بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

بيان

موقف الاشتراكيين الثوريين من تسليم السلطة للبرلمان

مبادرة جديدة أطلقها عدد من النشطاء منذ حوالي أسبوعين يدفعهم شعور بأن الثورة تحتاج إلى شعار ومطلب “قابل للتحقيق” ينظم الشباب والجماهير وهي تستعد لإعادة احتلال الميادين بعد مرور عام على اندلاع الشرارة الأولى لثورة 25 يناير الباسلة.

وليست هذه هي المرة الأولى التي توجه فيها الدعوة للالتفاف حول مطلب أو موقف قابل للتحقيق وقادر في النهاية على إعادة العسكر للثكنات وتسليم السلطة للمدنيين، فسياسة الممكن “الذي لا يتحقق أبدا” هي التي أخلت الميادين من الثوار يوم التنحي، وطالبت بالفرصة تلو الأخرى لمجلس طنطاوي، ورحبت بحكومة شرف، ودعت الجماهير للاستفتاء بنعم لان في ذلك إسراع بتسليم السلطة للمدنيين، وهي السياسة ذاتها التي لم تغضب أو تحتج حين خرج علينا إعلان دستوري لم نستفتى عليه تحت دعوى “خلينا نخلص، فالعسكر يريدون العودة للثكنات، وعلينا أن نيسر عليهم الأمر”. وهلم جرا.

اليوم تأتي هذه المبادرة بتسليم السلطة للبرلمان المنتخب، مبادرة صدرت عن عدد من الثوار، نعتقد انه رغم إخلاص وتفاني من أصدروها إلا أنها تحمل الكثير من المشاكل يأتي على رأسها غياب لقراءة الخريطة السياسية ومواقف القوى السياسية الفاعلة في البرلمان على وجه الخصوص.

ما الذي يضطر المجلس العسكري لتسليم السلطة للبرلمان؟ القوى السياسية الممثلة في البرلمان كان بامكانها أن تفاوض على المشاركة في الانتخابات التي كان المجلس نفسه في حاجة إليها. كان يمكنها أن تشترط مشاركتها بوقف القتل والاعتقال والتعذيب والخطف والمحاكمات العسكرية. لكن أوهام الكرسي، وسلطته مهما كانت محدودة، حالت دون ذلك. بل أن الأيام الماضية شهدت تصريحات على لسان متحدثين باسم الإخوان المسلمين الحاصلين على الأغلبية بالتسامح مع جرائم القتل والتفاوض حول الخروج الآمن ومعهم بعض الأصوات المستقلة المعروفة بتبعيتها للنظام، وأي نظام.

وحتى اليوم وبعد انطلاق هذه المبادرة لم نسمع عن كتلة برلمانية تتبنى المبادرة وتعلق انتظامها في جلسات البرلمان بتحقيق الهدف الأول من المشاركة في هذه الانتخابات إلا بعد تسليم السلطة ومحاسبة المسئولين عن جرائم محمد محمود ومجلس الوزراء التي كانت تدور في نفس الوقت الذي كان المجلس العسكري يباهي فيه الأمم بأزهى عصور الديمقراطية. بل أن بعض ممثلي القوى السياسية لم يستحوا أن يهاجموا ثوار محمد محمود ومجلس الوزراء ويرحبوا بالهجوم على قوي سياسية ثورية وباقتحام منظمات حقوق الإنسان والصمت إزاء الخطف المستمر والاعتقال للنشطاء.. فبعد شهور قليلة من الإشادة بالثورة والثوار أصبح الاثنان عقبة أمام استقرار الأمور وتقسيم المنافع والمصالح.

عنصرا المبادرة إذاً غائبان: لا المجلس مضطر لتسليم السلطة ولا البرلمان مصر على استلامها. وكلاهما سوف يحاول وضع أفضل شروط لصياغة علاقته بالآخر قبل يونيو2012، التاريخ الوحيد المسجل على أجندة المجلس والقوى السياسية على السواء، وأي تاريخ غيره لا يعني الطرفين في شيء طالما أن الجماهير المنتظمة حوله لا تملك ما تفرض به إرادتها.. حتى الآن.

الأنكى من طرح هذه المبادرة هو الترويج لفكرة أنه ليس أمام الحركة بدائل أخرى غير بديل تولى البرلمان للسلطة، وكأن البديل الأصيل المتمثل في الثورة الجماهيرية المستمرة كطريق لإسقاط النظام قد استنفذ نفسه وآلياته الأساسية، التي تعتمد على نزول الشارع وربط المطالب السياسية بالمطالب الاجتماعية والاقتصادية ، وتشجيع الجماهير على بناء تنظيماتها الشعبية والجماهيرية القادرة على مواجهة أي سلطة والإحلال محلها، وهذا هو البديل الحقيقي الذي يجب أن يتبناه كل من يرى أن الثورة مستمرة، وأن الرهان على برلمان تسيطر عليه قوى متحالفة مع المجلس العسكري هو رهان خاسر في نهاية المطاف.

إن الثورة ليست حبيسة البحث عن المبادرات. فهي لازالت تريد إسقاط النظام من اجل تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. شعارات يرفعها الثوار في الميادين والجامعات.. في كل عروض “كاذبون” التي نقلت حقيقة حكم العسكر إلى الشوارع البعيدة عن الميادين.. ونضال اللجان الشعبية في الأحياء.. في إعتصامات العمال وحركة تطهير المؤسسات من الفاسدين فلول النظام في مجالس الإدارات.. ومظاهرات أهالي الشهداء واحتجاجات المصابين وقوافل استقبال مصابي الثورة الأبطال في المطار.. ومعارض الجرافيتي والفن ميدان وصور الشهداء على جدران الشوارع التي تولد كما العنقاء كلما حاول العسكر إزالتها..

ألف طريقة وطريقة ابتكرها الثوار للمطالبة بالحرية والكرامة.. ويبقى صوت العيش والعدالة الاجتماعية خافتا بين المطالب.. ويبقى عمال مصر، القوى التي حسمت خلع مبارك يوم 11 فبراير بعد 3 أيام فقط من الاضرابات.

إلى هؤلاء يجب أن نتوجه، لا لأعضاء مجلس الشعب.. هؤلاء هم القادرين على نصرة الثورة بتنظيم المظاهرات والاضرابات والاعتصامات انتهاء بتنظيم الإضراب العام.. القادر وحده على قيادة الثورة الى منتهاها بتحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وإنها لثورة حتى النصر

المجد للشهداء.. والسلطة والثروة للشعب
الاشتراكيون الثوريون
15 يناير 2012