يوم المرأة العالمي والحركة النسائية الشيوعية

عند احتفالنا بيوم المرأة العالمي غالبًا ما نشير إلى أصوله التي تعود إلى نضالات عمال الولايات المتحدة في بدايات القرن العشرين. وقليلاً ما نتذكر كيف أعيد إعلانه وكيف ازدادت شعبيته خلال عشرينيات نفس القرن على يد الحركة النسائية الشيوعية. بل والأكثر، أن هذه الحركة نفسها تكاد أن تكون منسيّة، وكذلك معظم قائداتها البارزات.
الهيكل والعمل
ولدت الحركة النسائية الشيوعية من رحم التجمع العالمي للنساء الشيوعيات عام 1921، والذي انتخب القيادة، والأمانة العالمية للمرأة، وتقدم بالتقارير إلى المجلس التنفيذي للأممية الشيوعية، الكومنترن. كما شكل لجان المرأة داخل الأحزاب المحليّة، التي كان دورها تنسيق عمل الهيئات النسائية على مستوى الفروع، وكذلك الدعوة لمؤتمرات عالميّة دوريّة للنساء الشيوعيات. كما أصدرت الأمانة مجلة شهرية، ووفرت مطبوعات شيوعية نسائية على المستويين الأقليمي والمحلي. كما كانت تعرض قرارات المؤتمرات النسائية الدوريَة أمام المؤتمر العالمي للكومنترن.
وهذا، على الأقل، ما كان مخططًا له. لكن تحويل هذا التصور إلى واقع لم يكن بالأمر اليسير. فحينئذٍ كانت النساء قد شرعن لتوهن في المشاركة في الحياة السياسية والاهتمام بحقوق المواطنة. ووفقًا لكلارا زتكين، ففي الفترة التي سبقت الأممية الأولى 1914، كانت الناشطات السياسات، على ندرتهن “يُعاملن وكأن مشاركتهن شكل من أشكال المساعدة المنزلية”.
حتى داخل الكومنترن، كتبت زكتين في عام 1921 تقول: “لطالما استهان القادة بأهمية الحركة النسائية الشيوعية، لأنهم كانوا ينظرون إليها بوصفها شئون خاصة بالنساء”. وفي كل مؤتمرات الكومنترن العالمية والتي عقدت في أعوام 1920، 1921، و 1922 واجهت النساء مشكلة عدم توفر الوقت الكافي لعرض ومناقشة تقاريرهن.
ولكن إجمالاً، وبرغم ما أسمته زيتكن “معارضة سرية أم علنية”، في الواقع لقد تأسست الهياكل الحزبية للعمل بين النساء، في معظم البلدان الأوروبية في تلك السنوات، حيث كان يمكن للشيوعيين العمل بشكل شرعي.
إن النساء اللواتي حملن على عاتقهن هذا العمل، ربما كن فريق العمل الأكثر قدرة ومرونة من بين القيادات التي خرجت من جعبة الكومنترن. جنبًا إلى جنب عملت زيتكن، حظيت زيتكن كقائدة شيوعية باحترام الجميع وربما تكون الأكثر تقديرًا بين القائدات غير الروسيات، مع كل من الألمانيتان هرتا شتورم وبيرتا برونتال، إلى جانب الفرنسيتين مارثا بيجو ولوسي وكوليارد، وبمشاركة الهولندية هنرييت رونلاد هولست، والبريطانية دورا مونتيفيوري، ومن فنلندا هانا مالم وآينو كوسينن، والبولندية إيدا تاننينبووم، والروسيتين فارسنيكا كسباروفا وكلافدييا نيكولاييفا، هذا بخلاف أخريات كثيرات.
وكانت مجلتهن “أممية النساء الشيوعيات” آداة تعليمية هائلة، ووصل عدد صفحاتها المنشورة خلال سنوات وجودها الخمس، إلى حوالي 1300 صفحة. وكانت الكتابات، غالبًا ما تصطبغ بصيغة شعريّة، تنم عن موهبة الكاتبات، كما يظهر من هذه الفقرة التي تصوّر حال العمال في أوروبا التي دمرتها الحرب:
أولئك الذين يحصدون المحاصيل ويخبزون الخبز يعانون من الجوع.
