بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

نهاية ليل فرانكو الطويل

كان انتصار الجنرال فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية سنة 1939 هزيمة مروعة للطبقة العاملة. فقبل انتصاره هذا، كان العمال قد نجحوا في قيادة ثورة اشتراكية كبرى في أحد أهم أقاليم إسبانيا. ولكي يتمكن من قمعهم بالكامل، اضطر فرانكو إلى إطلاق العنان للإرهاب الجماعي، منفذا حكما بالإعدام ضد 15 ألف نقابي ويساري، ومؤسسا لديكتاتورية فاشية على طراز حكم موسوليني في إيطاليا. ومن بين “التيارات السياسية” اليمينية المتعددة التي دعمته في “حربه الصليبية” تلك، سمح فرانكو للفلانجة (الفاشيون) بالهيمنة. حدث ذلك على مستوى الحكومة والإعلام والتشريعات والأمن والتعليم العالي والسلطات المحلية.

سيطر الفلانجة أيضا على التنظيمات في أماكن العمل، متحكمين في العمال من خلال هيكل نقابي رأسي (OSE) ربط العمال بأصحاب العمل والدولة. النظام الجديد حظر الكيانات النقابية المستقلة وتعامل مع الإضرابات باعتبارها “خيانة للوطن”.

من جانب آخر مُنحت الكنيسة الكاثوليكية، وهي في إسبانيا آنذاك كانت تمثل “تيارا” يمينيا آخرا، سلطة السيطرة على التعليم بالمدارس، وعلى الرقابة – التي كانت بالغة المحافظة. وقد تم حظر لغات الأقليات، من نوع الباسكية والقطالونية. ومُنعت النساء من التواجد في الحياة العامة. وليزداد الأمر سوء خرجت البلاد من الحرب الأهلية لتواجه فترة من الكساد، فأصبح الجوع والحرمان من طبائع الأمور، واضطر حوالي نصف مليون فرد إلى النزوح إلى المدن الكبرى.

كان هذا هو الواقع البغيض الذي تعاملت معه الطبقة العاملة الإسبانية في أربعينات القرن الماضي، وهو ماأدى إلى عرقلة المعارك الجماهيرية لسنوات كثيرة مقبلة.

كان اليسار، الذي انتهى الأمر بغالبيته إلى المنفى، يتصرف حينها من منطلقات بائسة. فأثناء الحرب العالمية الثانية وضع الحزب الشيوعي (PCE) ثقته في الحلفاء، على أساس الافتراض القائل بأن دخول الحلفاء في حرب ضد ألمانيا وإيطاليا كان يهدف إلى مناهضة الفاشية! كان الأمل لدى الحزب أن يقوم الحلفاء بإسقاط فرانكو بعد هزيمتهم للفاشية.

لكن بالرغم من إرسال فرانكو لفرق عسكرية لتحارب جنبا إلى جنب مع هتلر، إلا أنه في المجمل بقي بعيدا عن الحرب، على الأرجح لأن إسبانيا الممزعة على أثر الحروب كانت عرضة للاجتياح بسهولة. وفي مقابل موقفه “الحيادي” هذا، تجاهل الحلفاء فاشيته ولم يفعلوا شيئا لمعارضته. ومع بداية الحرب الباردة صدر تقرير عن وزارة الدفاع الأمريكية يرى في إسبانيا المناهضة للشيوعية “حليف استراتيجي” وأقيمت من جديد العلاقات الدبلوماسية!

النضالات الأولى
النموذج الاقتصادي للفاشية اعتمد على الاكتفاء الذاتي (الأوتاركية)، ولكنه فشل بصورة كارثية. في أواخر الأربعينات من القرن الماضي، أدى انعدام المواد الخام والماكينات إلى ارتفاع رهيب في الأسعار، وانهارت قيمة الأجور الحقيقية إلى نصف ما كانت عليه في سنوات ما قبل الحرب! وتحت وطأة البؤس قامت إضرابات عامة محلية في العديد من المدن متوسطة الحجم.

في عام 1951، أدت الزيادة بنسبة 40% في أسعار رسوم المواصلات إلى مقاطعة جماهيرية للقطارات في برشلونة. وأضرب 300 ألف عامل عن العمل. حدث ذلك بقيادة مناضلين عماليين كاثوليكيين وشيوعيين نجحوا في اختراق هياكل النقابات الرسمية، وهي كانت خطوة مثيرة للجدل للغاية حينها. ووسط أجواء من النشوة العارمة أُلغي قرار الزيادة في الأسعار. وبعد ذلك بفترة قصيرة امتدت الإضرابات لتصل إلى مقاطعة الباسك – على الجهة المقابلة في إسبانيا.

