بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

في جامعة القاهرة: حفلة “منير” لمين؟!

احتشاد الطلاب لحجز تذاكر الحفل في كلية الحقوق
احتشاد الطلاب لحجز تذاكر الحفل في كلية الحقوق

من المؤكد أن جميع الطلاب بجامعة القاهرة عرفوا بحفل محمد منير الذي أُقيمت يوم الجمعة الموافق 26 فبراير أمام قبة الجامعة.

تُعد هذه الحفل هي الأولى من نوعها في حرم جامعة القاهرة، وربما في أغلب الجامعات المصرية، بجانب إقامتها بعد عامين وأكثر من التضييق التدريجي على النشاط الطلابي بكل أنواعه حتى هذه اللحظة التي أصبح فيها النشاط الطلابي المُستقل عن إدارة الجامعة شبه “مُنعدم”. لذلك وجب علينا الوقوف أمام هذه الفعالية وما على شاكلتها من فعاليات مُنتظر إقامتها، بالإضافة إلى الفعاليات اليومية الأقل شأنًا التي تقيمها أيضًا إدارة الجامعة، لمعرفة أو لحسم ما إذا كانت إقامة مثل هذه الفعاليات تُعد خطوة إيجابية تدفع النشاط الطلابي للأمام و”تستعيد جمهور الطلاب للأنشطة الجامعية”، أو تعتبر بداية لربط الطالب واهتماماته وقضاياه بالمجتمع الجامعي؟ وهل هذا يشير أو يُنبئ ببداية فتح مساحة للعمل الطلابي الحر المُستقل أم لا؟

وفي هذه المقالة سنستعرض بعض أحداث هذه الفعالية والتحضير لها في محاولة منا للإجابة على هذه الأسئلة.

أولًا؛ حجز التذاكر
في البداية أعلن جابر جاد نصار، رئيس الجامعة، منذ شهور عن اعتزامه لإقامة حفل للمغني محمد منير قريبًا في الجامعة، وقبل الحفل بعدة أسابيع أعلن نصار أن الحفل “للطلاب”، وسيتم تسجيل أسماء الطلاب لحجز تذاكر الحفل في الكليات المختلفة، لكن كل ما حدث عكس ذلك، فأول يوم كان تسجيل الأسماء بثلاث شروط:

1- بأولوية “التقدير”، بمعنى أن الطلاب الحاصلين على تقدير امتياز أو جيد جدًا لهم الأولوية في الحجز. وكأن الحفل مُعاقبة للمتراجعين دراسيًا وليس تحفيز للطلاب عمومًا. فهل طلاب الجيد والمقبول والراسبين ليس لهم الحق في سماع محمد منير؟ “مش هايسمعوه بذمة يعني”!

2- الطلاب المُشاركون في “نشاط طلابي”، هذا اللفظ يذكرنا بانتخابات اتحاد الطلاب السابقة، فكان من شروط الترشح أن يكون للطالب نشاط طلابي ملحوظ، وحتى الآن لم نجد رد على هذه الأسئلة (ما “النشاط الطلابي” وأين كان في السنوات السابقة من قمع الأنشطة الطلابية وكيف يثبت الطالب نشاطه؟! ولماذا يجب يكون للطالب نشاط للترشح للانتخابات؟). ويُضاف لهم سؤال جديد “لماذا يجب يكون للطالب “نشاط” لحضور حفل لمحمد منير؟”.

3- طلاب الفرقة الأولى أصحاب مجموع ثانوية عامة من فوق ٨٥%، مع العلم أن بعض الكليات في الحرم الجامعي وبها الأعداد الأكبر من الطلاب مجموعها أقل من المجموع المطلوب. وكان رد فعل الطلاب غاضب جدًا من شروط الحصول على تذاكر، فإذا كانت الحفل كما قال نصار “للطلاب”، لماذا يتم هذا التقسيم بين الطلاب للحضور؟!

بعد أول يوم تسجيل، صدر قرار بتوزيع متوسط 190 تذكرة في كل كلية بأسبقية الحجز، لكن 190 تذكرة لم تكف لاستيعاب أعداد طلاب جامعة القاهرة، وظهرت بالتالي صفوف انتظار لمئات الطلاب المتزاحمين للحصول على دعوات للحفل أثناء يومهم الدراسي، فيما لم تعتبر الإدارة الجامعية هذه الصفوف تعطيل للطلاب وعمليتهم التعليمية!

