في محاولة لمنع تأميم الدولة للحركة الطلابية
العام الدراسي الجديد وأفق النضال الطلابي

العام 2014 يوشك على الانتهاء ويبدو أنه كتبت له نهاية ساخنة تدفعنا إليها الثورة المضادة دفعا بجرعة مكثفة من القوانين والقرارت التعسفية والقمعية عززت بها يدها الممدودة داخل الجامعات خلال أجازة الصيف الطويلة نسبيا والهادئة.
لم يعد هناك أى نجم في الأفق أو سطور في الكتب تدفعنا لتأجيل الاعتراف بهزيمة الثورة والدخول في مرحلة ركود قد تطول لسنوات، يتخللها كل أنواع القمع والإعتقال والتضييق على العمل السياسي داخل وخارج أسوار الجامعة، فالثورة المضادة التي خاضت حربا ناجحة إلى الآن لن يوقفها أى شئ ولن تتردد لحظة في الانتقام وبعنف غير مسبوق ممن كانوا في الصفوف الأولى في كل معارك الثورة بجانب الفقراء والمضطهدين.
جرت العادة – غير المفاجئة – في السنوات الثلاث الماضية أن تستمد الثورة عنفوانها وزخمها من الفئات المضطهدة الأكثر تنظيماً واستعداداً وجرأة على المواجهة والأكثر تماسكاً من حيث ارتباط مكوناتها بنفس المصالح الطبقية أو الانحيازات السياسية. فالطبقة العاملة التي خاضت وقادت معارك ملهمة في عامى 2012 و 2013 والنصف الأول من العام الجاري كانت محركا قويا لفترات المد منذ انطلاق شرارة الثورة الأولى، وهكذا أيضا كان طلاب الجامعات بانسجامهم السياسي على أرضية يناير رغم الاختلافات الأيديولوجية في أكثر الظروف صعوبة وأعنف لحظات بطش الثورة المضادة. بالإضافة إلى إسهامات المرأة والأقباط – الأقل تنظيما – في معاركهم ضد الاضطهاد.
اليوم نحن بالفعل في أولى مراحل الركود السياسي نحاول ترتيب أوراقنا ولملمة شتاتنا والانتصار على الإحباط والاستسلام بداخلنا وتنظيم صفوفنا المبعثرة مرة أخرى، وتلك أهم المهمات الملحة في هذه اللحظة استعدادا للمعارك المتوقعة في بداية العام الدارسي الجديد. فما هى تلك المعارك إذا؟ ما هى طبيعتها وتاكتيكاتها وأسلحتها؟
الأيام المقبلة – داخل الحرم الجامعي – كما يبدو ستكون الأعنف وبما لا يقاس بالعام الماضي على مستوى القمع الأمني والقرارات التعسفية، تلك المواجهة إذا تتطلب أكثر التاكتيكات حرصاً وذكاءاً يسبقها بالطبع اعترافاً ناضجا بالأمر الواقع واستعداداً للتعامل معه، ستبدو النشاطات الضئيلة غير مقنعة لضميرنا الثوري ومشاهداتنا اليومية للظلم، ولن تناسب المكاسب الضعيفة التي لا تذكر إيماننا العميق بالثورة واستعدادنا للتضحية. ولكن هكذا هى سنوات الهزيمة والجذر الشديد وتلك هى بالتحديد ما تعنيه معارك النفس الطويل التي يحرص فيها الثوريين – الذين يعملون كيف ينسحبوا تماما كما يعلمون كيف يهاجموا – على حصد كل ما يستطيعون من مكاسب مادية محددة وواضحة بأقل خسائر ممكنة أو بتجنب الخسائر إن أمكن، فكما هو واضح أمام من لا يعميه اندفاعه أن الوضع مختلف عن سنوات المد الأولى. فالقرارات التعسفية لا رجعة فيها والقضاء يساند النظام بقوة ومن يسوقه حظه التعيس إلى السقوط في يد الشرطة توجه إليه مجموعة من الإتهامات المعدة سلفا كفيلة بأن تضعه داخل السجن لسنوات أو تحت الحبس الاحتياطي لشهور في أحسن الظروف.
تتطلب تلك المرحلة دأبا وصبرا وإيمان لا يهتز وعين لا تغفل عن المخاطر ولا عن الأهداف الآنية أو النهائية، تتطلب عملا أشبه بعمل الجندي المرابط داخل الخندق لا يخرج منه إلا لعملية واضحة ومكسب مادي يراكمه على ما يسبقه وما يلحقه، علينا وبمعنى أوضح المزج ما بين “العمل الشرعي” و “العمل غير الشرعي” بل وإعطاء الأولوية للأول ولكن دون التنازل عن الأخير. بشكل أدق على سبيل المثال يجب أن يحرص الثوريين من كل التيارات المبدأية في الجامعات على الاصطفاف جنبا إلى جنب في حملات علنية ومنظمة لمواجهة قرار حل الأسر وملاحقته قضائيا بمساعدة المنظمات الحقوقية وعلى المستوى الإداري بمساعدة زملائنا في هيئات التدريس وعلى المستوى النضالي المباشر إن أمكن وفي أضيق الحدود. عليهم أيضا الالتفاف والانغماس بشكل أكبر في المطالب الكثيرة المشتركة لعدد كبير من الطلاب كطلاب السكن الجامعي الذين تمارس الدولة ضدهم تعسفا ممنهجا.
هذا كله بجانب المعركة الأساسية والأكثر أهمية في العام المقبل وهى انتخابات الاتحادات الطلابية التي تتطلب وبشكل مُلِح أكثر من أى وقت مضى التعاون الواسع بين كل الكيانات المبدأية من أجل التواجد بقوة وفاعلية في نشاطات الاتحادات نظراً ﻷهميتها الكبيرة كمنبر يحظى باهتمام الطلاب ويقربنا عمليا منهم، إن جهاز أمن الدولة الذي عاد بكل قوته لينتقم من كل من تجرأ على الاقتراب من مقرّاته وأجبره على الفرار بعد أن أحرق أوراقه لن يتهاون في السيطرة المطلقة على الاتحادات الطلابية وبسط نفوذه على كل النشاطات كما كان الحال قبل الثورة.
نحن نقبل على سنة نضالية هدفنا الأول فيها هو كسب تأييد ولو ببطئ مرة أخرى داخل الجامعة وخارجها لقضايا الطلاب ونضالهم وحقوقهم، سنة تتطلب المزيد من النغزات والطعنات الهادئة والواثقة والمباشرة على حساب إطلاق النار المفتوح والمشتت، علينا إعادة النظر جزئيا في تاكتيك المسيرات خاصة في ظل التواجد الثابت لقوات الأمن داخل الجامعة، علينا البعد كليا بل والحرص على إقناع الغير بالبعد عن الاشتباكات التي لا طائل منها الآن مع قوات الشرطة والتي لا تحقق في الحقيقة أى شئ في هذه المرحلة سوى إرضاء الغرور والخسارة الفادحة على المستوى السياسي والعددي وتؤثر سلبا في مرحلة تراجع الوعى الجماهيري على كسب مؤيدين لقضيتنا المنسية أصلا والتي نجح النظام نسبيا في تشويهها في العام الماضي.
وأخيرا، على القوى الثورية المبدأية فتح نقاش (قديم جديد) حول قوى الإسلام السياسي داخل الجامعة وبحث إمكانيات التعاون – وليس الانسجام – معها من عدمه على بعض القضايا.