ألغى النظام سياسة الاكتفاء الذاتي، جزئيا كرد فعل على تصاعد النضالات. أما السبب الآخر فقد كان تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. وطبقت الحكومة سياسة انفتاح اقتصادي عاد بفوائد على الشركات متعددة الجنسيات. وبعد ذلك بقليل سلم النظام ثلاثة من قواعده العسكرية إلى الولايات المتحدة. وفي المقابل، قادت أمريكا مبادرات لمنح إسبانيا عضوية كاملة بالأمم المتحدة – وهو ما تم تحقيقه في 1955.

ولتيسير هذه الصفقة، عمل النظام على تجميل مظهره الفاشي وسمح بإجراء انتخابات محلية (لكن بقيود ضخمة على المرشحين)، وأرخى قليلا من قبضته بتنازله عن فرض تحية العلم الفاشية. ورغم ذلك استمرت هيمنة الفلانجة على معظم أوجه الحياة، لكنهم شعروا بأن سلطتهم مهددة. ولذلك عملوا، كردة فعل، على تقوية قاعدتهم الجماهيرية. ففي جامعة مدريد، بدأ اتحاد الطلبة التابع لهم في تنظيم وقفات احتجاجية وأنشطة ثقافية “وطنية”، مع سماحه بنشر كتابات محظورة. أدى ذلك، بشكل غير مقصود، إلى تسييس أوسع للطلبة، وبدأ النضال من أجل اتحاد طلبة حر، الأمر الذي أدى لاحقا إلى مواجهات محتدمة بين الطلاب المعادين للفاشية والفلانجة المسلحين. فأغلقت الحكومة أبواب الجامعة وأعلنت حالة الطوارئ. لم يتعاف أو يعد أبدا اتحاد الطلبة التابع للفلانجة إلى سابق عهده.

بحلول عام 1956، نما الاقتصاد الأسباني بشكل ملحوظ لمدة تقترب من العشر سنوات. أدى ذلك إلى موجة هجرة جديدة من الريف إلى المراكز الصناعية الكبيرة. جاء المهاجرون محملون بتوقعات عريضة حول التحسين في ظروفهم المعيشية وفي وضعهم الحضري الجديد الذي أضعف مفاهيمهم التقليدية القائمة على الخضوع.

ثم أدت الزيادة في معدل التضخم إلى توقف عملية النمو الاقتصادي. عندها بدأت دورة جديدة من النضالات لعبت فيها العمالة المهاجرة الجديدة دورا بارزا. وفي إطار حرصه الشديد على الحفاظ على قاعدته بين صفوف العمال، وافق وزير العمل (المنتمي للفلانجة) على زيادة الأجور بنسبة 50%. وبعد سنوات من الخمول، ضغط العمال للحصول على مكاسب أعلى – بإضرابات في المواقع المنظمة تقليديا مثل أستوريا، قطالونيا، ومقاطعة الباسك.

لكن الدولة قررت إحكام قبضتها في هذه المرحلة: بإلقاء القبض على مئات العمال المناضلين وبتجميد الأجور. وفي المقابل تم إقرار نظام جديد للتفاوض على الأجور بين أصحاب العمل والعمال (ليحل ذلك محل النظام القديم وهو تحديد مستويات الأجور بقرار من الحكومة). نظام تحديد الأجور الجديد، المبني على أساس التفاوض، أصبح مركز التحركات والاحتجاجات العمالية لعقود لاحقة.

المعارضة
اختلفت أشكال المعارضة اليسارية في ظل حكم فرانكو عن يسار ما قبل الديكتاتورية. فالوسائل اللامركزية التي اتبعتها مثلا منظمة الـ(CNT) الفوضوية، كانت غير ملائمة للتفاعل مع ظروف النضال في ظل الديكتاتورية. أما الحزب الاشتراكي، فقد كان سلبيا بدرجة كبيرة. من هنا فقد أصيب كليهما – الـ(CNT) والحزب الاشتراكي – بالشلل والانهيار.

أما أكثر التنظيمات تأثيرا على النضالات فكانت التالية:

التنظيمات العمالية الكاثوليكية: أُسست هذه التنظيمات بغرض كسب العمال غير المتدينين إلى الكنيسة. أرسل القساوسة الصغار للتبشير في مناطق الطبقة العاملة الفقيرة، ولكنهم تحولوا إلى محرضين عماليين في غمار هذه العملية (إلى حد البسالة في أحيان كثيرة)! ثم بعد إغلاق هذه التنظيمات على يد الكنيسة، انضم الكثير من هؤلاء إلى الحزب الشيوعي أو إلى تنظيمات يسارية أخرى أكثر جذرية.

أما الحزب الشيوعي (PCE)، فقد ازدادت هيمنته باضطراد. فقد أصبح في منتصف السبعينات من القرن الماضي أكبر الأحزاب في إسبانيا. وقد لعب نشطاؤه من العمال دورا هاما وبطوليا في النضالات. لكن توجه الحزب الفوقي أدى إلى تبنيه لمواقف خاطئة تسببت في الإحباط – مثلا دعوته لـ”إضراب عام تحريضي” في عام 1959 وكان مصيرها الفشل التام.

