن قضائي. واحتجزت أمن الدولة الرفيق أشرف في 19 أبريل وتم نقله إلى سجن طره، حيث استمر حبسه لمدة ثلاثة أشهر ونصف دون تحقيق مع تجديد الحبس بإنتظام من نيابة أمن الدولة. في 30 يوليو بدأ أشرف الاضراب عن الطعام احتجاجا علي تمديد إعتقاله بدون تحقيق.
وفي 14 أغسطس 2003 وجهت نيابة أمن الدولة العليا إلى الرفيق أشرف ومعه مصطفى البسيوني، ويحيى فكري، وريمون إدوارد، وناصر البحيري، تهما بــ”تأسيس وقيادة تنظيم شيوعى سري، والسعى لقلب نظام الحكم، وحيازة منشورات، والاتصال بمنظمات حقوق الإنسان العالمية بهدف الإساءة إلى سمعة البلد”.
لم تكن تلك القضية ليست سوى تصفية حسابات وإرهاب للحركة الجماهيرية وإرهاب المناضلين ظناً من أجهزة الدولة أن الحركة ستتراجع أو تنكسر، فدائماً بعد أن تهدأ الأمور وتتراجع الحركة الجماهيرية يبدأ إنتقام أجهزة مباحث أمن الدولة بمن شاركوا في الحركة أو لعبوا أدوارا قيادية فيها.
عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 2000 تفجرت حالة الغضب الشعبي داخل مصر، وبدأت معها موجة تظاهرات طلاب الجامعات وطلاب المدارس الثانوية والإعدادية جابت شوارع القاهرة في حركة مرت بموجات من الصعود والهبوط والصدام مع الدولة وأجهزتها القمعية، لتصل ذروتها في المظاهرات المناهضة للحرب على العراق يومي 20 و21 مارس 2003 بميدان التحرير وفي شوارع القاهرة، حيث ربطت الجماهير في شعاراتها بين ما يحدث في فلسطين والعراق وما يحدث على أرض مصر.
طالبت الجماهير بطرد السفيرين الأمريكي والصهيوني، وطالبت بالحريات وإلغاء حالة الطوارئ في مصر. وقفت الجماهير ضد من يقومون بتجريف المنازل والأراضي على أرض فلسطين وضد من قاموا بتجريف البنوك المصرية ونهبها.
دق ناقوس الخطر لمن يحكمون يومي 20 و21 مارس 2003، ومنذ ذلك التاريخ تزايدت الحملات والمداهمات والاعتقالات.. والقمع بالضرب والبلطجة والاعتقال للعديد من المناضلين وبالتعذيب والصعق بالكهرباء للعديد من الشباب داخل مقار مباحث أمن الدولة، وتلفيق التهم للنشطاء ومنهم الاشتراكيين الثوريين.
تتطوع عدد من المحامين للدفاع عن الاشتراكيين الثوريين وكان منهم الأستاذ نبيل الهلالي، المعروف بـ”قديس اليسار المصري”، واشتهر بالنضال من أجل حقوق الفلاحين والعمال والحريات، والدفاع عن المعتقلين السياسيين ومنهم الإسلاميين في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. كان الهلالي قد انضم منذ 1948 إلى الحركة الشيوعية المصرية، وكان أحد أركان “الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني”. أسس حزب الشعب الاشتراكي عام 1987، بعد خلافات مع الحزب الشيوعي حول الموقف من الإسلاميين والتحالف مع النظام مبارك في “حربه على الإرهاب”.
وقد أعتقل الهلالي مرتين في عهد جمال عبدالناصر، الأولى عام 1959 وكانت لمدة خمس سنوات، والثانية عام 1965 لمدة أربع سنوات. وفارق الحياة في 18 يونيو 2006 عن عمر يناهز 84 سنة.
ويتشرف موقع «الاشتراكيون الثوريون» بإعادة نشر المرافعة، ويمكنكم الاستماع لها على هذا الرابط.
المرافعة:
أشرع في مرافعتي دون استهلالات أو مقدمات منضما لما سبق من دفوع وأوجه دفاع ملتمسا الإذن ببعض الاسترسال دون التكرار وبعض الإضافة دون إفاضة.
لقد اعتدنا القول سيدي الرئيس بأن بلدنا المحبوب منكوب بما نسميه ويسميه كل ديمقراطي في هذا البلد بترزية القوانين، يفصلونها على هوى الحكام، لكن في تقديري أن الآفة الأكبر والأخطر تتمثل في ترزية القضايا. يختلقونها ويلفقونها حسب مزاج الحاكم ويزحمون بها ساحات المحاكم.
وقضيتنا هذه هي نموذج صارخ لهذا الصنف من القضايا الملفقة. وهي استهدفت تحديداً، وأنا هنا مش عايز أخرج عن حدود الدعوى، الوثيقة التي استندت إليها النيابة لتعتبرها دليل الإدانة الأساسي على نشاط أشرف ابراهيم أنا استخدمها أيضا كدليل براءة أساسي بالنسبة لحضراتكم.
