بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

بيان حملة نحو قانون عادل للعمل

مسودة وزارة القوى العاملة لقانون العمل.. مزيد من التعدي على حقوق العمال لإرضاء أصحاب الأعمال

لقد وصلت جلسات الحوار الاجتماعي (المزعومة) المغلقة والسرية يوم الاثنين 10 نوفمبر في مناقشاتها للمسودة المطروحة من قبل وزارة القوى العاملة والهجرة لتعديل قانون العمل تقريبا للمادة 75. لماذا نقول سرية لأن الوزيرة تعمدت عدم نشر المسودات التي تطرحها للنقاش المجتمعي العام، حتي تحرم العمال القاعديين من معرفة ماذا يجهز لهم من قبل أصحاب الأعمال بالتعاون مع الوزارة في حضور تمثيل مزعوم لهم. ووصل الأمر بالوزيرة في أخر جلستين للحوار عدم دعوة أي من الصحفيين لحضور الحوار. ولم تكتف بذلك، فقد صرح أحد أطراف الحوار الحاضرين عن العمال لمصدر صحفي بأن السيدة الوزيرة تصر على تمرير مقترحات الوزارة، ولا تعطي لأحد أي فرصة للاعتراض.

والمسودة الجديدة التي قدمتها الوزارة عبارة عن جدول به ثلاثة أعمدة، العمود الأول به نص المادة في قانون العمل الحالي ق12 لسنة 2003، العمود الثاني موجود به المادة المقترحة من قبل الوزارة، وقد قاموا بتظليل بعض الفقرات في بعض المواد كونها التعديلات المقترحة علي المادة، وكأنهم يحصرون المتحاورين في المناقشة في هذه الأجزاء فقط. مما يرينا أي تعديلات للقانون تريدها الحكومة ممثلة في وزيرة القوى العاملة والهجرة.

وبمقارنة متأنية لمقترحات الوزارة مع قانون العمل الحالي، مع مسودة الوزارة السابقة التي طرحت في عهد وزيرة القوى العاملة ناهد العشري، والتي خرج أصحاب الأعمال وجمعياتهم يشنون حربا على الوزيرة مستخدمين الاتحاد الأصفر بحجة أن الوزيرة تحضر ممثلي الاتحادات المستقلة للحوار الاجتماعي وهم ليس لهم حق الحضور. ولكن كان سبب الهجوم الأساسي هو أن الوزيرة، وهي تمرر لهم القانون الذي يرغبون فيه، أدخلت عليه بعض النقاط التي لم تعجبهم، مثل مسألة الفصل عن طريق المحكمة، وتعريف الإضراب والاعتصام… والتي وضحنا في تحليل سابق للحملة أن هذه الأشياء التي يشيرون إليها مفرغة من مضمونها.

ما اكتشفناه في المسودة الأخيرة ما يلي:

أولا: أن الوزيرة قد خضعت لمطالب أصحاب الأعمال، وفيما يلي سوف نورد بعض المواد التي تم تغييرها استرضاء لأصحاب الأعمال

  1. م1 في تعريف الإضراب: فقد تم إلغاء تعريفات الإضراب الجزئي والكلي التي وردت في مسودتها السابقة فأصبح تعريف الإضراب “التوقف السلمي لجميع العمال أو بعض منهم عن أداء أعمالهم المكلفين بأدائها باتفاقهم السابق أو اللاحق بقصد حث صاحب العمل علي استئناف المفاوضات لتحقيق مطالب مهنية مشروعة سبق رفضها” وعلينا النظر جيدا للفقرة التي تحتها خط من تضييق المطالب إلى “مطالب مهنية سبق رفضها” وقد كان تعريف الإضراب في المسودة الأولى “هو توقف العمال عن العمل توقفا إراديا لممارسة الضغط على صاحب العمل لحمله على الاستجابة لمطالبهم في إطار الحقوق المقررة لهم وفق هدا القانون والقوانين ذات الصلة بعد فشل الوسائل الودية في تحقيق دلك”. علي الرغم من اعتراضنا علي حصر المطالب في مسألة الحقوق القانونية، لأنه من المفترض أن الحقوق القانونية تنفذ بدون إضراب أو حتى تفاوض، وأن سواء الإضراب أو التفاوض حده الأدنى القانون وليس حده الأقصى. لم يكتفوا بذلك في المسودة الجديدة بل أنهم سدوا الطريق على أي مطالب جديدة يرفعها العمال أثناء إضرابهم كانوا يعانون من عدم تحققها سابقا.