فاعل آخر هام على ساحة اليسار كان التنظيم القومي الجذري المسلح للباسك (ETA). نشأ التنظيم كردة فعل على محاولة فرانكو حظر الهوية القومية للباسك، لغتهم وثقافتهم. كما كان حصيلة الانشقاق الذي حصل في صفوف الحزب القومي للباسك نتيجة لسلبيته ومحافظته. بدأ هذا الكيان الجديد بالقيام بعمليات مسلحة ضد عناصر في الدولة، الأمر الذي عادة ما قوبل بالقمع الوحشي. وقد بنى هذا الكيان نفسه على أساس أن الأقلية “المستنيرة” سوف تقوم بتحرير الجماهير. لكن، بتطور النضالات الجماهيرية في الواقع، أصبح هذا النموذج النخبوي على المحك وتعرض لانشقاقات.

ستينات القرن الماضي
خلال الستينات من القرن الماضي كان معدل النمو الاقتصادي في إسبانيا 8% سنويا. تمكن الاقتصاد الإسباني من الاستفادة من حالة الرواج العالمي بتقديم عروض سياحية قليلة التكاليف للأجانب، وبتقديم العمالة الرخيصة للشركات المتعددة الجنسيات. لكن التحسن في حياة معظم الإسبان كان هامشيا. فعلى سبيل المثال، في أواخر الستينات كانت نسبة مالكي السيارات بين صفوف الطبقة العاملة لا تتعدى 27%.

على أي حال، ساهم التوسع الاقتصادي في منح العمال الثقة اللازمة للنضال من أجل شروط عمل أفضل، وبدأت دورة جديدة من الإضرابات في شمال البلاد. شهدت تلك الإضرابات ظاهرتان جديدتان: الإضرابات التضامنية وتشكيل مفوضيات العمال (CC.OO). المفوضيات هي لجان للإضراب منتخبة في اجتماعات جماهيرية واسعة، تتولى التنسيق مع بعضها البعض على المستوى المحلي (وبعد ذلك على المستوى القومي). وقد لعب المناضلون الشيوعيون دورا مركزيا في تشكيلها وبنائها، ثم في الهيمنة على قيادتها.

وبرغم الإصلاحات الرمزية التي قام بها النظام في مجال النشر والحريات الأخرى، إلا أنه ظل فاشيا في الجوهر وحتى النخاع. إعدام المناضلين على نطاق واسع – بما في ذلك إعدام أشخاص متهمون بـ”جرائم” سياسية وقعت أحداثها أثناء الحرب الأهلية قبل ثلاثين عاما! – أدى إلى إدانة فرانكو عالميا.

كانت استراتيجية النظام فيما يخص النزاعات في أماكن العمل، على حد وصف نائب الرئيس حينها كاريرو بلانكو، هي على النحو التالي: “إذا ما كانت عواقب الاحتجاج في الشارع معروفة بالنسبة لأي شخص في إسبانيا، وهي أنه سيكون عرضة للأعيرة النارية من قبل الشرطة، فالإزعاجات كافة ستنتهي”. كان هذا وصفا دقيقا لكيفية تعامل الدولة مع الاحتجاجات. لكن الحقيقة أنه في لحظة معينة اختلفت النتيجة عما توقعه بلانكو!

في عام 1966 نادى الفلانجة القائمون على الـ(OSE) بإجراء انتخابات في أماكن العمل (مرة أخرى بهدف تعزيز قاعدتهم الجماهيرية). لكن في مدينة قطالونيا اكتسح مرشحو المفوضيات الانتخابات وتم سحق الفلانجة. ردت الدولة باعتقالات واسعة النطاق وبفرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر. واحتجاجا على ذلك، دعت المفوضيات إلى مظاهرة على المستوى القومي. وكانت الدولة، في الأسبوع الذي سبق ذلك، قد ألقت القبض على ألف من المناضلين في أماكن العمل، وأعقب ذلك عملية تسريح واسعة للعمال.

والخلاصة أنه بحلول نهاية عام 1967، كان معظم مناضلي المفوضيات قد فقدوا مواقعهم النقابية في الـ(OSE) أو فقدوا وظائفهم كلية. وبينما بدأ الاقتصاد في التباطؤ، فرضت الحكومة تجميدا على الأجور وحظرت المفاوضات الجماعية. وكانت النتيجة توقف مؤقت للنزاعات بأماكن العمل، الأمر الذي أدى إلى أزمة مؤقتة بالنسبة للمفوضيات.

