بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

حوار مع طالب “الاعتراض الضميري” على التربية العسكرية

أجرت بوابة الاشتراكي حوارًا مع الطالب كمال الغيطي، بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، حول تجربته في الاعتراض الضميري على التربية العسكرية الإلزامية. كان الطالب كمال قدَّم ورقةً لرئيس الجامعة جابر نصّار يطالب فيها بإعفائه من أداء التربية العسكرية والتي قوبلت بالرفض من رئيس الجامعة.

يُذكر أن التربية العسكرية هي مادة إلزامية للذكور لا يمكن التخرج من دونها، تتكون من مجموعة من التدريبات والمحاضرات التي يلقيها ضباط من الجيش.

ماذا كانت أسبابك في رفض التربية العسكرية؟

بشكل عام أنا ضد أي استخدامٍ للعنف لفض النزاعات، سواء في الجامعات أو في الجيش أو في مكان كان، ذلك هو السبب الأساسي.

يدعى البعض أن التربية العسكرية هي عبارة عن بعض المحاضرات والطوابير وأنه لا يوجد استخدام للسلاح بها. لكن إذا اطلعنا على قانون التربية العسكرية، الذي صدر في 1973، سنجد أن من حق وزير الدفاع استدعاء الطلاب في حالة احتياجه لهم لفض النزاعات سواء كان في الشارع أو في الحرب.

السبب الآخر هو أن التربية العسكرية هي تدخل في سياسات الجامعة، فأنا لا استطيع التخرج من الجامعة سوى بموافقة وزير الدفاع، وهذا يعتبر انتهاكًا لمبدأ استقلال الجامعات، لأنه من المفترض أن قرار تخرجي من الجامعة من عدمه يكون في يد مسئول أكاديمى وليس ظابط جيش.

هل أنت أول من ينفذ تلك الفكرة؟

لا، هناك خمسة أو ستة نفذوها قبلي لكن في الاعتراض على التجنيد الإجباري. وهناك طالب نفذها لكن في التربية العسكرية للثانوية العامة. أنا أول من يفعلها في الجامعة، لكن كاعتراض ضميري قد سبقني إليه الكثيرون سواء على التجنيد الإجباري أو التربية العسكرية في ثانوية عامة.

وكيف انتهى الأمر بالنسبةِ لهم؟

بالطبع كلنا قد سمعنا عما حدث مع مايكل نبيل – بغض النظر عن المشاكل الأخرى التى كانت تدور حوله. أُعفِيَ نبيل من أداء الخدمة العسكرية. هناك من تقدموا بطلب بالإعفاء من التجنيد، بعضهم قد خرجوا بحجة أن لديهم مشاكل نفسية، وبعضهم خرجوا بحجة الطول، أحدهم كتبوا له أنه معفى لأن طوله 159 في حين أن طوله الحقيقى كان 170. عند التقدم إلى الجيش يسير الأمر بأن تسحب استمارة يتوجب على المتقدم ملئها، بها أسئلة من نوعية: هل ترى أن الجيش المصرى جيش وطني أم لا؟ معظم المتقدمين يختارون نعم، مايكل نبيل كان قد اختار لا في كل الأسئلة. يتم استجواب من يختارون لا ليسألوه عن دوافعه.

هل كنت تتوقع ردًا عنيفًا من الجامعة؟

في البداية كنت أجرِّب وأحاول جس النبض. كان رفض التجنيد الإجباري في الجيش، بالنسبةِ لي، أسهل من رفض التربية العسكرية، إذ أنه في الجيش أنا أقف أمام شخصٍ بيده قرار إعفائي من عدمه، أما في الجامعة فسيفكر الموظف إذا كانت باستطاعته فعل ذلك أم لا. في البداية كنت أعتقد ان جابر نصار سيوافق على طلبي لأن له صلاحية الإعفاء من التربية العسكرية. فقد فعلها مع طالب من قبل قد تأخر عنها فاعتبره جابر نصار استثناءً لكي يلتحق بالجيش. لكنه في النهاية لديه القدرة على الإعفاء من التربية العسكرية، رغم أنني لا أظن أنه يريد أن يتحمَّل تلك المسئولية أمام السلطة.