وأصبح تعريف الاعتصام “هو التواجد السلمي للعمال أو فريق منهم في مكان العمل بعد أداء العمل المكلفين به تعبيرا عن رغبتهم في تحقيق مطالبهم مهنية مشروعة

كان تعريف الاعتصام في مسودة الوزارة السابقة “هو التواجد السلمي للعمال أو فريق منهم في غير مواعيد العمل الرسمية بمكان العمل أو أي مقر يرمز إليه لممارسة الضغط علي صاحب العمل لحمله على إجابة مطالبهم في الحقوق المقررة لهم وفق هذا القانون والقوانين ذات الصلة بعد فشل الوسائل الودية في تحقيق ذلك”.

  1. بالنسبة للفصل التعسفي، بالإضافة لما سبق وأوردنا عاليه بيان سابق للحملة بعنوان “أصحاب اﻷعمال يدعون كذبا انحياز الوزارة للعمال” في 20 أكتوبر وهذا نصه فيما يخص الفصل “وفيما يخص مسودة القانون فعلى الرغم من نص م70 على الفصل من خلال المحكمة العمالية، إلا أن هذه المادة ليس لها عقوبة، أي أن صاحب العمل يستطيع أن يفصل العامل بدون أن يستطيع أحد معاقبته، بل أن م 106 التي تتحدث عن حظر الفصل التعسفي للنقابي بسبب ممارسة نشاطه النقابي هي الأخرى بدون عقوبات، هذا باﻹضافة إلى أن م 68، وم 69 واللتان جاء فيهما اﻷعمال التي تجيز فصل العامل، وفي حالة فصل العامل يلجأ إلى اللجنة المشار إليها في القانون لتفتح المجال أمام صاحب العمل للفصل التعسفي. كما جاء في مسودة الوزارة زيادة في اﻷعمال المحظورة على العمال ويكون جزائها الفصل كما جاء في المادة 5″.

نضيف إليه نص مادة جديدة أضافتها الوزيرة م71 لتطمئن رجال الأعمال أكثر أن أحدا لن يستطيع منعكم من فصل العمال كما تحبون “للعامل الذي يفصل بغير مبرر كاف أن يطلب من اللجنة المشار إليها في المادة (127) خلال عشرة أيام من أخطاره بالفصل…..”

ثانيا: محاولة تضليل مدعي تمثيل العمال عن بعض التغييرات التي تهدر حقوق العمال

عندما يدعي طرف أنه محايد وأنه ليس صاحب مصلحة في أن ينحاز لأحد الطرفين المتحاورين، ثم تكتشف أنه يقدم معلومات مغلوطة للمتحاورين، وعندما تحلل المغالطات تكتشف أنها كلها لصالح أصحاب الأعمال ضد العمال، اعتقد أن الاستنتاج المنطقي هو أن الوزارة متفقة مع أصحاب الأعمال لتغفيل من يحضرون الحوار علي أنهم ممثلين للعمال.

في الجدول الذي سبق أن أشرنا إلى أن الوزارة قد قدمته للمتحاورين، ففي بند الملاحظات كتب أن العديد من المواد كما هي لم يتم تغييرها عن ما هو موجود في قانون العمل الحالي ثم بمراجعتها اكتشفنا أن ذلك غير صحيح. وعلي الرغم أن الفروق كلمات صغيرة إلا أنها تقلب موازين علاقات العمل رأسا على عقب، وفيما يلي بعض من ذلك:

  1. م69 والتي أصبحت في المسودة م70 “لا يجوز فصل العامل إلا إذا أرتكب خطأ جسيما ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الأتيه: ثم ذكر في قانون العمل الحالي 9 حالات كان يبدأ في 4 منها بـ إذا ثبت (إذا ثبت انتحال العامل شخصية غير صحيحة أو قدم مستندات مزوره)، كل ما فعله في المسودة أنه حذف كلمة إذا ثبت، ليبدأ بانتحال….كلمة واحدة يستطيع من خلال حذفها أن يفصل العامل بشكل قانوني، لأنه أصبح صاحب الرأي في كونه أنتحل شخصية مزوره من عدمه بدون إثبات، أو أرتكب خطأ نشأ عنه أضرار جسيمة لصاحب العمل، أو افشي أسرار المنشأة.