جبهات متعددة
التقت حركة العمال بحركات فئات أخرى في مواجهة النظام. إذ غنى المطربون الشعبيون ضد ظلمه، في أحيان كثيرة باستخدام لغات محظورة مثل القطالونية، وأصبحت حفلاتهم الموسيقية بؤرا للاحتجاج السياسي والجماهيري. واستمر النضال من أجل اتحادات طلابية مستقلة، مثلا باجتماع 500 ممثلا للطلبة في كنيسة بمدينة برشلونة في عام 1966، وقد تم احتجازهم بداخلها لمدة يومين من قبل الشرطة. وكانت الجامعات عرضة للإغلاق باستمرار، وبصورة نهائية في حالة جامعة بايادوليد.

وفي عام 1969 أُعلنت حالة الطوارئ وأُلقي القبض على 300 طالب وطالبة. وهو ما أدى إلى إخماد محاولة إنشاء اتحاد طلابي مستقل مؤقتا. لكن ظلت الجامعات مكان يُسمع فيه صدى النضالات العمالية ذات المرونة والصمود الأعلى.

أيضا، استقوت الحركة العمالية بالحركات الاجتماعية الصاعدة في المدن الجديدة الفقيرة. في أحيان كثيرة، كانت قيادة تلك التحركات من النساء اللواتي استخدمن تكتيك قطع الطرق للاحتجاج على انعدام الصرف الصحي والإنارة والتعليم المجاني. وفي قطالونيا ومقاطعة الباسك ظهرت حركات قومية قوية ومتعددة. وفي أوج الصراع، في عقد السبعينات، شارك الكثير من العمال – حتى أولئك الذين ليس لديهم خلفية تربطهم بقطالونيا أو بالباسك – في المظاهرات الجماهيرية الداعية إلى الحكم الذاتي في الأقاليم.

من ناحية أخرى، تزايدت المعارضة الصادرة عن الكنيسة الكاثوليكية بشكل مفاجئ وكبير، وهي المؤسسة التي كانت يوما ما أحد أعمدة النظام! ففي 1966 نظم عدد من القساوسة العاديين تظاهرة ضد التعذيب نجحت شرطة مكافحة الشغب في تفريقها. وكان رد فعل الكنسية الرسمي هو إصدار أوامر بمنع أعضائها من التظاهر. لكن، مع تطور الحركة المناهضة لحكم فرانكو ونجاحها في اختراق صفوف الكنيسة، تزايدت الانتقادات الرسمية الصادرة عنها. في قطالونيا ومقاطعة الباسك جاهر الأساقفة باحتجاجهم على السياسات القمعية للنظام وأُبعدوا بالنفي. وفي عام 1971، انتقد الأساقفة والقساوسة، في سياق مجلس مشترك جمع بينهم، انحياز الكنيسة أثناء الحرب الأهلية. شكل ذلك ضربة أيديولوجية قاصمة لدولة فرانكو – وأيديولوجيتها الرسمية هي “القومية” و”الكاثوليكية”. وقد تبدت حساسية دولة فرانكو تجاه المعارضة الموجهة من الكنيسة في إنشائها لسجن خاص لرجال الكنيسة!

في بداية عقد السبعينات، كانت دولة فرانكو محاصرة من عدة جبهات. أثرت وغذت الحركات المختلفة في بعضها البعض وصبت باتجاه قيام معارضة سياسية عامة لحكم فرانكو. وبالرغم من استمرار وجود قاعدة جماهيرية تدعم فرانكو – تبدت في قدرته على حشد مئات الآلاف من المؤيدين له في تظاهرات – إلا أن الانقسامات داخل الطبقة الحاكمة (بالتحديد بين الفلانجة وطبقة “التكنوقراط”) تعمقت وأخذت أشكالا أكثر علانية – الأمر الذي عمل على تحفيز الحركة أكثر.

انفجار الإضرابات
في بداية السبعينات كان مؤشر الإضرابات صاعدا. وبحلول عام 1976 تجاوز عدد العمال المشتبكين في نزاعات 2,5 مليون عامل، وعدد ساعات الإضراب السنوي تضاعف عشر مرات! (أنظر إلى جدول 1). وبالرغم من عدم تمتع معظم تلك الإضرابات بالشرعية، إلا أن إسبانيا سجلت أعلى معدلات للإضراب على مستوى أوروبا! وقد شملت الإضرابات قطاعات لديها قدر محدود من الخبرة بمجالات النضال – العاملين بالبنوك والمكاتب والممثلين في التليفزيون.