هذه القضية لم تستهدف توجيه ضربة أساساً لتنظيم يقولوا عنه أنه تنظيم عاوز يقلب نظام الحكم أوغيره. هذه القضية استهدفت أساساً توجيه ضربة إجهاضية لتحرك شعبي مستند إلى حكم قضائي تاريخي لتنظيم مسيرة شعبية تعبر عن موقف مصر من العدوان الأمريكي وتبدأ من السيدة عائشة إلى السفارة الأمريكية مخترقة شوارع محمد على وهذه هي حقيقة القضية؛ ولذلك المحضر اللي النيابة بتستشهد به ليس محضر سري ولا تنظيم سري وإنما محضر شرعي. وزي ماقال زميلنا الذي سبقني لأن النيابة بتقول إيه في هذا المحضر، النيابة بتقول في محضر اطلاعها على هذا المستند إنه ورقة ثابت بها ميعاد إجتماع يوم كذا بمقر نقابة المحامين والاتصال لمزيد عن التفاصيل عن هذا الاجتماع بالأستاذ أحمد نبيل الهلالي!
ومؤتمر صحفي للمثقفين المصريين ولمزيد من الاتصال والتفاصيل الاتصال بأشرف إبراهيم المتهم الأول لو أن هذا الاجتماع لتنظيم سري أو لنشاط غير مشروع لماذا أنا لا أقف الآن كما قال زميلي في قفص الاتهام؟ جنبا إلى جنب مع المتهم الأول ولماذا أتشرف بالدفاع عن أشرف أمام حضراتكم؟ مش بس كده، شوفوا حضراتكم أهمية هذا المستند، وأرجو من عدالة المحكمة أن تراجع التواريخ لتؤكد هذه التواريخ أن الأمر كله كان مقصودا به ضربة إجهاضية للاجتماع اللي حصل في نقابة المحامين في 11 مارس، طبعا الاجتماعات كانت بتحضر لتنفيذ الحكم، وأنا سأتشرف بتقديم هذا الحكم لحضراتكم، أنا جايب صورة معايا. في 11 مارس بدأت التحضيرات على قدم وساق وكان أشرف اللي بيقولوا أنه كان ممثل لتنظيم غير شرعي في اللجنة هو كان دينامو اللجنة كان بيكتب المحاضر وطبعا ده نشاط مشروع المهم إنه ما إن إقترب موعد المسيرة طبعا المسيرة تأخرت لأن مباحث أمن الدولة حاولت تضرب عرض الحائط بها من خلال الاستشكالات، اترفض واتحكم ضد وزارة الداخلية بـ 400 جنيه غرامة من محكمة القضاء الإداري المهم إن ميعاد هذه المسيرة إقترب وطبعا كان لابد أن المباحث تختطف أشرف إبراهيم من الحركة الشعبية المناصرة للشعبين العراقي والفلسطيني، في محاولة لإجهاض هذه المسيرة.
النيابة والمباحث بيقولوا إن أشرف بيحرض على مسيرات ومظاهرات. أنا أتشرف بتقديم صورة من هذا الحكم التاريخي الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري والذي قال بأحرف من نور “إن الدستور أباح للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة وتسيير المواكب، وهذا الحق يمثل نافذة للمواطنين للتعبير عن أرائهم يطرحون فيه أمالهم معبرين في شكل من أشكال التفكير الجماعي عن مواقفهم وتوجهاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية وسجل الحكم إن مصر استوت”….- مين اللي يهز هيبة مصر!؟ أشرف إبراهيم واللي عايزين يعملوا مظاهرات تضامنا مع الشعبين العراقي والفلسطيني ولا مباحث أمن الدولة؟ حضراتكم الحكم بيقول إيه أمام حضراتكم “إن مصر استوت على قمة العالمين العربي والإسلامي في حضارة فريدة وثقافة جعلت منها في ثورات العرب وحروبهم وإنتصاراتهم الدولة القائدة، وإن تعبير شعبها عن رؤيته في مسألة، رؤيته اللي المباحث بتحاول أن تصادر حق الشعب المصري في ….. ويعبر عن رؤيته، في رؤيته لمسألة مصيرية تتعلق بشعب عربي بات أمراً لازماً يشارك مع الموقف الرسمي للدولة في نبذ كل عدوان أو تهديد به ينال احد الشعوب العربية”.
وبعدين المباحث كانت اعترضت على المسيرة، المسيرة كانت المفروض تبدأ من السيدة عائشة مرورا بشارع محمد على إلى العتبة إلى التحرير إلى السفارة الأمريكية فالداخلية قالت لأ “سيندس المخربون والهدامون في هذه المسيرة أنا باعترض لاعتبارات أمنية” لكن المحكمة هنا قالت “إن واجب الأمن أن يحمي هذه المسيرة يمكنها من أن تقوم ويحميها من اندساس أي عناصر تحاول أن تخرب أو تعمل أي عملية تخريبية، وواجب على الإدارة أن تبعد عن التجمعات والمواكب كل راغب في إهدار الأمن العام والسكينة العامة وتفريغ المظاهرة من نبل مقصدها إلى آخر ما سترونه حضراتكم من هذا الحكم”.
