بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

جامعة الإسكندرية بين مطرقة القرارات الحكومية وسندان بيزنيس رجال الأعمال

جاء صدور القرار الأخير بهدم جامعة الإسكندرية ونقل مقرها إلى أطراف المدينة ليضاف إلى عشرات القرارات التي تتخذ لصالح البيزنيس وعلى حساب الفقراء.

تعالت أصوات أعضاء هيئة التدريس والطلبة من مختلف الكليات بجامعة الإسكندرية مؤخرا، احتجاجاً على قرار هدم الجامعة ونقل مقرها. وكشأن كافة القرارات التي تتخذ لتلبية مصالح رجال الأعمال على حساب الغالبية من المصريين، كانت الحجة التي تم التذرع بها هنا، هي استكمال الإعمار من أجل تنمية النشاط السياحي بمنطقة الشاطبي بهدف خدمة مكتبة الإسكندرية.

فالبداية كانت التضحية بالمستشفى الجامعي “مستشفى الشاطبي”، ذلك الصرح الصحي العتيق، الذي يخدم حوالي مليون مواطن يومياً، من الإسكندرية والبحيرة وكفر الدوار وغيرها. وكانت الذريعة أيضاً هي التطوير وتوفير البديل في منطقة برج العرب النائية، مما يزيد الأعباء المالية الملقاة على عاتق المرضى الفقراء من قاطني تلك المناطق.

أما الكارثة الثانية، فهي إصدار قرار من بنات أفكار رئيس الجامعة حسن نذير –كما صرح بذلك لإحدى الصحف الحكومية — بهدم جامعة، ونقلها إلى منطقة أبيس على مساحة 500 فدان تابعة لكلية الزراعة وهي الأرض التي يقوم طلبة كلية زراعة بالتدريب عليها.

وللوقوف على وجهات نظر الطلاب والأساتذة في مسألة بيع الجامعة استطلع “الاشتراكي” آراء عدد من الأساتذة والطلاب. تقول نهى محمد، الطالبة بالفرقة الثالثة كلية التجارة إن “فكرة الهدم معناها القضاء على مكان أثري له قيمة ثقافية وعلمية كبيرة بالإضافة إلى قيمته التاريخية التي لا تقدر بثمن، الأمر الذي يتطلب تكاتف الجهات المسئولة والطلبة والأساتذة لوقف هذه المهزلة”. أما عبير محمود، الطالبة بكلية الحقوق، فترى “إن قرار هدم الجامعة جاء ليهدم معه أحلام العديد من الشباب الريفي الذي يصبو دائما ويتطلع إلى الدراسة بجامعة لموقعها المتميز، وكان فخراً لهم أن يقضوا سنوات الدراسة في ظل هذا المكان”. ويضيف محمد العزب، الطالب بكلية التربية “إن قرارات البيع غير المدروسة للقطاعات الهامة بمصر تعني القضاء على مصر نفسه, القضاء على وطن يعيش شعبه أزمة غياب الوعي بسبب الحالة الاجتماعية والاقتصادية”.

ويعتبر د. سامي الجرف، الأستاذ غير المتفرغ بكلية الهندسة أن جامعة الإسكندرية القديمة ضاعت تحت الأنقاض، وأن فكرة البيع للجامعة الحديثة تعني بيع جزء من تاريخ العلم. وتساءل عن كيفية نقل مبنى الجامعة الحديثة، وعن كيفية المساس بقدسية الحرم الجامعي الذي يعد إرثاً تاريخياً وثقافياً وعلمياً للأجيال القادمة. وخلال الاجتماع الذي عقده أعضاء نادي هيئة التدريس للبحث في سبل التصدي للقرار، أشار د. حسن الصباغي إلى سرية اتخاذ القرار دون الرجوع إلى هيئات التدريس في أي جامعة. وأشار إلى أنه فوجيء بتصريح د. أسامة الفولي رئيس النادي المنتخب – غير المعترف بشرعية انتخابه حتى الآن – الذي أكد فيه موافقة الجميع في الكليات المختلفة من الأساتذة والمعيدين والمدرسين على هذا القرار دون الرجوع لأي من هؤلاء، حيث أن القرار خرج من مجلس إدارة الجامعة دون علم الأساتذة بجلسة اتخاذ هذا القرار. وأكد الدكتور الصباغي الحاجة إلى ثلاث جامعات بدلاً من هدم واحدة ونقلها الى أطراف المدينة. وقال إن وجود المجمع النظري بجانب المكتبة يخدمها ويرفع من قيمتها، مؤكدا عدم جواز نقل الكليات الحكومية لأطراف المدن، والإبقاء على الجامعات الخاصة داخلها، وقال إن ما يحدث الآن في جامعة الإسكندرية ما هو إلا بروفة لما سيحدث في باقي الجامعات المصرية.

لا يمكننا فهم خطوة بيع جامعه الإسكندرية سوى كحلقة في مسلسل خصخصة التعليم. هذا المسلسل الذي بدأ مع إنشاء الأقسام الخاصة في الجامعات المصرية، والتي تطورت ليصبح هناك تعليم موازي. تعليم للأغنياء، ولا عزاء للفقراء، الذين لم يبقى لهم شيء، فحتى المباني “هيبيعوها”.