وفي اليوم الثالث، ظهرت ٥٠٠ دعوة جديدة في بعض الكليات ذات الكثافة الطلابية، ولكن أيضًا لم تكف لأعداد الطلاب، فجامعة القاهرة تضم حوالي 160 ألف طالب وطالبة، فإذا كانت الحفل “للطلاب” كما قال نصار فالتذاكر المُتاحة خلال الأيام الأولى للتسجيل لم تتعد 15% من أعداد الطلاب.

ولأن تسجيل الأسماء كان من خلال الاتحادات الطلابية، فكان استياء الطلاب موجه لأعضاء الاتحادات بشكل أساسي ليس لإدارة الجامعة ورعاية شبابها المُتحكمين النهائيين في تنظيم الحفل. وتم تصدير طلاب الاتحاد كمسئولين أمام جموع الطلاب دون المساس بصورة الإدارة ونصار.

وطبعًا كانت بعض هذه التذاكر تُوزَّع على علاقات بعض أعضاء الاتحادات بالإضافة إلى تخصيص الجامعة بعض التذاكر لما يسمونهم “VIP”، وهم الأشخاص المهمون بالنسبة للجامعة من موظفين وأعضاء هيئة تدريس ومدعويين من خارج الجامعة، فتم تخصيص أماكن مناسبة ومريحة لهم للحضور.

كام حُرمت بعض الاتحادات، مثل اتحاد كلية حقوق، من الحصول على تذاكر لتنظيم الحفل بالرغم من حصول اتحادات مثل إعلام وهندسة وتجارة على تذاكر دون أسباب واضحة.

ثانيًا؛ يوم الحفل
بدأ الدخول من الساعه الرابعة، وبدأ نصار يظهر أمام نوافذ الإعلام وسط الطلاب تمهيدًا للحفل، وسمح بدخول الطلاب الحاصلين على توقيعه الشخصي، وبعدها أعلن دخول الطلاب بكارنيه الكلية، ثم فتح الجامعة لأي فرد لحضور الحفل.

وبالرغم من كثافة قوات الأمن خارج الجامعة وأفراد الأمن الإداري داخلها، إلا أن رغبة نصار في الظهور والتفرد جعله يزيد من أعداد الحضور مما لا يتناسب مع أعداد أفراد التنظيم، وبالتالي كانت السمة الأساسية لهذا الاحتفال هو “التحرش الجنسي” ليس فقط من قبل الحضور بل من قبل أفراد الأمن الإداري أيضًا، وكان خروج الطالبات من الحفل هو الهدف الرئيسي لهن.

ومع ذلك، ظهر نصار أمام كاميرات الإعلام على مسرح الحفل وعلى صفحته الشخصية على فيس بوك يشيد بتنظيم اليوم ونجاحه وكعادة النظام الحالي ذكر أن التجاوزات كانت “فردية”. فرئيس الجامعة أقام خلال الفصل الدراسي الأول فعاليات ضد التحرش، وأنشأ وحدة لمكافحة التحرش لم يكف إعلام الدولة الحديث عنها والتهليل لها، ولكن عندما تحدث وقائع تحرش بالجملة في حفل من تنظيم الجامعة يستهين بها ويكتفي بقوله “التجاوزات كانت بسيطة وفردية”.

خرج الطلاب من هذا الاحتفال بأفكار عنصرية لها علاقة بالتقدير واضطهاد معنوي للمتراجعين دراسيًا والتعامل بخذي مع متطلبات فئة (VIP)، خرج الطلاب منه بخلاف وامتعاض واضح من اتحاداتهم الطلابية التي تم تصديرها ككبش فداء، بالرغم من تجاوزات بعضها، خرجت الطالبات بانتهاك لأجسادهن دون حتى اعتراف رئيس الجامعة لما حدث لهن.

الأهم من ذلك أن خرج الطلاب من هذا الحفل، وما سبقه من فعاليات، وصورة الأنشطة الطلابية في ذهنهم هي أنشطة الإدارة، أنشطة النظام وفقط، حتى لو به تجاوزات، ليس لهم الحق في تنظيم أنشطة مستقلة وليس لهم الحق في انتقاد المتواجد منها.

على الجانب الآخر، خرجت إدارة نصار بتهليل الإعلام لهذا الحدث الفريد ونجاح مزيف لأنشطة ليست في جوهرها طلابية لكنها “دولجية”، تثبّت تواجد الإدارة الجامعية ونظامها السياسي وتمرر قرارتها القمعية ضد الطلاب التي تحرمهم من التعبير الحقيقي عن اهتماماتهم وقضاياهم.. وبالتالي فالمستفيد الحقيقي من هذا الحفل وما على شاكلته ليس طلاب الجامعة ولكن عصابة إداراتها.