بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

طلاب

عارضوا "التربية والتعليم" فقمعتهم "الداخلية"

طلاب الثانوية العامة يواجهون بلطجة النظام

تظاهر أمس الآلاف من طلاب الثانوية العامة أمام وزارة التربية والتعليم ومجلس الشعب وفي ميدان التحرير بالقاهرة، كما تظاهر آلاف آخرين في عدة محافظات، مثل السويس والغربية والإسكندرية والدقهلية وبورسعيد، احتجاجًا واعتراضًا على قرار إلغاء امتحان الديناميكا وإعادته يوم السبت القادم الموافق ٢ يوليو، وتأجيل امتحان التاريخ والچيولوچيا والجبر والهندسة الفراغية، الذي كان من المقرر انعقادهم اليوم ٢٨ يونيو، إلى يوم الاثنين القادم ٤ يوليو.

هرعت قوات الداخلية لضرب وفض المظاهرات، التي توجهت إلى ميدان التحرير ومجلس الشعب، بالخرطوش والغاز المسيل للدموع، كما طاردت الطلاب في شوارع وسط البلد، وأسفر عنف الداخلية عن وفاة طالبين في شارع محمد محمود واعتقال حوالي ١١ طالب واحتجازهم في قسم شرطة قصر النيل، ليُخلى سبيلهم ليلة أمس، وعدد آخر في قسم عابدين.

لأول مرة في تاريخ التعليم المصري الحديث، منذ إنشاء مرحلة التعليم الثانوي ونظام التنسيق في مصر، أن تقوم الوزارة بتأجيل أو إعادة امتحان لظروف غير متعلقة بالحالة الأمنية، فقد اتُخِذَ هذا القرار بعد إتمام امتحان الديناميكا بعدة ساعات لأن الامتحان قد تسرب قبل بدء اللجنة بساعات، وبناءً على ذلك، أصدرت الوزارة بيان إعلامي بتاريخ ٢٦ يونيو تقر فيه إعادة الامتحان وتأجيل ٣ امتحانات أخرى تحت عبارات مثل “مبدأ الشفافية” و”مبدأ تكافؤ الفرص” و”المصارحة”، وهذا في ضوء ما توافر لدى الوزارة من “بيانات تشوب الامتحان” متجاهلين ذكر الأسباب الواضحة لإلغاء الامتحان وإعادته وتأجيل غيره، وفي نهاية البيان تضع الوزارة موعد انعقاد امتحان مادة التربية الدينية الذي أُلغيَ وتأجل من قبل أيضًا.

في الواقع، تتعلق الأسباب الحقيقة للإلغاء والتأجيل والإعادة بالفعل بمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع “أبنائنا الطلاب” كما ذكر البيان. لعل ما تقصده الوزارة هو تكافؤ الفرص بين “أبناء” الطبقة الحاكمة، في الغش والتزوير وتبديل أوراق الإجابات وتسريبها الامتحانات ورفع درجات طلاب على حساب آخرين واستثنائهم من التوزيع الجغرافي وتشكيل لجان خاصة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت لجان خاصة قد تشكلت في محافظة أسيوط هذا العام ليمتحن فيها “أبناء” المستشارين والقضاة وضباط الداخلية والجيش في مدرسة محددة بمفردهم. ودعونا لا ننسى أن مريم ملاك الطالبة التي حصلت على “صفر” في الثانوية العامة في العام الماضي كانت من محافظة أسيوط. كل ما سبق يخدم مبدأ تكافؤ الفرص “لهم” وليس لمن لا ينتمي إلى فئة “الأبناء”.

لأول مرة يقوم بعض الشباب على الإنترنت بإيصال وتسريب الامتحانات لكل الطلاب من جميع الفئات دون تفرقة أو المطالبة بثمن الامتحان. لم تنزعج الوزارة وتتحرك الحكومة سريعًا هكذا إلا لأن انتابها الاستفزاز من أن يقوم بعض الشباب، الذين يُطلق عليهم في الإعلام الرسمي “شوية عيال”، بما تفعله الوزارة كل عام مع “أبنائها” وأبناء الكبار، كيف لهم أن يفعلوا ذلك؟ كيف تتسرب الامتحانات للجميع وليس لمن له سلطة أو نفوذ أو ثروة فقط؟ كيف قام “العيال” باستغلال فشل وفساد المنظومة التعليمية لتحديها وتسريب الامتحانات لتحقيق المساواة بين الطلاب؟

هذا بالفعل ما دار في ذهن الوزارة والحكومة، وتلك هي النبرة المستخدمة في كل منصة إعلامية للدولة ضد هذا التحدي.

أما عن تحركات الطلاب للاحتجاج ضد إلغاء وتأجيل وإعادة الامتحانات، فهذه هي المرة الثانية في نفس العام الدراسي ٢٠١٥/٢٠١٦ التي يقوم فيها الآلاف من طلاب الثانوية العامة بكسر وخرق قانون التظاهر جهارًا نهارًا على مرأى ومسمع من الجميع، وفي عقر دار الوزارة والحكومة والداخلية ومجلس الشعب ومجلس الوزراء، وفي عدد من المحافظات أيضًا أمام منشآت حكومية أخرى.

هناك فعلًا ضرورة لتوجيه هذا الحراك بشكل سياسي، في الحراك السابق كان هناك تخوف رهيب بين صفوف الطلاب حتى لا يتعرضوا للقمع والتنكيل بهم تحت صياغة محاربة الإرهاب والشغب والتخريب، تخوف رهيب من أن يُطلق على حركة الطلاب صفة “إرهابية”، لكن بعد اشتباكات الأمس ووفاة طالبين واعتقال آخرين على يد الداخلية علنًا، فقد صار واضحًا أن من يقف ضد مستقبل هؤلاء الطلاب ليس وزارة التربية والتعليم، بل الداخلية والنظام بقوانينه التي تُطلق يد القمع سيفًا على رقاب المحتجين.

قانون التظاهر هو ما يوفر الغطاء القانوني لاعتداءات الداخلية بالأمس، وهو ما يستوجب النضال من أجل إسقاطه، فلا يمكن أن يتم إيقاف هذا الاحتجاج محل وقوف سابقه، ولا يجب أن يتنازل الطلاب عن أي مطلب سياسي خوفًا من التنكيل والقمع، فالدم قد سال والزنازين فتحت أبوابها، فلا تخشوا من حدوث ما قد حدث، لا تتجهوا إلى الحكومة لأن وزارتي التربية والتعليم والداخلية هم جزءٌ منها بل تمسكوا بقوتكم في الاحتجاج وقدرته على التغيير التي قد عرفتموها في هذا الحراك وفي سابقه أيضًا، عارضوا الوزارة التي ظلمتكم والداخلية التي قتلتكم واعتقلتكم وقانون التظاهر الذي تتعرضون للقمع والتنكيل بناءً عليه وطالبوا بإسقاطه، فالداخلية ستظل تطاردكم حتى بعد دخولكم الجامعات وتخرجكم منها، وسيظل قانون التظاهر غطاءً قانونيًا للقتل والقمع والاعتقال في الشوارع والمدارس والجامعات.

* المقال بقلم طالب بالثانوية العامة