بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

طلاب

في جامعة القاهرة

الطلبة صوت.. ساعة ماتحبوا الدنيا سكوت

أطلق النظام مع بداية العام الدراسي الحالي أشرس هجماته على الحركة الطلابية، ولم تترد قوى الثورة المُضادة في استخدام كل وسائل القمع المُتاحة لها، إدراكاً منها لأهمية دور الحراك الطلابي في اللحظة الراهنة، فهو يمثل تهديداً مباشراً لمصالح حلف الثورة المضادة الذي تماسك وتوحش في أعقاب انقلاب 3 يوليو العسكري على ثورة يناير وعلى انتفاضة 30 يونيو الشعبية.

أصبحت أصوات الطلاب في الجامعات تقلق أبواق “الحرب على الإرهاب” التي خلقها النظام وسخر جميع أجهزة الدولة لخدمتها، كما أدرك الكثير من الطلاب خطورة النظام الحالي على ثورتهم وتطلعه لإنهائها، واتخاذه مظلة الحرب على الإرهاب مبرراً لممارسة إرهابه. وتصدرت هذه الحرب الأجهزة الأمنية وعلى رأسها وزارة الداخلية التي أصبحت تلاحق الطلاب في جامعاتهم وعلى المقاهي وفي وسائل المواصلات وفي منازلهم، كما تهاجمهم بشكل مباشر في الجامعات أو خارجها بالغاز المُسيل للدموع والخرطوش والرصاص الحي. ولم تتوقف الحرب على الطلاب إلى يومنا هذا فقد بدأ الفصل الدراسي الثاني بأحداث مُشابهة تتطور مع الوقت لتأخد طريقاً أكثر عنفاً وقمعاً، ولنا في جامعة القاهرة مثالاً.

فصل دراسي دامي
بعد توقف دام أكثر من 45 يوم وسط مخاوف من تكرار ما حدث فى الفصل الدراسي الأول، مما تسبب في استشهاد خمسة طلاب حتى الآن وإصابة المئات من الطلاب والعاملين ما بين اختناق من الغاز المسيل للدموع وإصابات بالخرطوش والرصاص الحي، بالإضافة لاعتقال العشرات، بدأ الفصل الدراسي الثاني بأحداث مشابهة من تظاهرات ومواجهات.

ما يحدث الآن ما هو إلا امتداد لما حدث فى الفصل الدراسي الأول، فمع بداية العام لم تكن المواجهات داخل أسوار الجامعة، بل كانت فى أحداث مُتفرقة مثل تصدي قوات الأمن للمسيرات والوقفات المختلفة مما أدى إلى استشهاد الكثير من المشاركين بينهم طلاب على يد الداخلية منهم الشهيد عبد الرحمن أحمد فى يوم 6 أكتوبر الماضي، والشهيد محمود عبد الحكيم فى أحداث ذكرى محمد محمود الثانية، والشهيد مصطفى الدوح فى الذكرى الثالثة للثورة. واستكملت قوات الأمن مسيرتها القمعية لتصل إلى محيط الجامعات المختلفة وتقتحمها بحجة “الحفاظ على المسيرة التعليمية”، وأصبحت قبة جامعة القاهرة رمزاً لقهر وقمع الطلاب بدلاً من أن تكون منارة لهم، أو بالأحرى لم نعد نرى القبة المُوقرة لجامعة القاهرة من كثافة الغاز المسيل الذي يخفيها عن الأنظار، وأضحى مشهد الغاز وهو يغطي القبة مشهداً عادياً عابراً ولم يعد يثير دهشتنا، وبنفس الدخان يريدون تعمية عقولنا وتكميم أفواهنا.

غضب طلابي
جاء استشهاد محمد رضا الطالب بكلية الهندسة ليفجر الغضب الطلابي مما أدى إلى تجميع الطلاب فى اتجاه حركة طلابية واحدة، وبدلاً من البحث والتحقيق فى مقتله بشكل جاد، وُجهت تهمة القتل إلى زملائه! كما تم إتلاف الأدلة التي تثبت تورط الداخلية من قِبل النيابة تمهيداً لتبرئتها من القتل، لذلك توحد الطلاب فى مواجهة بلطجة الداخلية ووحشيتها وقاموا بتنظيم مسيرات ضخمة داخل الجامعة ستظل محفورة فى الأذهان من كثرة الطلاب المشاركين فيها. والجدير بالذكر أن معظم هؤلاء الطلاب لم تكن لهم أي انتماءات سياسية، وجاءت حركتهم كرد فعل على إجرام الدولة واستخدامها لكل ما لديها من أداوت للقمع والقتل في مواجهة الطلاب، كما ساهم التفتيش الإجباري وحصار الحرم الجامعي بمدرعات الأمن المركزى ودبابات الجيش في تأجيج غضبهم ودفعهم إلى الاحتجاج.

