بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أصحاب اﻷعمال يدعون كذبا انحياز الوزارة للعمال ومستشار محافظ القاهرة يطالب بأن يكون الفصل في يد صاحب العمل وحده بالمخالفة للدستور

بيان حملة “نحو قانون عادل للعمل”

حملة نحو قانون عادل للعمل 20 أكتوبر 2014 من يسمع أصحاب الأعمال وهم يتحدثون عن مسودة تعديل قانون العمل التي وضعتها وزارة القوى العاملة والهجرة يتصور كذبا أن هذه المسودة تنحاز للعمال لدرجة الجور على حقوق أصحاب الأعمال، لذا قررت “حملة نحو قانون عادل للعمل” تفنيد ما يروجونه للبرهنة على وجهة نظرهم، واثبات كذبها، وأيضا توضيح كيف أن المسودة المطروحة من قبل وزيرة القوى العاملة ناهد العشري ظالمة للعمال ومنحازة لأصحاب الأعمال. يتحدث محمد فريد خميس رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين في مؤتمر عقده الاتحاد لإعلان تحفظهم على المسودة عقب صدورها في يوليو الماضي فيقول “التعديلات في القانون سطحية ولا ترقى لمستوى طموحات المستثمرين” ويكمل “ما نحتاج إليه هو ثورة تشريعية تقضي على تلك القوانين المكبلة التي تعرقل الاستثمار في مصر وتتعدى على حقوق أصحاب الأعمال والعاملين معا”، وقد اتفق رؤساء جمعيات المستثمرين بمصر ورجال القانون الحاضرين معهم المؤتمر والذين يتبنون وجه نظرهم أن هذا القانون يعد انتهاكا لأصحاب الأعمال وجاءت صياغته رديئه. وقد جاءت انتقاداتهم للقانون في خمسة قضايا رئيسية، وهي أن المسودة أقرت الفصل عن طريق المحكمة، وليس من حق صاحب العمل الفصل مباشرة، الحديث بالمسودة عن حق العامل في العودة في استقالته خلال أسبوع، واشتراك النقابات المستقلة في الحوار على القانون، وتعريف الإضراب والاعتصام السلمي، وحقوق المرأة العاملة في إجازة الوضع ورعاية الطفل. وأضافوا كذلك أنه لا بد من إعادة النظر ليس فقط في قانون العمل، بل أنه يجب إعادة النظر في قوانين الاستثمار والتأمينات الاجتماعية والتراخيص، وذلك حتى يتحقق جذب الاستثمار، وزيادة الإنتاج القومي. وفيما يلي سوف نفند انتقاداتهم الخمسة:

  1.      قضية الفصل التعسفي: جاء في تعليق د. السيد نايل محافظ مستشار محافظ القاهرة، وعميد كلية حقوق عين شمس سابقا، أن “المشروع المقدم تشويه للقانون القائم، ﻷنه أولا ترك الاختصاص لعقوبة فصل العامل للمحكمة العمالية يسبقها لجنة التسوية والودية بدلا من صاحب العمل.”