أولئك الذين ينسجون ويحيكون الملابس أجسادهم عارية.
أولئك الذين هم أساس كل الحضارات يقبعون بعيدًا محرومون من المعرفة والجمال.
لقد عكست المجلة أفكار أكثر قادة الأمميّة المدافعين عن سياسة الجبهة المتحدة. وتمحورت أعمال الأممية النسائية حول حملتين عالميتين رئيسيتين: الدعوة لتخصيص يوم عالمي للنساء، ودعم منظمة “الإغاثة العمالية الأممية” لروسيا السوفيتية، والتشديد على دورها بالنسبة للمرأة السوفيتية. في شتاء وربيع عام 23 – 1922، قادت أمانة المراة في برلين حملات ضد التضخم، وخطر الحرب، ومن أجل تحسين الخدمات التعليمية، وضد القوانين المناهضة لحق النساء في الإجهاض، وضد الفاشية وعملت بشكل مباشر مع اللجان النسائية داخل أحزاب الكومنترن.
حركة أم لجنة فرعيّة؟!
ولكن تبقى مسألة تحديد ماهية أمميّة النساء الشيوعيات أمرًا صعبًا في كل الأحوال. هل كانت حركة نسائية؟! أم مجموعة من اللجان الحزبية التي تقوم بتنفيذ مهام الحزب؟! لقد حددت كلارا زيتكن مهمة الحركة المركزية في كسب الجماهير لصفوفها، وتحديدًا جماهير النساء – استعدادًا لمواجهة وشيكة- تطيح بالرأسمالية وتسقطها. لقد استبقت زيتكن هنا الخط العام الذي أعتمده الكومنترن نهجًا له، بعد مناقشات عاصفة، في غضون عدة أشهر لاحقة.
لقد رأت القيادات النسائية أن هذه المهام لا يمكن إنجازها دون تشكيل لجان خاصة لها. أو كما أوضحت زيتكن في مناسبة أخرى، فقد خلقت ظروف النساء الاجتماعية “نفسية خاصة للإناث”، بمعنى أن المرأة نفسها هي “الأسرع، والأكثر فطنة وفاعليّة فيما يتعلق بالتعرف على القضايا الرئيسية في حياة النساء العاملات.”
وفي مناسبة أخرى، كتبت زيتكن تقول: تحاوط جماهير النساء الآن “تطلعات ورغبات ودوافع واحتياجات جديدة، جميعها كانت دفينة ومختبأة من قبل”. ورغم عدم استخدام شيوعيو تلك الفترة لمصطلح “اضطهاد المرأة”، لكنه يبدو حيًا وحاضرًا في أفكارهم وأعمالهم.
لكن، لم يكن ذلك كافيًا لبناء تحالفات عمل واسعة النطاق بغرض التأثير على الجماهير، رغم أنه كان أمرًا ضروريًا. وكان الهدف هو كسب النساء لصفوف الحزب، وتدريبهن ليصبحن كوادر وقيادات فاعلة. وفي معظم الأحزاب، كان هذا مشروعًا جديدًا، واجهته الضغوط الشوفينيّة التي كانت ترغب في إقصاء النساء بعيدًا عن الحركة الثورية.
في عام 1925، عندما تعرضت أمميَة النساء للهجوم الضاري من قوى البيروقراطية داخل الكومنترن، أعادت زيتكن إحياء تلك المفاهيم مرةٍ أخرى في شكل سردٍ للمناقشات التي أجرتها مع لينين قبل خمسة أعوام من هذا التاريخ. لقد اقتبست من أقوال لينين ما يعبر عن وجهة نظرها الشخصية المعروفة جيدًا: “علينا، بكل السبل والوسائل، تأسيس حركة نسائية أممية على أسس نظرية قاطعة”. لاحقًا في مناقشاتهم، أضاف لينين قائلاً: “نحن لا نريد منظمات نسائية شيوعية مستقلة! فالمرأة الشيوعيَة هي التي تنتمي كعضو في الحزب”، مع “نفس الحقوق والواجبات”. لكن الحزب يحتاج لأعضاء معينين “لتحقيق غرض محدد يتمثل في تحريض الجماهير العريضة من النساء”.