الجدول رقم 1 النضالات الصناعية في إسبانيا 1968-1976

السنة عدد العمال المشتبكين

في نزاعات

ساعات عمل “مهدرة”
1968 130.742 1.925.278
1970 460.902 8.738.916
1972 277.806 4.692.925
1974 685.170 13.989.557
1976 2.519.000 106.560.000

المصدر: وزارة العمل؛ L. Enrique De la Villa and C. Palomeque, Introducción a la economía del trabajo

كان مصنع السيارات “سيات” في برشلونة هو أكبر أماكن العمل في أسبانيا. لكن تراثه فيما يخص تنظيم الصفوف كان ضئيلا. في عام 1971، رفضت الشركة التفاوض مع العمال للوصول إلى اتفاق. وبعد تنظيم عدد من الاحتجاجات المتتالية، تم احتلال للمصنع. أُرسلت شرطة مكافحة الشغب على ظهور الجياد لتجوب كافة أقسام المصنع. لكن العمال قاوموها ورموها بأدوات العمل. وقد أصاب الرصاص أحد العمال الشباب وتوفى في وقت لاحق. واحتاجت قوات مكافحة الشغب إلى 13 ساعة لاستعادة سيطرتها على المصنع. وفي اليوم التالي اندلعت مظاهرات تضامن وإضرابات في سائر أرجاء برشلونة. ثم اندلع بعد ذلك إضراب آخر في مصنع “سيات”، اعتقل بسببه 74 عاملا. هنا قررت الدولة أن تفرض تسوية على الإدارة، وكانت تلك بالقطع هزيمة لأصحاب الأعمال.

على جانب آخر، كانت التعاقدات المؤقتة هي السائدة في قطاع البناء والتشييد. سهُل ذلك من القدرة على استغلال العمال وصعّب من مهمة تنظيمهم. وبالتالي، تركزت ربع إصابات العمل في هذا القطاع بالذات. على أية حال، كان هناك الكثير من الشيوعيين الذين لجأوا إلى العمل في قطاع البناء بعد فصلهم من وظائفهم الأخرى، فقادوا إضرابات فيه في جميع أرجاء أسبانيا. وجاء رد فعل الدولة وأصحاب الأعمال مفتقرا لأدنى قدر من الرحمة، حيث قتل 5 عاملين واتبعت سياسة فصل جماعي.

كذلك تمت مواجهة قرار لأصحاب الأعمال بإغلاق محطة طاقة في برشلونة، بإضرابات تضامنية نجحت في شل مدن بأكملها.

المفارقة أن كثير من هذه الإضرابات تم تنظيمه في مقرات اتحاد العمال الرسمي (OSE)! وقد جرت انتخابات الـ(OSE) في عام 1975، ونجح أعضاء المفوضيات (CC.OO) ومؤيديهم من المناضلين في كسب أغلبية واضحة فيها. وبحسب المؤرخ سباستيان بلفور، “ما كان يستخدم في السابق باعتباره آلية للتحكم والسيطرة على الطبقة العاملة، أصبح الآن يستخدم بغرض إعادة بنائها”. كان الاتحاد على وشك الانهيار. فقد كُللت تكتيكات اليسار لاختراق اتحاد النقابات الرسمي بالنجاح.

أزمات متعددة
في عام 1970 أصدرت محكمة عسكرية حكمها بالإعدام على ستة من أعضاء التنظيم القومي الجذري المسلح للباسك (ETA)، بينهم اثنان من القساوسة، بتهمة قتل أحد عناصر الشرطة المعروفين بتعذيبهم للمواطنين. اندلعت الاحتجاجات في كل مكان بأسبانيا، واحتل 300 فنان ومثقف وعامل أحد أديرة قطالونيا. وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ بالبلاد، لكنها تراجعت عن أحكام الإعدام.

وبعد عدة سنوات، قامت الـ(ETA) بتفجير سيارة رئيس الوزراء. وقد زعم بعض المعلقين أن هذه الواقعة أضعفت النظام لأنها أظهرت للعيان مدى هشاشته. لكن الحقيقة أن هذا اليوم كان ميعاد محاكمة بعض قيادات المفوضيات (CC.OO)، لكن عملية الاغتيال السياسي فرضت إلغاء الاحتجاجات التضامنية مع العمال. ثم حكمت المحكمة على الـ10 قيادات المتهمين في القضية بمدد حبس تصل في مجملها إلى 162 سنة! إذن، فقد أحكم النظام قبضته واستصدر قرارا بفرض حالة طوارئ دائمة وشدد رقابته على وسائل الإعلام.

بسبب نشاط الـ(ETA) تعامل النظام بقسوة، بالتحديد في مقاطعة الباسك. ففي السنوات بين عام 1960 و1977 سجن النظام 8500 فرد من أهالي الباسك. ومع تصاعد الصراع الطبقي، كان لقمع أهل الباسك دورا محفزا على الحركة. إذ كانت حركة الإضرابات في مقاطعة الباسك هي الأكبر والأكثر تسيسا. وقد شهدت الأعوام 1974 و1975 ثلاث إضرابات عامة على مستوى المقاطعة، أحدهم كان للاحتجاج على إعدام أعضاء (ETA). وقد دعا إلى واحد من هذه الإضرابات اليسار الماركسي صغير الحجم، وهو الأمر الذي كشف عن الفرص الضخمة التي كانت متاحة للثوريين آنذاك.