تعالوا نتأمل ما يقوله أستاذ القانون ومستشار محافظ العاصمة، لكي نرى أي نوع من الاستشارات سوف يسديه أستاذ القانون للسيد المحافظ، وكيف ينحاز نظام الحكم بكل مستوياته لأصحاب الأعمال ضد العمال والفقراء عموما. أولا: كيف لأستاذ قانون وعميد سابق لكلية حقوق يطالب بقانون مخالف للدستور، فقد نصت مادة 13 من الدستور على “تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعي، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، ويحظر فصلهم تعسفيا، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون”، فهل من حق العامل أن يعمل في أمان بعيدا عن تعسف أصحاب الأعمال الذي يطال حق العمال في العمل فيفصلون العمال بالآف بدون أي ضوابط؟. وفقد رأينا عندما يتوجه العمال لوزراء القوى العاملة يقولون لهم أنهم لا يستطيعون عمل شيء لهم فالقانون يعطي صاحب العمل الحق في الفصل. هل من العدالة وعلاقات العمل المتوازنة التي نص عليها الدستور أن يظل الفصل التعسفي سيف في يد صاحب العمل وحده مسلط على رقاب العمال حتى القضاء لا يستطيع أن يردعه كما يطلب أستاذ القانون؟!. وفيما يخص مسودة القانون فعلى الرغم من نص م70 على الفصل من خلال المحكمة العمالية، إلا أن هذه المادة ليس لها عقوبة، أي أن صاحب العمل يستطيع أن يفصل العامل بدون أن يستطيع أحد معاقبته، بل أن م 106 التي تتحدث عن حظر الفصل التعسفي للنقابي بسبب ممارسة نشاطه النقابي هي الأخرى بدون عقوبات، هذا باﻹضافة إلى أن م 68، وم 69 واللتان جاء فيهما اﻷعمال التي تجيز فصل العامل، وفي حالة فصل العامل يلجأ إلى اللجنة المشار إليها في القانون لتفتح المجال أمام صاحب العمل للفصل التعسفي. كما جاء في مسودة الوزارة زيادة في اﻷعمال المحظورة على العمال ويكون جزائها الفصل كما جاء في المادة 57. وقبل أن ننتقل للمسألة الثانية لا بد من الإشارة إلى أن العقوبات غير الموجودة أو الضعيفة في حالة وجودها سواء الخاصة بعدم التمييز ضد النساء في العمل، أو عدم عقاب صاحب العمل عندما لا يجلس للتفاوض أو ينفذ ما تم الاتفاق عليه مع العمال، أو عدم وجود عقوبات رادعة في حال مخالفته لشروط السلامة والصحة المهنية وتعريض حياة العمال للخطر، بالإضافة لكون كل ذلك مخالف للمادة 13 من الدستور والتي أوردناها مسبقا يؤدي إلى بيئة عمل ظالمة تماما للعمال وإلى عدم استقرار علاقات العمل في ظل هذا الظلم.