المضحك بقى في الأمر أنه في الوقت اللي المباحث ونيابة أمن الدولة حاولت تصور هذه المظاهرات كأنها مظاهرات هدامة ومخربة، الإعلام الحكومي تاجر بهذه المظاهرات ليبدو أن مصر ديمقراطية، ومظاهرات التحرير وغيرها وغيرها أذيعت في القنوات الفضائية المصرية المملوكة للدولة وأذيعت في الصحافة المصرية. وأنا هاقدم لحضراتكم هنا نموذج كان بودي أن أقدمها بكرة، شوفوا حضراتكم جريدة “المساء” كتبت إيه عن هذه المظاهرات لأن دي مسألة غريبة جدا لأنه في المساء جايبين تصريح لمسئول أمني بيقول إنه لم يحدث أي خلل في هذه المسيرة وأن المسألة كلها تمام التمام لا في حد هتف ضد النظام ولا حاولوا يحرفوا المسيرة عن أهدافها وهذا الكلام ثابت في ما نشرته جريدة “المساء” الحكومية إذا أنتقل بعد ذلك مباشرة إلى بعض الإضافة المتعلقة بمادة الاتهام .. المادة 86 مكرر بتاعة التنظيم، أنا طبعا سأتشرف بأن أقدم لحضراتكم بعض الأعمال التحضيرية الكاملة لهذا القانون، المادة 86 مكرر أضيفت إلى قانون العقوبات بموجب القانون 97 لسنة 92 القانون ده عمل إيه؟ أعاد ترتيب مواد قانون العقوبات المتعلقة بجرائم أمن الدولة “ضد الحكومة” اللي حصل أنه قسم التبويب الجديد هذا الباب إلى قسمين: القسم الأول من 86 إلى 89 خاص بجرائم الإرهاب.
الكلام ده مش جايبه من عندي ده من المذكرة الإيضاحية.
والقسم الثاني خاص بالجرائم الأخرى اللي بترتكب ومضرة بالحكومة من 89 مكرر إلى 102 مكرر. مادة الاتهام دي جاية ملحقة بالمادة 86 يعني الفصل الخاص بجرائم الإرهاب يستهله المشرع بمادة 86 تعرف ما هو الإرهاب في تطبيق هذا القانون.
إذن جميع المواد الللاحقة بما فيها المادة 86 مكرر معطوفة على المادة 86 يبقى لما نيجي نفسر أحكام المادة 86 مكرر يجب أن نلتزم بالتعريف الوارد في مستهل الفصل الأول من الباب الثاني، اللي هو تعريف ما هو المقصود بالارهاب يبقى ما تجيش النيابة تقول لأ بأي وسيلة مادام المادة ما تكلمتش عن القوة يبقى أي وسيلة يبدأ بها المشروع تكفي لإدانته طبقا للمادة 86 مكرر، لأنه طالما المادة 86 مكرر موقعها من القانون هو في الفصل الخاص بجرائم الإرهاب فلابد أن يكون هذا التنظيم تنظيم إرهابي ويجب على النيابة أن تقدم لنا الدليل أولا قبل أن تطالب بتطبيق المادة 86 مكرر الدليل من واقع الأوراق على أن هذا التنظيم هو تنظيم إرهابي. هذا لا يكفي شوفوا حضراتكم يؤكد كلامي تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن هذا القانون الذي قدم في مجلس الشعب. بيقول “ظهرت في السنوات الأخيرة صور جديدة لجريمة لم يكن يعرفها المجتمع المصري من قبل تتسم بأنها ترتكب بوسيلة معينة هي القوة او العنف أو التهديد ولما كان التشريع العقابي هو أداة المجتمع الحاسمة لمواجهة أي سلوك اجرامي ينال من أمن المجتمع، فقد أعدت الحكومة مشروع القانون المطروح على المجلس لمواجهة هذا التيار الإجرامي الجديد”.
يبقى لازم المادة 86 مكرر بتتكلم عن أي وسيلة هي غير مفصولة عن الوسائل المنصوص عليها في تعديل المادة 86 الخاصة بالارهاب أي أية وسيلة من وسائل الإرهاب الواردة على سبيل الحصر في هذه المادة التي يستهل بها المشرع هذا الفصل من القانون. مش بس كده لما جه وزير العدل في بيانه اللي حاول يقنعنا في مجلس الشعب أنه مفيش خطر، الخطر كله على الإرهابيين مفيش خطر على الحرية ولا الديمقراطية، الخطر كله على الإرهابيين. إن الفلسفة التي قامت عليها التعديلات يمكن إيجازها فيما يلي: ده كلام صاحب المشروع صاحب الفرح! “أولا: إن التدخل التشريعي لمواجهة الافعال الإرهابية قد أصبح ضرورة لا مناص عنها، ذلك أن الإرهاب والتطرف والعنف أمر يرفضه كل مواطن”.