  2. ما حدث من تغيير وذكرت الوزارة أنه لم يحدث تغيير م64 ق12 أصبحت م 66 في المسودة، حيث جعل من حق صاحب العمل أن يجازي العامل بخصم ثلاثة أيام من أجره دون أن يلتزم بالتحقيق معه، وقد كانت في القانون الحالي يوم واحد فقط.

  3. في م82 في ق12 وأصبحت أيضا م82 في المسودة أجازت لصاحب العمل أن يجبر العمال علي العمل لساعات تصل لـ11 ساعة في اليوم بدلا من 10 ساعات في القانون الحالي، وأيضا ذكرت الوزارة أن تغييرا لم يطرأ على المسودة.

  4. م48 في قانون 12 لسنة 2003، وأصبحت م 47 في المسودة كان يجب حصول العامل علي إجازة 15 يوم علي الأقل في السنة من إجازاته منها 6 متصلة، أصبحت 5 أيام فقط متصلة دون ذكر الـ 15 يوم، وكذلك تقول الوزارة ما فيش تغيير. كما تم تغيير المادة بحيث أن يتم تسوية الإجازات سنويا بدلا من كل 3 سنوات، وطبعا ما فيش تغيير بالنسبة للحكومة. كذلك تمت إضافة “ويقصد بالأجر المستحق الذي يتقاضاه العامل مقابل إجازاته التي حرم منها لمصلحة صاحب العمل، هو ما يتقاضاه من أجل مقابل ما يؤديه من عمل دون اعتبار لملحقات الأجر” وهذا معناه أنه يحسب مستحقات العامل عن الإجازة علي أساس المرتب الأساسي وليس على الشامل مثلما كان في القانون الحالي بدون هذه الفقرة.

  5. م52 ق12 أصبحت م51 في المسودة بخصوص الإجازات بأجر كامل كانت في الأعياد أصبحت (الأعياد الدينية والمناسبات القومية) فماذا سيكون الرأي مثلا في أعياد مثل عيد العمال وشم النسيم؟..

  6. م17 في قانون 12 وأصبحت م18 في مسودة الوزارة، كان من ضمن الأطراف التي من حقها مزاولة عمليات إلحاق المصريين للعمل بالخارج الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وأصبح في المسودة غير موجود لا هو ولا باقي الاتحادات وعلى الرغم من هذا التغيير إلا أنه كتب في الملاحظات لم يحدث تغيير سوى إضافة فقرة جديدة في المسودة. وعلي الرغم من اختلافنا مع وجود الاتحادات العمالية، لكي يصبحوا بهذا الشكل بمثابة أصحاب أعمال، إلا أنني أدلل فقط على محاولات التضليل التي تمارسها الوزارة ضد العمال وحقوقهم حتى في قانون العمل الحالي الظالم.

ثالثا: التأكيد أكثر على الانحياز لأصحاب الأعمال ضد العمال

  1. إضافة مواد جديدة لم تكن في مسودتها القديمة مثل م25 وهي تستثني من أحكام الفصل الخاص بتشغيل العمالة في الخارج الأعمال العرضية، والوظائف الرئيسية التي يعتبر شاغلوها وكلاء لصاحب العمل، بعيدا حتى عن كون هؤلاء الوكلاء يعد استخدامهم من قبل صاحب العمل لظلم العمال، إلا أنهم أنفسهم يتعرضون للاعتداء علي حقوقهم. دعونا ننظر لفكرة العمل العرضي الذي يمتد لستة أشهر، لكي يفتح الباب أمام أصحاب الشركات للنصب علي العمال المصريين بعيدا عن أي رقابة.

  2. فتح الباب واسعا لشركات توريد العمالة فبالإضافة للسماح لهم بالعمل بعد الترخيص من الوزارة بعد أن كان ذلك مقتصرا على الجمعيات والمؤسسات والمنظمات النقابية بإنشاء مكاتب لتشغيل العاطلين بها. بالإضافة إلى تغيير في م7 لكي لا يلزم الشركات التي تستخدم عمالة موردة من شركات أخرى بأي التزامات تجاه هذه العمالة وذلك بحذف فقرة كاملة من المادة وهي “ويكون من تنازل له صاحب العمل عن الأعمال المسندة إليه كلها أو بعضها متضامنا معه في الوفاء بجميع الالتزامات التي تفرضها أحكام هذا القانون” بحجة أنه تمت إضافتها في م 79 ولكن بالعودة لمادة 79 أكتشفنا أنها لم يتم إضافتها.