  1.      قضية حق العامل في العودة عن اﻻستقالة خلال أسبوع: الانتقاض الثاني هو كيف يسمح مشروع القانون م 114 للعامل في العدول عن استقالته خلال أسبوع من قبولها (وهو موجود في القانون الحالي 12 لسنة 2003 م 119)، وكيف يتجرأ المشرع ويضيف أن تعتمد الاستقالة من مكتب العمل، ويرى أصحاب الأعمال أن ذلك يعتبر تعديا على شخصية صاحب العمل الاعتبارية، ولا نعرف في الحقيقة أي اعتداء هذا ونحن نرى يوميا أصحاب الأعمال يعتدون على حقوق العمال في العمل ويحرمونهم منه سواء بالفصل التعسفي أو بتزوير توقيعات العمال على الاستقالات التي تقدم مع مصوغ التعيين في بداية العمل، لماذا يخاف أصحاب الأعمال من هذا الشرط؟.
  2.      قضية النقابات المستقلة: وعن إشراك النقابات المستقلة في الحوار حول القانون، جاء في كلام د. نايل “أن المناخ في مصر الآن غير صالح لإطلاقها (الحريات النقابية) حيث تحتاج إلى تنظيم قانوني دقيق، فنحن على مر التاريخ من دول وحدة النقابة فلا يجوز أن تتعدد النقابات المستقلة بشكل مفاجئ دون تنظيم مسبق”، ولنا سؤال لدى السيد مستشار محافظ القاهرة، ما المانع من أن يصدر قانون الحريات النقابية المحبوس في الأدراج منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ولماذا يتدخل أصحاب الأعمال في تنظيمات العمال في الوقت الذي ينظمون فيه أنفسهم ويقفون معا لقطع أرزاق العمال، وتفصيل القوانين لمصلحتهم ضد مصلحة العمال. وأخيرا من قال أن من أدخلتهم السيدة الوزيرة تحت مسمى ممثلي العمال من الاتحادات المستقلة يمثلون العمال فعلا؟ فهم مجموعة مختارة من قبل الحكومة لضبط الشكل العام ﻻ يفرقون شيئا عن الممثلين من الاتحاد اﻷصفر.
  3.      حق الإضراب والاعتصام: ذكر د. حسام الأهواني أستاذ بكلية الحقوق جامعة عين شمس” أنه لأول مرة يتضمن مشروع قانون تعريف الاعتصام بمكان العمل وليس إضرابا، هو ليس حق للعامل، لأنه يعتبر تعد على حق العمال غير المضربين ومنعهم من العمل” وفي الحقيقة أن أستاذ القانون تعمد عدم ذكر م 194 من نفس المسودة التي ينتقدها والتي جاء فيها “يحظر الاعتصام داخل مقر العمل بما يؤدي إلى توقف العمل بالمنشأة كليا أو جزئيا، أو منع القائمين على إدارة المنشأة والعمال الراغبين في العمل من الدخول أو ممارسة عملهم” والتي تكذب ما يدعي به من أن ما جاء بشأن الاعتصام في مسودة الوزارة يؤدي لوقف العمل. كما أنه تغاضى عن العراقيل الكثيرة التي وضعت كشروط للإضراب، مثل حظر الإضراب في المنشآت الاستراتيجية م 192، وحظر الإضراب أثناء مدة سريان اتفاقية عمل جماعية أو أثناء إجراءات التفاوض م 191، وكلها أسباب تجعل الإضراب غير مشروع (من وجهة نظر المسودة) في حال عدم مراعاة أيا من الشروط الواردة في 7 مواد، وجزاء المخالفة هو الفصل. هذا في الوقت الذي أتاح المشروع لصاحب العمل الإغلاق في وقت التفاوض أو أثناء سريان الاتفاقية في حالة الضرورة والاستعجال م 199.
  4.      حقوق المرأة العاملة: وأكد محمد المرشدي، رئيس غرفة اتحاد الصناعات “أن مشروع القانون أعطي للمرأة حقوقا عديدة قد تؤدي في النهاية بنتائج عكسية تتسبب في إحجام أصحاب الأعمال عن الاستعانة بهن خوفا من تعطيل مصالحهم” بغض النظر عن ما ذكره من معلومات غير صحيحه من كون صاحب العمل يتحمل وحده إجازة الوضع بأجر كامل، أو رعاية الطفل، فلم تأت المسودة تقريبا بجديد بخصوص حقوق النساء في العمل سوى أنها جعلت إجازة رعاية الطفل 3 مرات حتى تتوافق مع قانون الطفل. كما أن المسودة أبقت على الشرط الظالم والذي جاء في م 88 من أن المرأة العاملة لا تستحق إجازة الوضع إلا إذا أمضت عشرة أشهر، وكذلك لا تستحق إجازة رعاية الطفل م 91 إلا إذا كانت أمضت نفس المدة. على الرغم من نص الدستور م11 على “… وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا” إلا أن أصحاب الأعمال الذين يتمتعون بكل المزايا يريدون التنصل من حقوق العمال والعاملات، ولا يريدون تحمل مسئوليتهم لكي تمكن المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل.

كما رأينا سريعا أن مسودة القانون المقدمة من الوزارة تحتوي على الكثير من الحقوق التي سلبتها من العمال لتعطيها ﻷصحاب اﻷعمال، ولكن أصحاب اﻷعمال ﻻ يكتفون بذلك، فهم يريدون عمال يفصلونهم كما يشاءون بدون تدخل من أحد حتى القضاء، بلا تنظيمات نقابية حقيقية تدافع عنهم، بلا أي أسلحة للحصول على حقوقهم ﻻ إضراب وﻻ اعتصام.