كانت اللجان مفتوحة لكل أعضاء الحزب، مع تشجيع الرجال على المشاركة. ولكن، في الواقع، بشكل عام بقيّ الرجال بعيدًا. لكنهم ضغطوا بالفعل من أجل الاهتمام بالأولويات. على سبيل المثال، أخبر لينين زيتكن أن على الشيوعيات أثناء اجتماعهن مع النساء العاملات آلا يسمحن “بأن تأتي القضايا المتعلقة بالجنس والزواج أولاً” وهذا ما جادلت فيه زيتكن مرة أخرى بهمّة وحماسة شديدتين. لكننا على يقين من أن هذه الاجتماعات ، وبغض النظرعن جدول الأعمال الرسمي، هيأت المناخ لما أطلق عليه الجيل اللاحق بـ “نهوض الوعي”.
هكذا جندت الأحزاب الشيوعية أعداد كبيرة من النساء. وتفاوتت نسبة المشاركة النسائية داخل الأحزاب بين نسبة مرتفعة تصل إلى نحو 20% في تشيكوسلوفاكيا والنرويج، لتنخفض إلى حوالي 2% في فرنسا وإيطاليا. وفي روسيا وألمانيا، أرتفعت نسبة مشاركة النساء تدريجيًا خلال العشرينيات لتصل إلى نحو 17% و14% على التوالي. لكن أكثر نسبة مشاركة نسائية على الإطلاق وصلت إلى نحو أكثر من 100 ألف أمراة كن عضوات بالكومنترن.
برنامج للتحرير
لقد طوّر أولئك النسوة برنامجًا يطالب بـ ” ضمان الحقوق الاجتماعية لجميع النساء بشكل كامل وغير مشروط، بحيث يتمكنّ من تطوير مختلف جوانب شخصيتهن الإنسانية الكاملة”.
وتضمن برنامج الكومنترن لتحرير المرأة “المساواة التامة في الممارسة وأمام القانون”، إدماج النساء في الحياة السياسية، والحق في التعليم المجاني والرعاية الصحية، والمطالبة بمعايير اجتماعية جديدة تخفف من عبء الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، كذلك المطالبة بتدابير تهدف إلى “التخلص من إزدواجية المعايير القائمة التي تميزعلى أساس الجنس بين الرجل والمرأة”.
ونظرًا لشدة وعمق القهر الواقع على النساء في ذلك الحين، قد تبدو تلك المطالب وكأنها مطالب طوباوية بحتة. ومع ذلك، فقد كشفت النساء الشيوعيات عن المكتسبات العظيمة التي حصلت عليها النساء في ظل روسيا السوفيتية، بينما كن، وبحكم القانون، سبايا لدى أزواجهن وأبائهن قبل الثورة.
“أجسادنا ملكٌ لنا”
لقد أغفل بيان الكومنترن الخاص بتحرير المرأة ذكر الحقوق الإنجابية للمرأة. ومع ذلك، نظمت النساء الشيوعيات حملات ناجحة في هذا الصدد. في ذلك الوقت نظرت النساء الشيوعيات إلى عملية الإنجاب باعتبارها مسؤولية اجتماعية، لذلك سعين لمساعدة “النساء الفقيرات الراغبات في خوض تجربة الأمومة بإعتبارها أكثر التجارب النسائية إمتاعًا”. وفي الوقت الذي تزايدت فيه دعاوى تحديد النسل كوسيلة للسيطرة على السكان وتحسين النسل، قاومت النساء كل محاولات الترهيب التي تعرضن لها دومًا بحجة إنجابهن أطفال أقل أو أكثر من اللازم.
كن ينظرن إلى الإجهاض بوصفه مظهرًا من مظاهر الشرور الاجتماعية المتصلة بالفقر واضطهاد المرأة. ولكن، أعتبرن أيضًا أن القوانين المناهضة للإجهاض ما هي إلا عقاب وحشي ينفذ بحق الأبرياء من النساء. نددت النساء الشيوعيات بالعدد المروّع لعمليات الإجهاض غير القانونية، وطالبن بإلغاء جميع القوانين المناهضة للإجهاض. على سبيل المثال، في ألمانيا، قادت النساء الشيوعيات حملة ضخمة ضد القوانين المناهضة للإجهاض تحت شعار، “جسدك ملكٌ لكِ”.