ماذا كان رد فعل الإدارة الجامعية؟

رفضت الإدارة الجامعية إعطائي أية ورقة تفيد بأنهم يرفضون طلبي، لأنهم يعلمون أنني أستطيع أن أتظلَّم على أية ورقة. وأبلغنى سكرتير جابر نصار بأن الدكتور يقول أن “التربية العسكرية مادة أساسية وماينفعش تتخرج من غيرها”. طلبت من السكرتير ورقة تفيد بذلك لكي أتظلَّم عليها، فقال “إننا لا نعطي أوراق وإذا اردت أن تتظلم فاذهب إلى المحكمة الإدارية فهم فقط من لهم حق طلب أوراق مننا”.

هل ترى إمكانية امتدادٍ للحركة في المستقبل؟

الاعتراض الضميرى موجود منذ 2010. وهناك ثلاثة معترضين ضميريًا هذا العام؛ هم أحمد الشرباتي وأمير عيد وأنا. ومن الممكن أن يعطي ذلك دافعًا لعددٍ أكبر من الناس لكي يعترضوا ضميريًا.

لكن الدولة أو الجامعة لا تدعم الاعتراض الضميري، فهناك اتفاقية في الامم المتحدة وقعت عليها مصر تفيد بأن من حق الدول أن تقوم بالتجنيد الإجباري، لكنها يجب أن تعطي الحق للأفراد في الاعتراض ضميريًا عليه.

هل تعرضت لمضايقات من الجامعة أو الدولة؟

نعم، فأنا لم أسلتم شهادتي حتى الآن، وهذا في حد ذاته يُعتبر انتهاك. وعندما كتبت الخبر الخاص برفض جابر نصار لطلبي، فتحت الحساب الخاص بي على فيسبوك فوجدت جميع المنشورات الخاصة بما كتبته عن التربية العسكرية قد أصبحت ظاهرة لي أنا فقط، بينما المنشورات الأخرى ظلَّت كما هي ولم تتغير.

التهديد المباشر جاء لأبي حيث اتصلوا به وقالوا له إن عليَّ أن أذهب غدًا لمكتب المخابرات في المطار لأن هناك تحقيق معي. قام صديقٌ لأبي بسؤال أحد المسئولين عن سبب التحقيق، فأجاب أنه يتعلق بمنشور قد كتبه ابنك على فيسبوك يهاجم فيه الجيش والدولة.

وعندما ذهب أبي للمطار، فوجئ بأنه يتم التحقيق معه بتهمة سرقة موبايل، ولكنهم قالوا له أننا لسنا بحاجة لفتح التحقيقات ويمكننا أن ننهي الأمر وديًا. رفض أبى ذلك وطالبهم بإبراز الأدلة التي وجدوها عليه وأن يسير كل شيء بشكل رسمي لكنهم رفضوا ذلك، وانتهى الموضوع بعدها بعد أن وجد صاحب الموبايل الجهاز الذي أضاعه. من الممكن أن يكون الموضوع ليس له علاقة بما فعلته، لكنه حدث في نفس الوقت الذي كتبت فيه وأيضًا كيف عرف صديق أبي بالأمر وهو ليس مقرَّبًا لي ولم يكن الموضوع قد انتشر وقتها.

هذا غير تصريحات وكيل الكلية بأنني مريض نفسيًا وأحتاج إلى علاج نفسي.

هل دعمتك أيٌ من القوى السياسية داخل الجامعة؟

تواصل معي فقط طلاب “صوت الميدان” وقاموا بعمل حوار معي، لكن لم يتواصل معى أحدٌ داخل الجامعة غيرهم. خارج الجامعة تواصلت معي حركة “لا للتجنيد الإجباري”. وكان هناك دعمٌ من الأصدقاء حولي، لكن هذا الدعم لم يأتِ من القوى السياسية.

هل حاولت التواصل مع منظمات سياسية أو حقوقية؟

حاولت التواصل مع منظمات سياسية ومراكز حقوقية لأنني كنت احتاج إلى محامٍ لأرفع قضية، لكنهم رفضوا ذلك لأنه كانت لديهم بعض التخوفات. حتى من كانوا منهم يعملون على الحريات الطلابية والأكاديمية لم يوافقوا.

كانوا جميعهم تقريبًا متفقين معي 100% فيما أطالب به لكنهم كانت لديهم تخوفات أمنية لأن الأمر يتعلق بالوطنية والتخوين، إلخ.

هل تستطيع تلك المعركة ان تستمر؟ وكيف نجعلها تستمر؟

إذا ازداد عدد الرافضين للتجنيد الإجباري فسوف يزيد ذلك التضامن مع القضية، ومن الممكن أن يشجع المؤسسات على التضامن معه، خصوصًا المنظمات المهتمة بالحريات الأكاديمية والطلابية.