ساهمت أزمة النفط عام 1973، فضلا عن ركود الاقتصاد العالمي، في زيادة أزمة النظام. إذ تراجعت أرباح الاستثمار الأجنبي والسياحة. وكرد فعل على الارتفاع الحاد في أسعار استيراد النفط، اختارت الحكومة أن تزيد من دعم الدولة للنفط بدلا من رفع الأسعار على المستهلك والتعامل مع خطر تهييج الطبقة العاملة. أدى ذلك إلى عجز في المصروفات وإلى تعميق الأزمة. وبالنسبة لقطاعات من النخبة والحكومة، كانت تلك نقطة تحول هامة. فقد فشلت فاشية فرانكو في مهمتها التاريخية في الدفاع عن مصالح رأس المال في مواجهة الأزمات والنضالات الجماهيرية. وبدأ البعض يرى ضرورة للتحول إلى الديمقراطية الليبرالية. وقد وصف فيما بعد أحد رجال الحكومة هذا التوجه قائلا، “إذا ما أردنا تخفيض الأجور بحيث تصبح أدنى من متوسط معدل التضخم، كان لابد من السماح بالحرية السياسية والنقابية”.

ثم هناك كذلك عامل خارجي، هو ثورة عام 1974 التي أطاحت بديكتاتورية مشابهة في دولة الجوار البرتغال. أعطت تلك الثورة مثالا حيا لما يمكن أن يحدث في حالة عدم إجراء إصلاحات. من هنا أجرى كبار رجال الأعمال مباحثات مع الحزب الاشتراكي (المعتدل) – الذي عاد إلى الساحة السياسية بقوة بعد طول غياب بفضل التبرعات الضخمة التي تلقاها من الخارج.

توفي فرانكو في نوفمبر 1975، وهو ما أدى إلى زيادة التوقعات بالتغيير بصورة بالغة. وقد جاء على لسان المؤرخين الإسبان مولينير ويساس الآتي، ” كانت صحة نظام حكم فرانكو السياسية على نفس درجة سوء صحة فرانكو الجسدية”. لكن، لشهور كثيرة لاحقة لم يقم “رجال الإصلاح” الجدد داخل نظام الحكم بأي إجراء. تطلب تغيير ذلك صعود دورة جديدة من النضالات!

التحول
شهد عام 1976 إعادة نظر واسعة في شأن اتفاقيات الأجور الجماعية في معظم الأماكن. فبينما فقدت الحكومة سيطرتها على معدلات التضخم (وصلت إلى 30% في عام 1977)، طالب العمال بزيادات كبيرة في الأجور. ودعما لهذا المطلب أضرب العمال في جميع أرجاء إسبانيا. وأدت ردود فعل الحكومة على الإضرابات إلى قيام إضرابات عامة محلية – 13 إضراب عام في مقاطعة الباسك وحدها. وقد أدى احتدام الصراع الطبقي، والقمع الذي واجهته الإضرابات، إلى تبنيها لمطالب سياسية تتعارض مع الفاشية – مثل الإعفاء السياسي والنقابات المستقلة والانتخابات الحرة.

شهدت فيتوريا، وهي مدينة صغيرة بمقاطعة الباسك لها تاريخ قصير في النضال العمالي، إضرابا عاما ترتب عليه إقامة المتاريس عبر المدينة. والتقى 500 من ممثلي العمال في كنيسة للتباحث في الخطوة التالي. فقامت الشرطة بمحاصرتهم وسلطت عليهم الغازات المسيلة للدموع، وفي أثناء محاولتهم الهروب أطلقت عليهم أعيرة نارية حية. فأصيب حوالي 200 فرد وقتل 4 أفراد. ولم تكن هذه خطوة غير محسوبة من جانب الشرطة. فقد كانت الإذاعة الرسمية قد بثت قرار الحكومة بـ”إطلاق النار”. وردا على هذا أضرب عمال مقاطعة الباسك تضامنا مع زملائهم – وكان الإضراب الأكبر منذ الحرب الأهلية. ودعت المفوضيات، أي الـ(CC.OO)، إلى إضراب عام. لكن أثر هذا القرار الفوقي (من أعلى إلى أسفل) كان أقل بكثير من الأحداث المحلية الجارية، هذا بالرغم من مشاركة أكثر من مليون عامل.

في هذه الأثناء قام خليفة فرانكو، الملك خوان كارلوس، بتعيين رئيس وزراء جديد، أدولفو سواريز، وهو شخص معروف بانتمائه الممتد للفلانجة، ثم بدعوته مؤخرا للإصلاح! أعلن سواريز عن إجراء انتخابات عامة في يونيو 1977.

كان الهدف من هذه الخطوة هو إضعاف قوى المعارضة غير المتمتعة في ذلك الوقت بالشرعية. لكن لم يكن من الممكن لهذه المناورة أن تنجح بدون تعاون مع بعض أقسام المعارضة الأخرى. من هنا جرى لقاء بين سواريز وأحد المنتمين للتيار الاشتراكي المعتدل (PSOE)، هو فيليب جونزاليز الذي أكد على مشاركة حزبه في الانتخابات، حتى إذا ما لم تعترف الحكومة بشرعية العمل السياسي للشيوعيين.