ورغم أن الأدب النسائي الشيوعي لم يذكر العنف ضد المرأة إلا في حالات نادرة. مع ذلك، فقد أشار الأدباء للتدابير المتخذه في ظل روسيا السوفيتية في سبيل ضمان حرية المرأة في الزواج والطلاق إذا أرادت ذلك، وحقها في العمل خارج المنزل، كانت هذه التدابير بمثابة خطوات نحو تحرير النساء من العلاقات القمعية والعنيفة.
لم يرد في الأدب النسائي الشيوعي أيضًا أي حديث أو مناقشات حول ما يتعلق بقضايا الإغتصاب أو التحرش الجنسي. لقد عارضت النساء الشيوعيات الإجراءات العقابية والتحرش بالبغايا التي كان معمول بها آنذاك. وطالبن بالقضاء على الأسباب الاقتصادية التي تهيأ المناخ لرواج تجارة الجنس، وذلك عن طريق توفير مساكن للنساء اللاتي يعانين من البطالة، وتدريبهن مهنيًا ومن ثم توفير وظائف لائقة لهن.
الجبهة المتحدة
أشارت الحركة النسائية الشيوعية إلى أن “مطالب حركة النساء البرجوازيات” تهدف فقط إلى “إصلاح النظام الرأسمالي بما يخدم مصالح زوجات وبنات الطبقات المسيطرة”. ومع ذلك، فقد شددن على أن التطرف والاضطهاد ضد النساء يظهر في جميع الطبقات الاجتماعية على اختلافها.
“الموظفات، لا سيما المثقفات منهن.. يزددن تمردًا وثوريّة.. وعي ربات البيوت بحقوقهن، بما فيهن ربات البيوت البرجوازيات يتنامى يومًا بعد يوم.. وعلينا أن نستغل هذه الصحوة بشتى السبل” تلك هي فقرة من كلمة ألقتها زيتكن أمام المؤتمر الرابع للكومنترن.
وقبل ذلك بعام، كانت زيتكن قد أوضحت أمام مؤتمر الكومنترن الثالث أن “ما دامت قواعد الرأسمالية باقية، فإن الجنس الأقوى سيهدد الأضعف بحرمانه من سبل العيش وضروريات الحياة”. وأكدت على أن النساء البرجوازيات بإمكانهن مساندة النضال بالشكل الي يؤدي إلى تأجج الاضطرابات والفوضى داخل معسكر البرجوازية. ومن هذا المنطلق، كان يتم تقييم نقاط الاتفاق، بينهن وبين التجمعات النسائية من خارج البروليتايا، التي يمكن استخدامها كأساس للعمل المشترك.
في سياق آخر، توقعت المجلة أنه ومن خلال الجبهة المتحدة، فإن العديد من النساء اللواتي لازلن ينأين بأنفسهن بعيدًا عن شعارات ديكتاتورية البروليتاريا ، سواء من الطبقة العاملة أو الطبقات الأخرى ذات الامتيازات، “سيكن حاضرات، وعازمات على الدفاع عن حياة أطفالهن وعن حقهن في الرعاية الاجتماعية والصحية كأمهات”.
لقد طورت النساء الشيوعيات مصطلحًا جديدًا لضحايا الرأسمالية. لقد تحدثن في كثير من الأحيان عن الـ “دي شافندين” وهي كلمة ألمانية تجمع في معناها بين “المنتجين” و”المبدعين”. تقول زيتكن، أن هؤلاء المنتجون المبدعون، هم “كل آولئك الذين تضيف قوة عملهم، سواء كانت قوة بدنية أم عقلية، للتراث المادي والثقافي للبشرية، دون استغلال عمل الآخرين”. وعلى الرغم من أن زتيكن لم تشر إلى هذا الأمر بشكل صريح، فقد اشتمل مصطلح النساء الشيوعيات الجديد ضمنيًا على الأعمال المنزلية وتربية الأطفال، والولادة وإنجاب الأطفال بوصفها أعمال ذات أهمية إنتاجية خاصة.