وبعدين بيتكلم عن ترويج وزير العدل في بيانه عندما يقول: “كل من روج بالقول، روج لهذه الجماعات التي تتخذ من الإرهاب وسيلة لها، حزب من الأحزاب يدعو إلى تغيير قانون أو نص من الدستور هذا أمر لا اعتراض عليه” ففيما التخوف إذا على القانون ويريحونا أما تعطيل الدستور، نص كلام كمال الشاذلي وأكده أستاذ القانون الجنائي ورئيس مجلس الشعب د. فتحي سرور، وأنا أحيل إلى الأعمال التحضيرية حتى لا أطيل على حضراتكم. الملحوظة الثانية طيب نحن بنقول لو علشان نحاكم مجموعة أو جماعة أو تنظيم الاشتراكيين الثوريين بالمادة 86 مكرر يجب أولا أن يثبت أن هذا التنظيم تنظيم إرهابي.
طيب فين الدليل على أن هذا التنظيم استخدم القوة أو العنف أو التهديد او الترويج؟
هنا بقى هاقول لحضراتكم حتى في حكاية الدعوة إلى تعطيل الدستور والقوانين أنا مش هأطيل في الحتة دي أنا حاجيب لحضراتكم مرجع بالغ في الأهمية، أنا أعتقد تقريبا يكون المرجع الوحيد في شرح قانون الإرهاب للدكتور محمد محمود سعيد رئيس قسم القانون الجزائي في جامعة حلب سابقا وهو مصري يشرح القانون وبيشرح إيه المقصود من تعطيل الدستور وينتهي كلامه إلى أن تعطيل الدستور غير نقد الدستور ولا المطالبة بتغييره.
تعطيل الدستور مدلوله القانوني هو تعطيل الحياة الدستورية، وفيه سابقتين في تاريخنا المصري؛ السابقة الأولى لما إسماعيل صدقي عطل دستور 23 وأصدر قانون بتعطيل الدستور، والسابقة الثانية هي حصلت بعد ثورة يوليو لما صدر الإعلان الدستوري في 10- 12- 1952 بإعلان إسقاط دستور 23 وحل البرلمان. وآدي المقصود بتعطيل الحياة الدستورية لكن استبدال دستور بدستور ده حق لأن الدساتير من صنع البشر ولا يجوز إعطاء حصانة لها. وفي مصر بالذات حتى فقهاء الحكومة قالوا ان الدستور مش جام الدستور مرن بالنسبة لتعطيل أحكام الدستور أن فيه فرق بين تعطيل القانون ونقد القانون. نقد القانون مباح مباح مباح، ومن سنة 38 محكمة النقض قالت إيه؟ “نقد القانون من حيث عدم توافر الضمانات الكافية في أحكامه من قبيل النقد المباح لتعلقه بما هو مكفول من حرية الرأي للكشف عن عيوب القوانين”. فلو رجعنا إلى مرجع ثاني لمستشار فاضل هو المستشار عماد النجار وأعتقد أنه الآن مساعد وزير العدل في مرجعه الهام “النقد المباح” القانون بحسب الأمد أي الأصل إرادة الشعب بقصد تحقيق خير الجماعة فإذا عن للجماعة من أنه لا يحقق شيء ولا داعي لطاعته، ده مش عضو في تنظيم الاشتراكيين الثوريين ده مستشار فاضل يعني في القانون كما يجب أن يكون القانون، فليس ذلك إلا النقد المباح المبتغى به مصلحة الجماعة وبقى تعديل القوانين أمر لا مشاحة فيه ولم تعرف الإنسانية قانوناً أبدياُ فكيف لا يباح تغيير القانون وحتى كيف لا يباح الدعوة إلى عدم طاعته ده الكلام القانوني السليم وما دام في ذلك خير المجتمع فليتخذ المشرع من هذه الأفكار وسيلة لتعديل القانون، فيما يتعلق بتعطيل المؤسسات، هي أي دعوة كده تبقى تعطيل المؤسسات!
دا تعطيل المؤسسات، يقصد به منع المؤسسات من مباشرة أعمالها والحيلولة تماماً بين إحدى السلطات العامة وبين ممارستها عملها مثلا من قبيل المنع عدم تمكين الوزارة يعني د. عاطف عبيد جاي يدخل مجلس الوزراء يفاجأ بأنهم خطفوه ومنعوه من الدخول؛ هنا تعطيل اجتماع لمجلس الوزراء. أيضا عدم تمكين المجلس النيابي من عقد اجتماع لتفجير المكان المعد لانعقاد الاجتماع. عدم تمكين قاضي أو محكمة من عقد جلسة محددة لنظر إحدى القضايا، بتقييد حرية أحد العناصر التي تشكل منها المحكمة، أو بالسيطرة على المكان المعين لعقد الجلسة إلخ .. إلخ.. طبعا النيابة حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولفت نظري أنه في ملاحظاتها جابت حتة. حاسة انه مفيش حاجة تسند الاتهام قالت إيه؟ بقى ملحوظة من ملاحظاتها في امر الاحالة “ثبت من اطلاع النيابة العامة على المطبوعات المضبوطة أنها تتضمن.. تتضمن إيه…. ده كلام النيابة الإسقاط على نظام الحكم.. ياسيدي الإسقاط على نظام الحكم شيء وإسقاط النظام القائم شيء آخر..!! الإسقاط على نظام الحكم يعني ألقّح على النظام.. يعني أنغزه لكن إسقاط النظام ده شيء آخر.
