بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

بيان الاشتراكيين الثوريين

دعوة للمشاركة في قـائمة التغيير

على مدى أكثر من عام خاضت معظم قوى المعارضة المصرية معركة من أجل التغيير الديمقراطي. خلال هذه الفترة تبلورت جبهات من أجل الإصلاح والتغيير، وتشكلت مجموعات نوعية وجغرافية مطالبة بالديمقراطية والحرية، ونُظمت عشرات المظاهرات، وجُمعت توقيعات بالآلاف على عرائض.

لا شك أن هذه المعركة كان لها أكبر الأثر على الحياة السياسية المصرية. فقد استيقظت النخبة السياسية والثقافية من سباتها العميق، وتحركت المياه الراكدة في أوساط متوسعة من الطبقة الوسطى ومن الطلاب الجامعيين، وجذبت المعركة نشطاء جدد من الطامحين إلى إزاحة الديكتاتورية وتغيير المجتمع.

وفي السابع من سبتمبر الماضي وصلت المعركة إلى محطة رئيسية من محطاتها: محطة الانتخابات الرئاسية. من يقرأ بتمعن الشروط التي جرت في ظلها تلك الانتخابات، وما أسفرت عنه من نتائج، يمكنه أن يستخلص أن هذه وتلك كانتا حصيلة لتوازن القوى بين النظام الديكتاتوري وقوى المعارضة الديمقراطية بعد عام من النضال من أجل الحرية السياسية.

فلا شك أن حركة التغيير الديمقراطي، بقواها المختلفة، كان لها أثرها الهام من حيث انتزاع عددا من الحقوق التي اعتبرها النظام على مدى ربع قرن خطوطا حمراء غير مسموح بتجاوزها: نقد مبارك والعائلة الحاكمة، التظاهر السلمي، تشكيل الجبهات والمجموعات السياسية المعارضة، الاتصال بالجماهير على نطاق أوسع.. الخ.

لكن لا شك أيضا أن انقسام حركة التغيير، وصراعاتها الداخلية، وعدم التفاتها إلى أهمية غرس نفسها بقوة في أوساط الجماهير الشعبية، هي عوامل أضعفت الحركة مما ساهم في إعطاء النظام الفرصة للمناورة وإجراء بعض التنازلات الشكلية تبلورت في صورة المادة 76 المعدلة من الدستور التي ولدت كمسخ شائه ألبس الاستفتاء الرئاسي ثوب الانتخابات التنافسية.

من هنا، فقد رأينا مبارك وقد أخرج لسانه لنا جميعا حين فاز “فوزا كاسحا” في انتخابات لم يشارك فيها على أكثر تقدير أكثر من 10% من أبناء الشعب المصري الذين يحق لهم التصويت. فاز مبارك طبعا بالتزوير وبحشد موظفي الجهاز الإداري وبدعم عصابة من الفاسدين المفسدين من رجال الأعمال الاحتكاريين ورجال الدولة المتنفذين الذين جمعتهم لجنة السياسات إياها ورجلها الأول جمال مبارك وريث العرش الذي صممت لأجله المادة 76 الشائهة.

لكن أيضا لا ينبغي أن ننسى أن انقسام المعارضة الديمقراطية وعدم جماهيريتها قد سهلا لمبارك وعصابة المفسدين مهمتهم. فلو كانت هناك حركة معارضة جماهيرية واسعة لاستطاعت أن تضيق الخناق على تحالف رجال الأعمال الاحتكاريين والساسة الفاسدين، ولربما نجحت في إفساد خططه في الاحتفاظ بمقاعد السلطة ومغانم الثروة معا.

لكن اليوم نحن نقف على أعتاب جولة جديدة من معركة التغيير الديمقراطي؛ جولة الانتخابات البرلمانية. كل من يؤمن بديمقراطية تأتي على يد نضال جماهيري واسع عليه أن ينظر إلى هذه المعركة بكل جدية، وعليه أن يراها كفرصة لتصحيح أخطاء المرحلة السابقة ولدفع النضال من أجل التغيير للأمام.