نهاية أممية النساء الشيوعيات
تأسست أممية النساء عام 1922، وأزدهرت لمدة عامين ونصف، ولكن صعود الستالينية دفع بها دفعًا نحو التراجع الشديد. ففي عام 1924، إنحرف الكومنترن انحرافًا متطرفًا نحو اليسار، بعيدًا عن سياسات الجبهة المتحدة. وفي منتصف عام 1925، صدر قرار بوقف نشر المجلة الخاصة بأمانة النساء، بحجة أنها كانت مكلفة للغاية.
وفي عام 1926، انتقلت قيادة أممية النساء الشيوعيات من برلين إلى موسكو، وتحولت من أمانة عامة مستقلة، إلى قسم من أقسام اللجنة التنفيذية للكومنترن. وفي غضون سنوات قليلة لاحقة، انضمت معظم القيادات النسائية الشيوعية للمعارضة المناهضة للستالينية تحت قيادة كل من ليون تروتسكي، جريجوري زينوفييف، ونيكولاي بوخارين.
وفي عام 1930، أُلغي قسم المرأة داخل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، والذي كان يعد رأس الحربة لتقدم المرأة في جمهوريات الاتحاد السوفيتي، ولكن نجحت اللجان النسائية في البقاء لعدة سنوات بعد هذه الواقعة. وبحلول منتصف هذا العقد، كانت الستالينية قد نجحت في إعادة العمل بالقيم الأبوية داخل الاتحاد السوفيتي وداخل الأحزاب الشيوعية في الخارج.
تراث الجيل الثوري
كان الإنجاز الأكثر وضوحًا للنساء الشيوعيات هو نجاحهن في نشر أفكار النساء ونضالهن من أجل التحرر في روسيا، إلى جانب التعريف بتلك الإنجازات، في جميع أنحاء العالم، بحيث أثرت هذه التجربة على العمال والحركات النسائية على نطاق أوسع.
لقد صنعت النساء الثوريات من هذا الجيل إنجازنًا تاريخيًا فارقًا، بسبب طبيعة فهمهن لقضية اضطهاد المرأة وتحديدهن لطريق التحرير. لقد كن بنات عصرهن، وقطعًا جانبهم الصواب في بعض المسائل. لكن، في القضايا الأخرى، خاصة فيما يتعلق بإدراكهن بارتباط تحرير المرأة بالثورة، فإن فهمهن وخبرتهن لم يتم تجاوزهما حتى الآن.
لقد كانت حركة أممية النساء الشيوعيات – سواء كانت حركة مستقلة أو لجنة فرعية من لجان الحزب- يحاوطها الغموض من البداية للنهاية. وتكمن حكمة قائداتها في قبولهن وتكيفهن مع هذا الغموض. ففي نهاية المطاف عندما فرضت القوى البيروقراطية الاتساق المنطقي، عن طريق القضاء على استقلالية الحركة، كان هذا دليل عزمهم على تدميرها.
لقد سعت النساء الشيوعيات بثبات من أجل وحدة الحركة العمالية. كما سعين لتوحيد النساء من مختلف الطبقات الاجتماعية اللواتي كن على استعداد لمقاومة شرور الرأسمالية بفاعلية. ودعمن البحث الجاد عن أرضية مشتركة تجمع بينهن وبين التيارات النسائية غير الشيوعية، وبينهن وبين الحركة العمالية. وأثناء قيامهن بذلك، لعبن دورًا هامًا في تشكيل قيادة الأممية الشيوعية بآسرها.
ولعل هذا هو الإرث الأكثر أهمية بالنسبة لنا. إن أممية النساء الشيوعيات ترمز إلى الدور الرائد للمرأة داخل حركات التقدم الاجتماعي، اليوم وغدًا على حدٍ سواء.
* المقال منشور باللغة الإنجليزية في 8 مارس 2013 بموقع منظمة الاشتراكيين الأمميين بكندا