بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ست سنوات على انتفاضة العمال والطلبة الصينيين

ست سنوات مضت على مذبحة الميدان السماوي في الصين، تلك المذبحة التي تصدى فيه العمال والطلبة الصينيين للدبابات التي تحمى نظام الحكم البيروقراطي بالصين، ورغم مرور هذه السنوات فان مشاهد وقوف الطلبة أمام طابور الدبابات لن تنسى من الذاكرة، ويعود عدم النسيان إلى أن الأزمة التي فجرت مذبحة الميدان السماوي لا تزال مستمرة بل وتزداد يوما بعد يوم. ونتيجة لهذه الأزمة استعدت السلطات الصينية لاستقبال الذكرى السادسة للمذبحة باتخاذ إجراءات أمنية مشددة حول الميدان لمنع تكرار ما حدث، بالإضافة إلى ذلك قامت باعتقال مجموعات كبيرة من قادة الطلبة والعمال المطالبين بإجراء تغيرات ديمقراطي واسعة النطاق.

إن الدعاية الرأسمالية الغربية عن المعجزة الصينية لتحقيقها لأعلى معدلات نمو اقتصادي في العالم تتغافل أن هذا النمو يرتكز على أقصى استغلال للطبقة العاملة الصينية، كما أنه نمو في قطاعات دون غيرها وذلك يظهر في التخلف الشديد للإنتاج الزراعي في الريف الذي يعتمد على وسائل إنتاج متخلفة جدا، كل ذلك في ظل ارتفاع معدلات التضخم والفشل في السيطرة عليه، وهو ما يؤدى إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية التي لا تجد حلا لها وتعبر عن نفسها في مواجهات وحشية مع النظام الحاكم كما حدث في الميدان السماوي في 4 يونيو 1989 إحدى اللحظات العظيمة في تاريخ الطبقة العاملة الصينية، فلمدة عدة الشهر تحدت أعداد هائلة من العمال والطلبة في بكين تهديدات وأوامر السلطة في حركة نضالية، وصلت ذروتها في “ليلة المتاريس” عندما احتلت الملايين الميدان السماوي وواجهوا الجيش الذي نزل من أجل تفريقهم. وهذه الاحتجاجات كانت انعكاس للأزمة الاقتصادية والسياسية التي أحكمت قبضتها على الصين، ورغم إخماد انتفاضة 1989 فان الوضع لن يرجع كما كان عليه من قبل أبدا.

إن الأسطورة التي روجتها الصحافة الغربية عن “دينج زياو بينج” كمحرر للشعب الصيني بعد أن بدأ عملية الإصلاح الاقتصادي في الصين قد ضاعت تماما وماتت نهائيا في ميدان السلام السماوي، ويرجع ذلك إلى أن التغيرات السياسية التي نفذها حكام الصين من أعلى كانت فقط من أجل زيادة سلطتهم مع الجماهير الصينية لكي يستغلوهم بشكل أكثر كفاءة. ولكننا يجب أن نتذكر دائما أن هذه التغيرات تفتح الباب إلى تزايد ضغط المعارضة من أسفل.

فقد بدأت الاحتجاجات الطلابية تظهر منذ منتصف عام 1984 من أجل تحسين مستوى المعيشة، وفي سبتمبر 1985 نزلوا الشارع مرة أخرى بأعداد هائلة، وتكررت مثل هذه الأحداث، ولكن من المهم ملاحظة إن الطلاب لم يمتلكوا فكرا متماسكا أو برنامجا يقودهم، حيث كانوا يتحركون حول شعارات عامة مثل حقوق الإنسان، الديمقراطية، العدالة، حرية الصحافة، الإصلاح. وساهمت مظاهرات الطلبة في إدراك أقلية صغيرة منهم لأهمية التنظيم والوحدة، وكان معظم عملهم سرى، وظهرت ثمرة هذا العمل خلال التحركات الطلابية في منتصف عام 1988 احتجاجا على ارتفاع نسب التضخم وانخفاض مستوى المعيشة.

وتطورت حركة الاحتجاجات الطلابية في إبريل عام 1989 حتى كانت أحداث الميدان السماوي التي تحطمت بسحق اعتصام الطلاب بالدبابات.

ولكن لماذا لجأت السلطات الصينية للقمع السافر؟ في الواقع إن الطلبة الصينيين ظلوا في حركة احتجاجية متصاعدة لمدة ثلاث أسابيع دون أن تبدأ الدولة في الهجوم السافر. إن ما دفع الدول للهجوم انضمام العمال الصينيين إلى الطلبة عبر تنظيمهم لعدد من الإضرابات في بكين وشنغهاى الأمر الذي أدى لتزايد الأزمة التي يواجهها النظام الصيني مما اضطره لسرعة التحرك لقمع حركة الطلبة والعمال.

وباشتراك العمال في المظاهرات الجماهيرية والطلابية ظهرت أهمية وجود منظمة عمالية مستقلة وبالفعل تأسست منظمات مستقلة للعمال في بكين وشنغهاى وهانجزاو وهواندونج، وهو ما يعد أحد أهم المكاسب فيما بعد أحداث الميدان السماوي التي أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن الطبقة الحاكمة الصينية مستعدة لأن تسحق أي تحرك عمالي أو طلابي من أجل حماية سلطتها. وبالرغم من قمع العمال والطلبة في 1989 إلا أن استمرار الأزمة الاقتصادية والسياسية تنبئ بإمكانية تجدد أحداث مماثلة للميدان السماوي وقد تكون ذات أثار أكثر مما حدث نظرا لتبلور العديد من المنظمات العمالية والطلابية المستقلة التي بدأت تطرح رؤى أكثر تماسكا حول تغيير المجتمع الصيني.