تحرك طلاب عدد من الكليات وأعلن طلاب كلية الهندسة الإضراب احتجاجاً على إجرام الداخلية وتخاذل إدارة الكلية، وحداداً على مقتل رضا وإصابة عدد كبير من الطلاب. وتحرك طلاب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فنظموا إضراباً محدوداً وأعلنوا تأييدهم وتضامنهم مع إضراب هندسة الذي أعلن منظموه اعتصاماً داخل الكلية استمر لأكثر من أسبوع في ظروف أمنية وجوية غاية في السوء.

القمع والاعتقالات مستمرين
استمرت هجمات قوات الأمن على الطلاب ومواجهة المظاهرات بالأسلحة حتى يوم 16 يناير الذي اقتحمت فيه مدرعات الشرطة الحرم الجامعي وأُطلقَ الخرطوش والغاز المسيل للدموع على الطلاب، مما أدى إلى استشهاد طالبين داخل الجامعة واعتقال 42 عشوائياً من داخل الحرم ومن محيطها وأصيب العشرات، وتمركزت قوات الشرطة حول مباني الكليات حتى انتهت امتحانات الترم الأول وبدأت أجازة منتصف العام.

كما تكررت خلال الفصل الدراسي الحالي اعتداءات قوات الأمن على الطلاب، ففي 26 مارس اعتدت قوات الأمن على مظاهرة نظمها طلاب ضد الانقلاب مما أدى إلى استشهاد الطالب حسام محمد، وأسفر الاعتداء أيضاً عن عدد كبير من المصابين والمعتقلين، وبدلاً من أن تشجب اعتداء الداخلية على حرم الجامعة أعلنت الإدارة عن نيتها لفصل الطلاب الذين شاركوا في المظاهرة!

وزادت حدة الأحداث يوم الأربعاء 2 إبريل عندما انفجرت ثلاثة قنابل بدائية الصنع فى محيط الجامعة وتسببت فى مقتل ضابط وإصابة عدد من أفراد الشرطة. سارع مجلس عمداء الكليات برئاسة جابر نصار رئيس الجامعة، إلى اجتماع طارئ أصدر قراراً بإجماع الحاضرين على وجوب دخول الداخلية داخل الحرم الجامعى لحماية الجامعة من “الإرهاب”! وبموجب القرار تتضاعف معدّلات الخطر الذي يتعرض له طلاب الجامعة والعاملين بها يومياً، فعن أي حماية يتحدث مجلس الجامعة وقد وقع التفجير خارج الحرم ولم تكن الجامعة هي المستهدفة به بل قوات الشرطة التي تطوّقها. وقبل أن يمر أسبوع واحد على صدور القرار اعتقلت الداخلية 13 طالب آخرين يوم الأحد 6 إبريل، بعضهم من أمام جامعة القاهرة بشكل عشوائي والبعض الآخر من أمام نيابة الجيزة حيث كان يجري عرض معتقلي 16 يناير.

مقاومة طلابية
وفي مواجهة حملات الاعتقال العشوائية، انطلقت بعض الحملات الطلابية كنوع من أنواع المقاومة لدعم الطلاب المُعتقلين إعلامياً وقانونياً وفضح النظام وأفعاله الإجرامية مثل حملة “الحرية للطلاب”، كما انطلقت حملات مشابهة لدعم المعتقلين بشكل عام وبالتالي الطلاب مثل حملة “الحرية للجدعان”. وكأداة أخرى من أدوات القمع التي تستخدمها الدولة ضد الطلاب، تشن إدارات الجامعة حملة غير مسبوقة من الإجراءات التعسفية ضد الطلاب لأتفه الأسباب، حيث تم تحويل ما يزيد على 75 طالب للتحقيق ومجالس التأديب بجامعة القاهرة، بعضهم تم تحويله للتحقيق لتعليق لافتات على مباني الكليات أو لانتقاد ادارة الكليات على صفحات الفيس بوك، بالإضافة للتهم الملفقة مثل الاعتداء على الأمن الإداري، ووصلت بعض العقوبات للفصل عامين من الجامعة أو الفصل النهائي من المدينة الجامعية.

ورداً على هذه الحملة الشرسة بادرت مجموعة من طلاب الجامعة بإطلاق حملة “الجامعة للطلاب” تهدف إلى كبح جماح التعسف الإداري ضد الطلاب عبر توثيقه وفضحه بشتى السبل، كما تعمل على تقديم الدعم القانوني والإعلامي للطلاب بالتعاون مع الحملات الطلابية الأخرى والمؤسسات الحقوقية المعنية.

لقد مثلت تلك الحملات تطوراً مهماً على مستوى دعم المعتقلين والمختطفين وتوثيق جرائم النظام ومناهضة الاعتقال العشوائى والتلفيق والتعذيب، وهي مبادرات على أهميتها لازالت تحتاج إلى الكثير من الدعم والتطوير لكي تصبح مع الوقت قادرة على أن تكون أداة ضغط فعالة.