لكن النيابة مشكورة حددت بالضبط إيه الإسقاط على نظام الحكم وبعض القوانين كقانون العمل.. ده كلام ده تعطيل القوانين! وبعض مؤسسات الدولة كمجمع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف. أنا حاقدم لحضراتكم ندوة كاملة عملتها منظمة من منظمات حقوق الإنسان في مصر يأتي فيها فقهاء إسلاميين، وفقهاء من رجال الفكر بيقولوا إن الدور اللي بيلعبه الأزهر الشريف هو وصاية على فكر المثقف وعلى الإبداع الفكري وهذا المجمع تسبب في مصادرة، مش مطبوعات الاشتراكيين الثوريين أو الشيوعيين المصريين، ده تسبب لضيق تفكيره في مصادرة خمسة كتب لمستشار فاضل من أساطين الفكر الإسلامي 5 كتب صادروها للمستشار سعيد العشماوي ولذلك عمل الندوة دي وكلها بتدين مجلس البحوث لما أنا باعطل ممارسة إحدى مؤسسات الدولة ده كلام غير معقول.
سيدي الرئيس نقطة هامة جدا.. آسف للإطالة هنا بقى لفت نظري في كلام الضابط إنه بيتكلم عن نوعين من التطبيق، أهداف سماها ” أهداف مرحلية وأهداف مستقبلية” أنا حبيت هنا أسأله: وضح لي ياحضرة الهمام… واضح إنه كما قال ابتدأ العمل من 99 يعني سنة ثالثة حضانة في المباحث.
إحنا أيامنا لما كنا متهمين ومحامين كان مستوى محترم مش القضايا الهزؤ دي. قال هنا الهدف الحالي المرحلي بتاع النهاردة “جدول أعمال التنظيم النهارده إثارة الرأي العام بس كده!” لكن في النيابة فسر وقال التضامن مع العمال في أي مكان في العالم حتى تتحقق الاشتراكية العالمية. حرجع لحكاية الاشتراكية العالمية لأن حضرة الشاهد الهمام اللي قبل ما يعمل قضية يقول إنه تنظيم تروتسكي .. لازم يفهم إيه هي التروتسكية علشان يقدر يحبك القضية حبكة معقولة!
هنا بيقول إيه.. التضامن ودعوة كل الثوريين من أجل بناء تنظيم اشتراكي ثوري، أدي كل الهدف الحالي، وهذا يعتبر الهدف المرحلي للتنظيم.
المادة 86 مكرر لم تتحدث عن كل هذه الأشياء أما الهدف المستقبلي، ده كلامه، فهو تغيير نظام الحكم.. آه.. دخلنا بقى في المادة 86 مكرر وإقامة نظام شيوعي راديكالي متشدد وتغيير مؤسسات الدولة.
يبقى إذن كل الكلام اللي النيابة تقوله أو المباحث بتقوله حاجة داخلة تحت عنوان “الأهداف المسـتقبلية” وهنا بقي قال الأهداف المستقبلية هي تغيير الدستور وتغيير مؤسسات الدولة هنعمل ميلشيات عمالية وهنعمل مش عارف مجالس عمالية إلى آخر هذا الكلام الذي لا أثر له في الأوراق. يبقى إذا عدنا للمادة 86 مكرر لا نجد أنها تتطرق إلى كل هذا الكلام.
إيه حكاية الثورة الدائمة، هم بيقولوا إن التنظيم ده مؤمن بالثورة الدائمة أنا هنا حانطلق “مش هادخل بقى…. ما احناش في مجال شرح المواضيع السياسية أنا حالتزم بمفهوم المباحث” إيه هي الثورة الدائمة.. الثورة الدائمة معناها إيه حسب ما بيقولوا معناها إن ماباقومش بثورة اشتراكية أو أنشأ نظام شيوعي في بلد لوحده لازم الثورة العالمية تقوم في كل أنحاء العالم وبناء عليه نقيم النظام الشيوعي في كل أرجاء الأرض.
شوفوا حضراتكم هذا الكلام معناه براءة هذا التنظيم من تهمة المادة 86 مكرر لأنه هنا هو بيقول إيه في التحريات عن التنظيم في ص 2 “إن النضال من أجل الاشتراكية لابد أن يشمل كل دول العالم، حيث أكدت تجربة الثورة الروسية أن الثورة الاشتراكية لا يمكن أن تحيا في بلد واحد وستتحول كما تحولت روسيا والصين إلى بلد رأسمالي”. يبقى هذا التنظيم إذا كانت روسيا كما تقول المباحث والثورة التروتسكية حسب هذا المفهوم عاوز يعمل النهارده دولة اشتراكية في بلد واحد هو مصر يبقى لازم يعملها في إطار ثورة عالمية حسب المفهوم التروتسكي. طيب يبقى إذن أنا عاوز أسرح في الخيال إذن الكلام حسب مفهوم المباحث ودون ان اتدخل يبقى إذن مفهوم تروتسكي عند مباحث أمن الدولة لا يعاقب عليه القانون لأنه حلم بعيد الأمد.
