بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

لماذا يحتاج طلاب المرحلة الثانوية إلى كيانات طلابية مستقلة؟

عانى المجتمع المصري طويلاً من النظام التعليمي الذي لا يراعي الطلبة دراسيا ويظلمهم ويسلبهم حقوقهم، ولكن العملية التعليمية في مصر ليست قاصرة على الطلاب وحدهم فهي مرتبطة بثلاث مكونات أساسية في المجتمع هي الطالب وولي الأمر والمدرس.

النظام التعليمي المصري يظلم المكونات الثلاثة فمن تدني حالة المدرس وقلة مرتبه نتيجة توجيه الميزانية لمستشاري الوزارة، إلى تدني المستوى التعليمي في المدارس واضطرار المدرس إلى إعطاء الدروس الخصوصية حتى يبقى على قيد الحياة، فيزداد العبء على ولي الأمر ويكلفه المزيد من النفقات الأمر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للمحاسبات عام 2012 أن 40.1 % من الإنفاق الأسري يدفع مقابل الدروس الخصوصية تحت إطار ما يسمونه زورا “مجانية التعليم”، بخلاف تحول بعض المدرسين إلى أباطرة دروس خصوصية مستغلين النظام التعليمي الفاشل في ذلك، ويظل المدرس من أكثر مكونات العملية التعليمية إهمالا من قبل الدولة مما ينعكس على الطلاب.

أما المكون الأهم في تلك العملية وهو الطالب، فحدث ولا حرج، فالطالب المصري منذ سن 6 سنوات يوضع في ظروف تعليمية غير آدمية في فصول قد يزيد عدد الطلاب بها عن الـ100 طالب، ثم من المرحله الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية حيث يواجه الحشو في المناهج الدراسية وبداية رحله المعاناة هو وأسرته مع الدروس الخصوصية، ولا يتلقى أي تعليم يوجه قدراته ويبرزها من أجل توجيهها إلى مسارها الصحيح، فتكون النتيجة أن يدفع الطلاب أصحاب الأيادي الماهرة التي تصلح الأعمال الحرفية والتعليم الفني إلى التعليم العام – الثانوية العامة – قاتلين موهبتهم وإبداعهم، ويحدث العكس مع بعض الطلاب أصحاب العقول المتميزة في دروب العلوم أو المواد الفلسفية فيدفعوا أيضا لتعليم غير ملائم لقدراتهم وهو التعليم الفني بسبب عدم قدرة الأسرة على تغطية مصاريف الدروس الخصوصية.

وبعد أن يدخل الطالب أي نظام تعليمي فى المرحلة الثانوية من تلك الأنظمة (عام – فني)، وحتى لو كان هذا مناسبا لقدراته وميوله، فهو في تلك المدارس يواجه أيضا الكثير من الكوارث غير الآدمية. ففي الثانوية العامة يطارده شبح الدروس الخصوصية ويضطر في بعض الأحيان لأخذ أكثر من درس للمادة الواحدة مما يزيد الحمل على أولياء الأمور، وأيضا تواجهه كارثة أخرى وهي المناهج الدراسية المملؤة بحشو غير مفيد للطلاب ينفرهم من الدراسة ليس إلا، كما تقتصر العملية التعليمية على التعليم النظري فقط والعملي يكون مجرد إجراءات واختبارات شكليه لتجميل النظام، كما أن المعامل غير مجهزة من الأساس لتساعد على التجربة والإبداع فلا يوجد بها إلا الأجهزة القديمة التي مرعليها الزمن.
ويصدم الطالب في نهاية دراسته الثانوية بامتحانات صعبة، وظلم لإمكانياته وقدراته في التنسيق. فقد يكون متفوق في كل المواد التي يحتاجها لدخول كلية ما ويفشل في مادة واحدة تغير مسار حياته وتوجهه نحو كلية لا يرغب ولا يميل إليها نفسيا وعلميا مما يؤثر عليه بالسلب.

مشاكل التعليم الفني لا حصر لها، فطالب التعليم الفني منذ دخوله لذلك النظام وهو يشعر بالظلم الاجتماعي الواقع عليه، وأن الفرق بينه وبين طالب التعليم الثانوي هو القدرة على تغطية مصاريف الدروس الخصوصية، وينعكس هذا بالسلب على نفسية طلاب التعليم الفني ويتصور بعضهم أن طالب التعليم الثانوي هو سبب ظلمه، وأنه مهمل لزيادة تركيز الدولة وميزانيتها على التعليم الثانوى العام، بينما في الحقيقة أن كلاهما (طالب الثانوى العام أو الفني) يظلمهما نظام تعليمي واحد فاشل، ويواجه طلبة التعليم الفني نفس المشاكل مع المناهج كثيرة الحشو، ولكنها تزداد سوءا هنا، فالمشكلة عند طالب التعليم الفني هي عدم تحديث تلك المناهج بصفة مستمرة، فعند تدريبه على آلة ما أو نظام عمل ما ومع أول تجربة عملية له خارج المدرسة يفاجأ بأشياء مختلفة غير موجودة بمناهجه لم يتدرب عليها. وعند انتهائه من دراسته في المدارس الفنية يضطر طالب الفني أن يقضي سنتين إضافيتين من عمره في معهد قبل دخول كليته وكأن الدولة تعاقبه على تعليمه الفني! فيضطر معظم الطلاب الاكتفاء بشهادة الدبلوم الفني فقط والانضمام لصفوف جيش العاطلين المصري.

تلك هي بعض المشاكل وليس كلها التي قد تواجه الطالب المصري في النظام التعليمي، ويردد الطلاب سؤال واحد بشكل دائم “أين اتحاد الطلبة الرسمي الذي نسمع عنه في مدارسنا من كل تلك المشاكل”؟

وعند البحث عن هذا الاتحاد ولوائحه تتجلى حقيقة أنه مجرد اتحاد كرتوني، فليس هناك أى أسس لاختياره بطريقة صحيحة من الفصل ولا حتى على مستوى الإدارات، وبجرة قلم يستطيع أي مدير مدرسة إلغاء الاتحاد في مدرسته.

وأكبر دليل على فشل هذا الاتحاد عدم تقديمه لأي حلول ناجزة لمشاكل التعليم في مصر وعدم قيامه بأي دورعلى مستوى المدارس ولا تقديم أي خدمات طلابية، حتى أنه وافق على زيادة عدد المواد على طلاب الثانوي العام، كما وقف سلبيا تجاه الاعتداء على طلاب التعليم الفني المحتجين أمام وزارة التعليم العالي.

ونتيجة كل تلك الضغوطات على الطلاب المصريين يجب عليهم أن يبدأوا في التحرك وإنشاء كياناتهم الطلابية المعبرة عنهم والمطالبة بحقوقهم في حرية وتعليم مجاني، والحق في الإبداع وتنمية القدرات العلمية وأن يتحرك طلاب المدارس فى طول مصر وعرضها نحو إنشاء كيانات طلابية مستقلة. وأول خطوة فى هذا الطريق أن لا فرق بين طالب ثانوي أو فني وأن نؤمن بأننا لن نحصد حقوقنا التعليمية إلا إذا اتحدنا سويا، ويجب علينا نحن الطلاب السعي لعمل مشروع شامل لتغيير منظومة التعليم في مصر وأن يتم هذا المشروع بأيادي الطلبة ولمصلحة الطلبة، ويصبح الطلاب هم أصحاب القرار بتلك الكيانات، ويمولوها ذاتيا. فليس هناك أحد يستطيع الوقوف في وجه طلاب متحدين منظمين يريدون حقهم في تعليم أفضل ينعكس على حياة الجميع.