نقل المادة الخاصة بالعمالة غير المنتظمة التي كانت في القانون الحالي م12 من باب التشغيل بالداخل لفصل التشغيل بالخارج، وكأن العمالة الغير منتظمة في بلد آخر وليست داخل مصر.

  1. هذا بخلاف القهر الذي ينال العامل في م31 بداية الباب الثاني الخاص بعقد العمل الفردي وتعريفه للعقد “بأنه العقد الذي يتعهد بمقتضاه العامل بأن يعمل لدي صاحب العمل وتحت إدارته وإشرافه لقاء أجر” وواضح تماما عدم وجود أي التزامات علي صاحب العمل فالالتزامات كلها على العامل وهي نفس المادة في القانون الحالي. كذلك م32 “إذا لم يوجد عقد مكتوب للعامل كان له وحده إثبات حقوقه بكل طرق الإثبات” ولم يقولوا لنا ماذا سيفعلون في صاحب العمل الذي كسر القانون ولم يوقع عقد عمل مع العامل. يريدون تحميل العامل تقاعس الموظفين من أول موظفي القوى العاملة، إلى رئيس الوزراء الذي إذا لم يصدر قرار تشكيل المجالس الواردة في القانون وعلي رأسها المجلس الأعلى للأجور، فلا يوجد أي عقاب عليه ويتحمل ذلك كل عمال مصر، كذلك إذا لم يرد الموظف في حال ما كانت اللائحة غير ملتزمة بالقانون بعد مرور 30 يوم ولم يعترض الموظف تصبح سارية، لا عقاب، وإذا ورد للموظف عقد العمل بالخارج وكان فيه تعدي علي حقوق العامل إذا لم تعترض الوزارة خلال 15 يوم أصبح نافذا ولا عقاب للموظف.

رابعا: التعديلات الإيجابية

ولكي نكون محايدين لقراءتنا في المسودة رأينا أن نورد التعديلات الإيجابية، ومنها م7 والتي تتحدث عن استيفاء مستحقات العامل الناشئة عن علاقات العمل حتي قبل المصروفات القضائية والمبالغ المستحقة للخزانة العامة ومصروفات الحفظ والترميم. إدخال الاتحادات المستقلة في بعض المواد مثل م11 المجلس القومي لتخطيط استخدام القوى العاملة في الداخل والخارج، وكذلك في المجلس القومي للأجور م35.

إضافة مادة مستحدثة م34 ونصها هو” يبرم عقد العمل الفردي لمدة غير محددة، ويجوز إبرامه لمدة محددة في حالة القيام بأعمال موسمية أو أنشطة أخرى لا يمكن حسب العرف أو بحكم طبيعتها اللجوء فيها إلى عقود غير محددة المدة”.

وإذا نظرنا لهذه الإيجابيات لوجدناها ثلاثة الاعتراف الجزئي بالاتحادات المستقلة التي يكملون بها ديكور الحوار وإلا فقدوها، الإسراع في صرف مستحقات العامل في حال الحكم له، في الوقت الذي أطلقوا فيه يد صاحب العمل في فصله وانتقاص حقوقه كما رأينا. ثم العقد غير محدد المدة الذي عاد في نفس المادة وفتحت الباب للعقد محدد المدة، وما المشكلة إذا كان صاحب العمل يستطيع فصله حتى لو كان عقده غير محدد المدة.

اعتقد مما عرضناه يوضح أين تذهب مسودة القانون ولمن تنحاز وضد من تتآمر، ولعل آخر ما نختتم به ورقتنا هو ما كتب في الملاحظات على لماذا أضافت المسودة إلي واجبات العامل الكشف الطبي على المخدرات والأمراض المعدية، وأي فعل خادش للحياء في م56 ق12، أصبحت م58 في المسودة (تم إضافة عبارة “أي فعل يخدش الحياء العام” لمنع إتيان هذه الأفعال علي سبيل التحديد. وعبارة “أن يخضع للكشف الطبي عن المواد المخدرة والأمراض المعدية حينما تطلب منه المنشأة وذلك علي نفقتها” لتتوافق مع ما تقوم به بعض المنشآت ولتقنين هذا الإجراء الهام وحتى لا يعترض عليه بعض العمال).

حملة نحو قانون عادل للعمل

12 نوفمبر 2014