يعني القانون لا يعاقب على الأحلام ولا يعاقب على الأماني. يعني إذا كان المثل بيقول الجعان يحلم بسوق العيش. المباحث عاوزة تصادر حق الجياع في أن يحلموا بنظام مستقبلي يوفر لهم لقمة العيش ويوفر لهم الحياة الكريمة.
إن رسالة قانون العقوبات في أي مجتمع من المجتمعات هو حماية المجتمع من خطر حال يتهدده فعلا وأساس التجرم هو قيام خطر الحال وليس خطر وهمي أو خيالي أو إفتراضي أو احتمال مازال في علم الغيب.
شوفوا حضراتكم بقى المادة نرجع بقى للمادة 45 عقوبات أنا عاوز هنا أقول إيه إن أنا هاختم النقطة دي بحكم صادر للتنفيذ مش صادر حتى من محكمة ذات صفة دستورية. ده صادر من محكمة عسكرية عليا يعني إحنا لنا موقف حازم وحاسم من المحاكم العسكرية لكن في هذه القضية بالذات أثر هذا الحكم المبدأ كانت القضية الانتماء إلى تنظيم الجهاد، والمحكمة حكمت ببراءة 96 واحد من تهمة الانتماء لتنظيم الجهاد وقالت إيه “أما ما قاله المتهم عن فتح الأرض بعد التمكين فهو أمر لازال في طيّ الاحتمال بعيد المنال”، زي الثورة العالمية، وليس في قدرة أي من الجماعة اللجوء إليه حاليا يكاد يصل إلى مرتبة الجريمة المستحيلة فإن هذا كله لن يكون طبقا لرأي المتهم الذي ذكره إلا بعد أن يزيل الله الكافرين ولا يستطيع أحد ولا النيابة ولا غيرها أن يحدد هذا الوقت ولو على سبيل الاحتمال أو التقريب أو حتى مجرد الظن”.
سيدي الرئيس، بعد ذلك أنتقل إلى نقطة سريعة في المادة 80 فقرة د اللي هي بتاعة الاتصال بالمنظمات الأجنبية والهيئات أولا أنا بدفع بتجهيل التهمة لأنه أوراق الدعوى خالية من تحديد معلومة كاذبة واحدة، مش كلام مرسل، معلومة كاذبة واحدة قام المتهم بنشرها في الخارج مفيش.
عظيم يعني إيه معلومات كاذبة عن إنتهاك حقوق الإنسان، عن مصادرة الحريات عن التعذيب، مفيش ولا اتهام كما وردت في أمر الإحالة! مقولة واحدة.. خبر.
ثانيا: انتفاء الدليل على أن المتهم نفسه ده بعت أي خبر من هذه… لأنه حتى المباحث لما ضبطت أداة الجريمة المزعومة اللي هي الكومبيوتر لم يثبت بالدليل المادي أنه استخدم في إرسال أي خبر من الأخبار المزعومة المدعية.
ثالثا: أنا بدفع بانعدام المسئولية الجنائية لوجود سبب من أسباب الإباحة فيما يتعلق بجريمة المادة 80 فقرة ب لأنه حتى لو أن أشرف استخدم أو أرسل أخبار عن التعذيب أو أرسل أخبار عن الحد من الحريات إلى منظمات حقوق الإنسان في الخارج هذا حق وهذا واجب. زميلي الأستاذ سيف أشار إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أنا حاقدم لكم العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية ينص في الديباجة بتاعته:
“إن الدول الأطراف في هذا العهد إذ تدرك أنه على الفرد الذي تترتب عليه واجبات إزاء الأفراد الآخرين وإزاء الجماعة التي ينتمي إليها مسئولية السعي إلى تعزيز ومراعاة الحقوق المعترف بها في هذا العهد”. وبعدين جاب المادة 19 برضه اللي أشرت إليها”.
واذكر هنا بموقف للمسئولين كان موقف حرج جدا لأنه هم رايحين يحضروا الوفد المصري ده كان رايح يحضر إحتفالات إعلان عالمي لحماية نشطاء حقوق الإنسان في نفس الوقت كانت المباحث العامة، بغباء شديد، بتحرج الوفد المصري وعلى رئاسته سيدة مصر الأولى لأنها قبضت على أمين عام المنظمة المصرية لحقو الانسان اللي النهاردة تم تعيينه عضو المجلس القومي لحقوق الانسان. شوفوا حضراتكم هذا الإعلان يؤكد أن حقوق الإنسان عالمية وأن هذه العالمية تستند إلى أولوية احترام الكرامة الإنسانية وأنها تسمو على الأيديولوجي.
أيضا يؤكد بشدة حق كل إنسان في المساهمة في إعمال تلك الحقوق بمفرده أو في إطار جماعة حتى لو كانت جماعة اسمها الاشتراكيين الثوريين ونؤكد أن هذا الحق يشمل أي عمل كان خاصة الأعمال الموجهة لحماية الضحايا أو تعزيز حقوقهم دون أي حق أو قيد فيما عدا تماشي هذا العمل مع الإعلان العالمي ويشمل هذا الحق بصفة خاصة الجوانب الآتية: “حق المرء في الدفاع عن حقوقه وحقوق غيره”.