سعى سواريز إلى تفتيت المعارضة وتقليم أظافرها. وكان بإمكان الحزب الشيوعي (PCE) أن يستخدم وزنه السياسي في التصدي لهذه المحاولات. لكنه أكل الطعم. فبالرغم من الدور الذي لعبه في الحركات الاجتماعية، وبالرغم من خطابه الجذري، إلا أن قيادته تبنت سياسات وسطية، على غرار السياسات التي اتبعها الـ(PSOE). فقد بنت الجبهات الشعبية مع البرجوازية والقوى الملكية “الساعية للديمقراطية” في قطالونيا وعلى المستوى القومي. كما تبنت أيديولوجيا “الشيوعية الأوروبية” – النظرية التي ترى في البرلمان، وليس في الصراع الطبقي، الطريق إلى التغيير. وفي أواخر عام 1976، خرج الأمين العام للحزب سانتياجو كاريللو من مخبأه ليعلن أن الحزب سيدخل في “تحالف اجتماعي” مع أنصار فرانكو السابقين إذا ما منحوه الشرعية. الأدهى من ذلك هو أن كاريللو سعى، دون نجاح، إلى مشاركة في حكومة مع الفاشيين السابقين!

وفي يناير 77 قتلت قنبلة فاشية عدد من محاميي المفوضيات (CC.OO) في مدريد. وسادت حالة من الهلع أسبانيا. لكن الـ(PCE) دعا إلى ضبط النفس ونظم عزاء صامتا. كان الهدف هو نيل إعجاب الحكومة بمدى وسطية الحزب، وهو ما تحقق بالفعل. بعد شهر، اجتمع سواريز بكاريللو ووافق الأول على إشهار الحزب في مقابل دخول الثاني في “تحالف اجتماعي” والاعتراف بالملكية. ووافق كاريللو على ذلك.

ادعى قيادات الحزب الشيوعي أن الوسطية كانت ضرورة لتجنب حدوث “انقلاب عسكري جديد” أو حتى قيام “حرب أهلية”. كانت هذه أطروحة خاطئة تماما. فقد قامت عمليات مسلحة على يد جنرالات وعدد من المنتمين للفلانجة، تضمنت محاولة فاشلة لانقلاب عسكري في أواخر عام 1981. لكن هذه التحركات لم تلق سوى دعم أقلية صغيرة بداخل نظام الحكم، بينما استمرت الطبقة العاملة في إثبات أنها أكثر القوى قدرة على التغيير.

كان أداء الشيوعيين سيئا في الانتخابات التي تم تنظيمها، بحصولهم على 9.3% فقط من أصوات الناخبين. لم يكن السبب الوحيد في ذلك هو دعم وسائل الإعلام للحزب الفائز، حزب سواريز غير المتجانس المسمى بالـ(UCD) (يمين-وسط)، أو لكونه حظى بفترة أطول في التحضير للاقتراع. بل كان هناك كذلك دور كبير لوسطية الحزب الشيوعي في دعم الخيار الوسطي بشكل عام، الأمر الذي انعكس في حصول الحزب الاشتراكي-الديمقراطي (المعتدل) الـ(PSOE) على المركز الثاني من حيث عدد أصوات الناخبين.

حافظت قيادة الحزب الشيوعي على وعدها بإقامة “تحالف اجتماعي” مع البرجوازية! إذ توقف قياديو المفوضيات (CC.OO)، الذين أصبحوا قيادات في المجلس الرسمي لاتحاد العمال، عن الدعوة لإضرابات. وفي أواخر عام 1977 انضموا إلى الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي في توقيع “اتفاقيات مونكلوا” مع الحكومة، تلك الاتفاقيات التي تضمنت تخفيض أساسي الأجور بنسبة 7%. وقامت القيادات النقابية بتنفيذ هذه الاتفاقيات من خلال تجميدها للتعبئة والتحركات العمالية.

كان هذا منعطفا كارثيا للغاية نظرا لتزامنه مع تعمق الركود الاقتصادي. كانت نسبة البطالة 5.3 % في عام 1979 وقفزت إلى 16.45% بحلول عام 1982، بينما جرى تفكيك أجزاء كبيرة من الصناعة. وفي الوقت الذي كانت فيه الحركة العمالية في أمس الحاجة إلى خوض المعارك والنضالات، تمكن الحزب الشيوعي من تحجيم تعبئة الحركة العمالية. أدى كل ذلك إلى حالة من الإحباط واسعة النطاق.