في هذا السياق، نحن نعتبر تشكيل الجبهة الموحدة لقوى المعارضة خطوة كبرى للأمام. اتحاد المعارضة الديمقراطية ضد نظام مبارك وضد حزبه الوطني ولجنة سياساته ضمان لأن تتوفر للمعارضة فرصة حقيقية للوجود في الشارع السياسي ولمواجهة نظام الحكم الديكتاتوري من تحت قبة البرلمان. ذلك أن معارضة مفتتة ومتنافسة ستعني بالضرورة فرصة أكبر للديكتاتورية لفرض نفسها، في حين أن معارضة موحدة على مطالب ديمقراطية، تسمح لها بالمنافسة بقائمة انتخابية واحدة، تعني أمل حقيقي في استخدام الأداة البرلمانية للنضال ضد سلطة مبارك وعائلته وأعوانه والمتحالفين معه.

لكن الجبهة الواسعة الموحدة – تلك الجبهة التي تضم قوى سياسية متنافرة أيديولوجيا – لا تقدم كل المطلوب من أجل دفع معركة التغيير السياسي والاجتماعي إلى الأمام. قيمة تلك الجبهة هي أنها تضمن عدم تطاحن قوى المعارضة أمام عدوها المشترك. لكنها بالتعريف جبهة مطالب ديمقراطية فقط. إذ من غير المتصور أن تتبنى قوى تتراوح من الليبرالية إلى اليسارية برنامجا اقتصاديا واجتماعيا موحدا.

ليس هذا فقط، بل إن قوى جبهة المعارضة الموحدة لا تشترك جميعا في الإيمان بمركزية دور الجماهير في التغيير. وهذا ما يعني بالضرورة أن الجبهة لن تلعب دورا حاسما في حل معضلة ارتباط حركة التغيير بالجماهير وكسر اغترابها عنهم.

من هنا تكتسب فكرة “قائمة التغيير” أهميتها وضرورتها. قائمة التغيير، كما نراها، هي تحالف انتخابي للجناح الأكثر جذرية ونضالية في جبهة المعارضة وفي حركة التغيير بعامة. بهذا المعنى، فقائمة التغيير، والجبهة التي تمثلها، هي جزء من جبهة المعارضة الموسعة، تقبل ما تقبله وترفض ما ترفضه تلك الأخيرة.

لكن من ناحية أخرى، فإن المرتجى من قائمة التغيير هو أن تكون جزءا مميزا داخل الجبهة الأوسع. مميز أولا من حيث العمق الاجتماعي والاقتصادي لمطالبه، ومن حيث الرابطة التي يقيمها بين التغيير الديمقراطي وبين المطالب الوطنية الاجتماعية. ومميز ثانيا من حيث رؤيته الواضحة لدور الجماهير في إحداث التغيير المنشود.

في رأينا أن وجود هذا الجناح المناضل في جبهة المعارضة الواسعة، وفي حركة التغيير الديمقراطي، ضروري ولازم لحيوية وصحة الجسم الأكبر لجبهة المعارضة. فوجود منبر للمؤمنين بالعمق الوطني والاجتماعي للتغيير، وبالدور المركزي للجماهير في إحداثه، داخل الجبهة الواسعة للمعارضة، سيلعب دورا كبيرا في رفع سقف معركة الانتخابات وفي ربطها بالجماهير وبمطالب الجماهير.

قائمة التغيير ستعلن تأييدها التام وانضواءها الكامل تحت لواء جبهة المعارضة الأوسع. لكنها إلى جانب ذلك سوف تطرح أن مرشحيها يرون معركة الانتخابات استكمالا – بأدوات أخرى – لمعركة التغيير، ويرون أن التغيير الحقيقي هو ذلك الذي يوفر العدل والخبز للجماهير جنبا إلى جنب مع توفيره للحرية السياسية، ويرون أن ذلك التغيير لن يأتي إلا بنضال الجماهير الواسعة وإلا بخط العصيان المدني الشامل، ويرون أن دورهم كمرشحين لمجلس الشعب، وربما كأعضاء فيه، هو دعم نضال الجماهير وحركتها.

رؤيتنا لقائمة التغيير إذن أنها أداة مساعدة لتحقيق أهدافنا في التغيير الشامل. نريد معركة انتخابية توقظ الجماهير وتدعم نضالها المستقل؛ نريد برلمانا به معارضة قوية؛ نريد برلمانا به صوتا جذريا يطرح بصلابة أن التغيير يأتي بنضال الشارع، وأنه لن يكون تغييرا حقيقيا إذا لم يوفر الخبز جنبا إلى جنب مع توفيره للحرية.