بيان مركز الدراسات الاشتراكية: لا للكويز.. لا للتطبيع مع إسرائيل
فليستمر النضال ضد الاستبداد والاستغلال والصهيونية
اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) التي وقعتها مصر مع إسرائيل الأسبوع الماضي تفضح، بأبلغ لغة، خطط التحالف الطبقي الذي يحكم مصر الآن. اكتشف رجال الأعمال الاحتكاريين الملتفين حول جمال مبارك ولجنته للسياسات من أمثال إبراهيم كامل أن التطبيع مع إسرائيل هو شرط سياسي أساسي لرضاء رأس المال العالمي والإمبريالية الأمريكية، ومن ثم لتدفق الاستثمارات وانتعاش البيزنيس. ولذلك فقد بادروا وضغطوا من أجل الدخول في اتفاقية كويز مع إسرائيل كإشارة على حسن النوايا وعلى الاستعداد للذهاب إلى آخر مدى دعما لمصالح الصهيونية ورأس المال العالمي.
أما زمرة الحكم الفاسدة، فهي لم تنخرط في الكويز فقط من أجل عيون رجال الأعمال الذي أصبحوا جزءا منها بفضل لجنة السياسات والذين استفحلت قوتهم في السنوات الأخيرة، ولكن أيضا دفاعا عن العرش! صفقة الكويز – وصفقة تصدير الغاز لإسرائيل – تأتي في سياق أوسع من الأمور الاقتصادية. النظام المصري الذي أعلن على مدى سنوات تبنيه لعرفات وأوسلو وطريق سلام مدريد يتحدث الآن عن أن “شارون هو الشخص الوحيد الذي يمكن إقامة سلام معه”، ويؤكد أن “فرص السلام أكثر من أي وقت مضى”، هذا بالرغم من أن دماء الفلسطينيين البواسل تهدر صباح مساء على أيدي سفاحي الصهيونية، وبالرغم من أن منازل الفلسطينيين البواسل تهدم يوميا بأيدي بلدوزرات الاستعمار الاستيطاني. ما هو السبب في التحول من السيء إلى الأسوأ؟ السبب بسيط: زمرة الحكم تحاول الحفاظ على عرشها. النظام يقايض سلطته بدماء الفلسطينيين. النظام يقبل شروط شارون التي تعتبر أوسلو بالنسبة لها جنة النعيم من أجل أن ترفع أمريكا يدها عنه وتعطيه ضوءا أخضر للاستمرار في خطط التجديد والتوريث والاستبداد وقمع الشعب المصري. هذا هو الأصل السياسي للتحول في السياسة الخارجية المصرية من “السلام البارد” إلى “السلام الدافئ”. هذا هو الأصل السياسي للكويز ولصفقة عزام وللصمت المهين عن مقتل الجنود المصريين الثلاثة على الحدود. هذا هو الأصل السياسي للمذبحة الأمنية الجارية في العريش لتأمين الحدود الإسرائيلية ولمنع أي أعمال للمقاومة أو التسلل من الجانب المصري. هذا هو الأصل السياسي للتحول الصهيوني في السياسة الخارجية المصرية.
إذن، فقد التقت زمرة الحكم مع حفنة رجال الأعمال الاحتكاريين على مصلحة واحدة: شراء الأرباح وكرسي السلطة في مقابل بيع ما تبقى من دعم (نعلم أنه كان وهميا) للنضال الفلسطيني. ليس هناك دليل أفضل من هذا التحول على ما يدافع عنه الاشتراكيون من زمن طويل: الرأسماليون ورجالهم في الحكم هم أعداء للنضال التحرري الفلسطيني؛ سلام الرأسمالية والإمبريالية هو استسلام للصهيونية وتكريس للاحتلال؛ رأس المال هو رأس حربة التطبيع مع الصهيونية؛ الطريق إلى القدس لابد أن يمر عبر القاهرة.
بالرغم من كل ذلك تصر الدعاية الحكومية المتهافتة أن تبيع لنا الوهم. افتح أي صحيفة رسمية هذه الأيام، ستجد أن حديث الكويز يغطي على كل حديث. “الاتفاق التجاري مع أمريكا وإسرائيل سيحقق كذا مائة ألف فرصة عمل”، “الكويز هدفه مصلحة الشعب المصري”، “الكويز سينشط الاقتصاد” .. الخ الخ. من يصدق هذا الوهم؟ هل ستقدر مصر على منافسة الصين في السوق الأمريكية بعد إلغاء نظام الحصص في تجارة المنسوجات مع تطبيق الجات كاملة في 2005؟ هل ستتهافت الاستثمارات على دولة انهارت صناعتها للنسيج على مدى التسعينات؟ لن يجني أحد من الكادحين شيئا من الكويز. كل ما سيجنوه هو مزيد من القهر والخضوع للإمبريالية. أما الرأسماليون الاحتكاريون فسيحققون بعض المغانم الاقتصادية لأنفسهم، في حين سيستمر الدعم الأمريكي لنظام مبارك.
معادلة الكويز تكشف لنا بشكل عملي عن زواج الليبرالية الجديدة بالصهيونية والإمبريالية. الليبراليون الجدد الذين يريدون السير في طريق الإفقار بأقصى سرعة ممكنة، هم أنفسهم الذين يرون النضال الفلسطيني صداعا وإسرائيل صديقا وأمريكا حليفا استراتيجيا. تلك الحفنة التي لم ينتخبها أحد والتي تسرق قوت الشعب المصري تحالفت مع الحكم وأصبحت سندا للاستبداد والديكتاتورية.
من هنا فإن النضال ضد الكويز وضد التطبيع وضد الإمبريالية لابد أن يتحد مع النضال ضد الاستبداد والاستغلال. إذا أردت تحرير فلسطين ومساندة الانتفاضة، فعليك أن تقاوم ما تفعله مصر لدعم إسرائيل وإدماجها في المنطقة ولحمايتها من “التطرف الفلسطيني”. وإذا أردت أن تحارب الاستغلال والفساد والإفقار في مصر، فلابد أن تقاوم التحالف سيء الطوية بين السلطة والمال والصهيونية والإمبريالية. لن تتحرر مصر من الظلم والاستبداد على أيدي حفنة الأثرياء والمالكين. تحرير مصر سيأتي على يد فقراءها وكادحيها الذين يكتوون بنار الاستغلال والاستبداد والإمبريالية.