يعني أنا لما أسمع أنه فيه واحد بيتعذب لازم أبلغ المنظمات الدولية وأقول لهم إلحقوا فيه مواطن مصري شقيقي بيتعذب في السجن.
الحق في الحصول على المعلومات وحرية عقد الاجتماعات وحرية التعبير والاتصال بالمدافعين عن حقوق الإنسان وحق هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان في تبادل الاتصال فيما بينهم.
وحقدم لحضراتكم بقى حكم المحكمة الدستورية العليا بيؤكد حق تدفق المعلومات. أكثر من كده! ها اقدم لحضراتكم نص الحكم الصادر من محكمة النقض ببراءة د. سعد الدين إبراهيم اللي كان اتحكم عليه بـ 7 سنين بذات التهمة إنه بعت تقارير لمنظمات دولية بيقول فيها إنه حصل تزوير في الانتخابات وبيقول فيها أن هناك إضطهاد للأقباط في مصر. وقالت النيابة إنه إساء لسمعة مصر. محكمة النقض ألغت الحكم وأرست مبدأ بالغ الأهمية قالت فيه “أن ما أرسله الدكتور سعد الدين إبراهيم لا يعدو فيما يتعلق بتزوير الانتخابات وهموم الأقليات أن يكون رجع صدى لما نشر في مؤلف أو تناولته الصحف أو تردد في دعوى قضائية مما لا يستعصي مع ثورة الاتصالات أن يصل العلم به لمن يطلبه من خارج البلاد ومن ثم فإن إرسال المتهم شيء من هذه المعلومات أو الأبحاث سواء كانت أصلا من إعداده أو أجراها غيره إلى جهة معينة في الخارج ليس في هذا الإرسال على ما سلف ذكره ما يتضمن أخبار كاذبة ولا إشاعة ولا إذاعة كاذبة إلى آخره”.
اللي أنا حاقدمه لحضراتكم يبقى بعد ذلك هل صحيح أن مفيش تعذيب في مصر؟ أنا أطالب النيابة أن تقيم الدليل على أنه أنا إذا كنت بعت خبر أقول أنه فيه تعذيب في مصر النيابة تكذبني هي اللي عليها عبء الاثبات تقدم لي الدليل أنه مفيش تعذيب في مصر.
مئات التقارير الصادرة من الطب الشرعي في قضايا الإسلام السياسي اللي بتسجل التعذيب الوحشي البشع للمتهمين. وأحكام محاكم الطوارئ اللي أهدرت الاعترافات في هذه القضاي إاستنادا إلى التقارير الطبية أنا حاقدم الدليل .. مطبوعات صادرة في مصر وترسل إلى الخارج صادرة من مراكز حقوق الإنسان في مصر تفضح الصورة البشعة للتعذيب الذي يجرى في سجون ومعتقلات مصر بعد ذلك اعتقد أننا نقرب على نهاية المسألة.
سيدي الرئيس. أنا آسف إذا كنت أثقلت.. إنما عايز أقول كلمة أخيرة. النيابة تعتبر إنه لسه في حد بيتكلم عن الاشتراكية، إنه لسه مش عايزين كلام هدام ومش عارف إيه.. النيابة يبدو عندها معيار غريب جدا، إيه المباح وإيه غير المباح في التعبير عن الرأي.
التعبير عن الرأي مش حدود الإباحة فيه اللي على مزاج الحاكم أبدا.. بل بالعكس.. أنا من حقي أن أخالف الحاكم وأخطّئ الحاكم وأهاجم الحاكم.
مش أنا اللي بأقول هذا الكلام، شوفوا حضراتكم الكلام ده وارد في حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا. قالت فيه “إن المقياس مش مقياس إيه اللي يتفق مع رأي السلطة أو الحاكم، بالعكس هنا يجب أن تكون الحرية الكاملة للمواطن في أن يعبر عن رأيه”.
يبقى بعد ذلك إنه أقول سيدي الرئيس وحضرات المستشارين، النيابة بتتكلم عن الجماعة دول عملوا تنظيم سري، إيه سري وإيه علني؟ سري وعلني إستناداً إلى معايير وضعتها تشريعات غير دستورية! الدستور يكفل حق تكوين الأحزاب، ولما يحيل إلى القانون لتنظيم هذا الحق لا يبيح أن القانون يمنع تشكيل الحزب. فلما ييجي قانون غير دستوري يقول لي إن الحزب ده يبقى شرعي لمّا آخذ رخصة! هو الأحزاب بوتيكات! عاوزة رخصة من الحكم المحلي علشان يفتح الحزب! شوفوا حضراتكم
الحظر التشريعي المفروض على الأحزاب يجب ان يوارى التراب وتشديد الحساب وتغليظ العقاب لن يسعف ولن يجدي. مش القوانين غير الدستورية اللي هتمنع المواطنين المصريين من حقهم في إنشاء أحزابهم مهما كانت هذه الأحزاب وحتى لو كانت رغم أنف الحاكم.
الحزب السياسي يظل أولا وأخيرا نتاج الضرورة الموضوعية.
