بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الجامعة بدأت بالتنوير وانتهت بالبيزنس

شهدت جامعات مصر منذ أكثر من 15 عاما، انتشارا واسعا لظاهرة الدروس الخصوصية، وهي ظاهرة ليست غريبة عنا تماما لكن سرعة واتساع انتشارها في مختلف الكليات العملية يجعلنا نتوقف أمامها.

نحاول هنا أن نتعرض لبعض هذه الأسباب والتي يأتي علي رأسها اتجاه الدولة إلي تبني سياسة السوق الحر والخصخصة والتي بدأت ببطء شديد في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات نتيجة رعب النظام السياسي في مصر من خروج أي هبات جماهيرية غاضبة، مثل انتفاضة يناير 77, نتيجة تعرض شرائح واسعة من الشعب المصري للإفقار والتشريد مع خطة الدولة لتفكيك القطاع العام وفتح الباب علي مصراعيه للقطاع الخاص في كافة القطاعات الصناعية والخدمية.

ومع مطلع التسعينات قامت الدولة بخطوات جادة علي طريق هذه السياسات وأسرعت في تنفيذ هذه البرامج بعد ضغط أمريكي أدي إلي توقيع مصر علي اتفاقية صندوق النقد الدولي عام 91، واشترطت تفعيلها أيضا تحت ضغوط طبقة رجال الأعمال الذين استاءوا بشدة من بطئ الدولة في الانفتاح علي السوق الحر وبطئ عمليات الخصخصة وهو ما يضعف من قدرتهم علي مراكمة ثروات اكبر علي حساب استغلال فقراء هذا البلد.

و يعتبر احد أهم القطاعات التي تم تدميرها بسبب هذه السياسات القطاع التعليمي. فقد تعاملت الدولة مع التعليم علي انه سلعة لها سعرها كغيرها في السوق الرأسمالي ليس من حق أي مواطن أن يحصل عليها إلا إذا كان يملك ثمنها.

وفي هذا الصدد قامت الدولة بفتح الباب للجامعات والمعاهد الخاصة لتغزو العملية التعليمية في مصر, وحتى تستطيع هذه الجامعات والمعاهد أن تجد سوقا لها طلبت من الدولة القيام بعدد من السياسات التي تبنتها مع شركات القطاع العام التي تعرضها للبيع بعد أن تولي إدارتها مجموعة من الفاسدين والبيروقراطيين لتدمير هذه المؤسسات ثم تتحجج بأنها قاصرة عن أداء دورها تمهيدا لخصخصتها.

تماما ما حدث في الجامعة لكن بشكل أكثر تدميرا حيث يدرس الطلاب مناهج لم يتم تطويرها منذ 20 عاما وتزيد المصروفات الدراسية عليهم كل عام بنسبة 100% ولا توجد أي خدمات طلابية تقدم في مقابل ذلك بل علي العكس يكتوي الطالب بارتفاع أسعار الكتب وافتقار الجامعة لأي شكل من الرعاية الصحية كما لا توجد معامل كمبيوتر مجهزة.. الخ.

وفي نفس السياق يقوم أساتذة الجامعة بتلقين الطالب وقتل أي روح إبداعية عبر تدريسهم مناهج تعليم عفا عليها الزمن و بعيدة تماما عن سوق العمل.

وكانت النتيجة الطبيعية لذلك تفضيل أولياء الأمور للجامعات الخاصة حتى لو اضطروا لخفض مستوي معيشتهم بشكل كبير أو العمل ليل نهار لتوفير ثمن الدروس الخصوصية التي تتدرج من محاضرة في أحد المراكز لبيع الملخصات إلى درس خصوصي يسترجع به الطالب ذكريات الثانوية العامة الثقيلة، حيث يتقاضى المعيد مئات الجنيهات لكي يحاضر في هذه المحاضرة.

لذلك أصبحت الجامعة مثل مراكز التعليم الخاصة مع فارق بسيط أنها معتمدة من الحكومة!