رفض غالبية المناضلين في المفوضيات (CC.OO) تلك الاتفاقيات، واستقال كثيرون من أعضاء الحزب الشيوعي. ولكن، مع الأسف، لم يتمكن اليسار الثوري من مقاومة الأحداث. إذ لم يكن لديه سوى 20 ألف عضو في ثلاث أحزاب منفصلة ومتنافسة، هذا بالإضافة إلى تخبطه الشديد – أحد الأحزاب قام بعزل نفسه عن الطبقة العاملة المنظمة بتشكيله لهيكل نقابي جذري منفصل عن النقابات التي تضم غالبية العمال.

كذلك تسببت سياسة الحزب الشيوعي في ضرر بالغ للحركة النقابية الشرعية الصاعدة، لأن الحزب لم ير في الحركة العمالية سوى أداة لدعمه في البرلمان. فقد اعترض على تشكيل اتحاد عام جديد للنقابات، وفضل استمرار الشكل القائم للمفوضيات ذات الهيمنة الشيوعية (CC.OO) نظرا لسهولة السيطرة عليها. سمح ذلك للحزب الاشتراكي بإعادة بناء اتحاد نقابي بديل (UGT)، الأمر الذي أدى إلى تفتيت الحركة النقابية. وفي عام 1978 كانت نسبة أعضاء النقابة من العمال الصناعيين تصل إلى 56%. لكن بحلول عام 1980 تراجعت النسبة لتصل إلى 34%.

ثم جاء نصيب الحزب الشيوعي من أصوات الناخبين في الانتخابات العامة لسنة 1982 3.8%، أي نصف ما كان عليه في الانتخابات السابقة. أدى ذلك إلى أزمة داخلية حادة أسفرت عن تنحي كاريللو عن زعامة حزبه.

ما بعد
وصل الحزب الاشتراكي إلى الحكم مكتسحا ومات حكم فرانكو ودفن. لكن، سرعان ما انتهت فترة الاحتفال. إذ دعت حكومة فيليب جونزاليز الجديدة إلى مشروع “تحديث” يستهدف إعادة هيكلة الأرباح على حساب العمال. وقد تصدت إضرابات بيروقراطية لسلسلة الإجراءات الرامية لخلق المرونة اللازمة للخصخصة وتسهيل عملية تسريح وفصل العمال، من بينها إضراب ناجح في عام 1988. لكن المبادرة كانت قد أصبحت في أيدي الحكومة وأصحاب العمل، الذين أصبح الانتصار من نصيبهم. واليوم، توجد في أسبانيا قوة العمل الأكثر مرونة (أي الأكثر خضوعا لرأس المال) في أوروبا، وأحد أضعف دول الرفاهة!

هناك من يتحدث اليوم عن الدور البطولي لخوان كارلوس وسواريز وجونزاليز في القضاء على ديكتاتورية فرانكو. لكن الأبطال الحقيقيون هم الأعداد الهائلة من العمال الذين تصدوا ببسالة لرصاص الدولة الفاشية، بهدف مقاومة وإقصاء النظام. وبالرغم من الدور الذي لعبته الطبقة العاملة في هزيمة الفاشية، إلا أنها أصبحت، على حد قول سباستيان بلفور، “الطرف الأضعف في معادلة الديمقراطية الجديدة”. حدث ذلك لأن الحزب الذي قادها قام ببيعها بدم بارد في مقابل وهم الوصول إلى السلطة.

في السنوات الأخيرة، ظهرت حركة جماهيرية جديدة في إسبانيا حققت نجاحا هاما بإسقاطها للحكومة المؤيدة لحرب العراق، أقصد حكومة أزنار. يمكننا اليوم بناء بديل سياسي جديد يرفض استراتيجيات الماضي الفاشلة من قلب هذه الحركة. المناضلون اليوم لديهم الكثير ليتعلموه من خبرة الحركة المناهضة لفرانكو، على مستوى قوة العمال والحاجة إلى سياسات ثورية وليس إصلاحية.

مصادر أساسية
1. Sebastian Balfour, Dictatorship, Workers, and the City. Labour in Greater Barcelona since 1939, Clarendon Press, London, 1989

2. José María Marín, Carme Molinero y Pere Ysàs, Historia Política 1939-2000,

3. Ediciones Istmo, Spain, 2001

4. Chris Harman, Chapter 15 ‘The Death of Francoism’, The Fire Last Time, Bookmarks, London, 1988

5. Pere Ysàs ‘La Crisis de la Dictadura Franquista’ and José María Marín

6. ‘Condicionantes económicos y sociales’ in Carme Molinero (ed.), La Transición, treinta años después. De la dictadura a la instauración y consolidación de la democracia Ediciones Península, Barcelona, 2006

7. Pere Ysàs, Disidencia y Subversión. La lucha del régimen franquista por su supervivencia, 1960-1975

8. Andrew Durgan, Mucho más que una huelga. Vitoria 1976, En Lucha, Spain, January 2006

9. Patrick Baker, The Spanish Transition to Democracy –A Missed Opportunity for the Left?, Socialist History Occasional Papers Series no. 11, 2000