إذا توافرت هذه الضرورة يبقى هذه هي شهادة ميلاد الحزب حتى لو اعتبرتها مباحث أمن الدولة حزب ساقط قيد. وإذا انتفت هذه الضرورة فهذه هي شهادة وفاة الحزب حتى لو حاول أنصاره تحنيط جثة
بعد ذلك أقول أنه من المؤسف جدا أن تطرح على حضراتكم هذه القضية في وسط الضجيج والأهازيج حول إصلاح سياسي وانفتاح ديمقراطي مزعوم موعود. وهذا يضاعف من مسئوليتكم ومسئولية الهيئة الموقرة لأنه في ظل هذه الضجة الكبرى حول الانفتاح الديمقراطي وفي ظل الهجمات الموجودة من الخارج والضغوط التي نرفضها تماما لكنها تستغل الوضع غير الديمقراطي في مصر لتفضح من كان محل رضاء من قبل
شوفوا حضراتكم.. إختلاق هذه القضية قاطع الدلالة على أن الدولة في مصر، وأنا بأصفها دائما عندما أتحدث عنها بأنها دولة بوليسية، ماضية في ثبات في مصادرة الحريات. إن محاكمة المتهمين في القضية الماثلة بالمواد المستحدثة لمكافحة الإرهاب دعابة سمجة لا تضحك وإنما تبكي لأنه ليس في اضباطنا لا مفرقعات ولا أسلحة!
مجرد أوراق وأفكار، والفكر الإنساني لا يرعب ولا يرهب إلا أعداء الإنسانية وإذ أودع المتهمين أمانة في أعناقكم. إسمحوا لي أن أختم مرافعتي بأن أعبر عن ثقتي الكاملة في أن ترزية القضايا مهما تفننوا في الاختلاق ومهما أتقنوا فنون التلفيق سيكونوا عاجزين لا محالة عن تضليل العدالة؛ لأن العدالة تظل لها عينها الساهرة، وهي دوما قادرة على انتشال الحقيقة من تحت ركام الأباطيل.
وآسف للإزعاج والإطالة، وشكرا.
الحكم:
وقد أصدرت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ برئاسة المستشار أحمد شوقي الشلقاني، حكمها الصادر ببراءة المتهمين: أشرف إبراهيم، ومصطفى البسيونى، ويحيى فكرى، وريمون إدوارد، وناصر البحيري، من التهم المنسوبة إليهم، وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها:
1- أن من المقرر أن التحريات لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها.
2- خلو الأوراق من أي دليل يقيني يؤيد التحريات على علاقة المتهم الأول وباقي المتهمين بالتنظيم المزعوم.
3- أن التحريات فحسب هي سند القول بوجود تنظيم الاشتراكيين الثوريين وهذا ما قرره الشاهد بالجلسة صراحة.
4- التحريات وحدها هي سند إذاعة المتهم لمعلومات كاذبة عبر شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بصرف النظر عن صحة أو كذب هذه المعلومات.
5- لم يشهد ضابط الواقعة بمشاركة أي من المتهمين في أي مظاهرات تتضمن الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور أو إسقاط نظام الحكم وإقامة نظام آخر.
6- أن عبارة “اللجنة الشعبية” المحررة بخط المتهم وحسبما شهد الشاهد صراحة بالجلسة ـ تعني اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالتنظيم المزعوم.
7- عدم وجود سيطرة فعلية ومنفردة للمتهم الأول على الحجرة محل ـ ضبط المضبوطات لكونها مفتوحة ومطروقة لمشاركيه في السكن ومن يستضيفه ـ المذكورون بصرف النظر عما حوته تلك المضبوطات.
8- ما ثبت بتقرير أبحاث التزييف والتزوير بأن بعض الأوراق الخطية المضبوطة بمسكن المتهم ليست بخطه مما يوحي بأن آخرين ترددوا على ذلك المكان أو وضعوها به.
9- عدم الاطمئنان إلى ما ورد بتقرير المعمل الجنائي لاختلاف بيانات القرص الصلب عما هو ثابت بتقرير اللجنة الفنية الثلاثية.
10- تلف القرص الصلب حال دون التعرف على محتوياته وما إذا كان قد استخدم في إذاعة معلومات عبر شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
11- عدم الاطمئنان إلى التفريغ الحاصل من القرص الصلب للملفات الحاوي لها لثبوت تلف ذلك القرص بتقرير اللجنة الفنية.
12- عدم وجود بصمة تميز المطبوعات الصادرة عن جهاز الحاسب الآلي المضبوط لإمكان فك القرص الصلب ووضعه في جهاز آخر واستخراج مطبوعات من الجهاز الآخر.
13- النشرات المضبوطة لم تكن معدة للتوزيع حسبما قرر الشاهد بالجلسة.
وحيث أنه لما تقدم فإن الاتهام المسند إلى المتهمين يضحى محل شك لما أحاط به من ريب وشكوك ووهن وضعف أدلة الإثبات وخلو الأوراق من أي دليل يقيني على صحته يمكن الركون إليه لإدانتهم ومن ثم فإنه يتعين القضاء ببراءة المتهمين مما أسند إليهم عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية وبمصادرة المحررات المضبوطة عملاً بالمادة 32/2 عقوبات.