بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

مجانية التعليم الجامعي.. مسألة حياة أو موت

لا زال النظام الرأسمالي يعمل بكل طاقته على نهب وسرقة حقوق ومصالح الفقراء، ليس في هذا الوطن فحسب.. بل في العالم كله. ولا يترك مخرجا لجماهير الفقراء من أجل حق الحياة الكريمة إلا واستولى عليه من أجل خدمة مصالح كبار رجال الأعمال ومصالح الطبقة الحاكمة المستفيدة من التحالف معه على حساب الجماهير. وفي قضية مجانية التعليم لم تتوان السلطة في محاولة دحض هذا الحق من أجل خدمة رجال الأعمال، وذلك عن طريق استغلال حاجة الطالب إلى التعليم الجيد سواء بإنشاء جامعات خاصة تحتكر الوسائل الحديثة للتعليم، أو محاولة  خصخصة الجامعات الحكومية بشكل تدريجي.

المصاريف الدراسية داخل الجامعات

تتعامل إدارات الجامعات المصرية مع الطلاب على أنهم مكبلين بالديون، فيما يشبه نظام الالتزام المستغل للفلاحين في الماضي، وكأنهم لم يأتوا لطلب “العلم”، فصارت بمثابة مؤسسات استثمارية وتجارية لا مكان فيها سوى لفكرة “ادفع أولا”.

تختلف المصاريف في الجامعات على حسب الكلية وعلى حسب القسم، وذلك على الرغم من وجود – ورقياً – ما يسمى بمجانية التعليم قانونياً ودستورياً. وإذا نظرنا إلى أرض الواقع سنجد أن مصالح من هم في المناصب العليا في الجامعات ووزارة التعليم العالي لا تتفق مع تطبيق هذا الحق بشكل حقيقي وعملي. على سبيل الذكر، في كلية الحقوق تتفاوت المصاريف في قيمتها بين أقسام اللغات والقسم الأدنى منه (العربي)، ففي قسم اللغات نجد أن الطالب يدفع أكثر من 3 آلاف جنيه تحت مظلة التعليم المتطور والعصري، مع العلم أنه يدرس مادة أو مادة ونصف المادة باللغة التي تنطق بها شعبته. وإذا افترضنا أن الفرقة الواحدة بقسم اللغات بها 200 طالب، إذن يخرج منه فقط في جميع الفرق 2,5 مليون جنيه  وذلك للجلوس في مدرج مكيف وغير مزدحم، مع العلم أن الطالب مثله في القسم العربي يدفع 250 جنيه والفرقة الواحدة بها أكثر من خمسة آلاف طالب، إذن يخرج لخزينة الكلية من جميع الفرق في ذلك القسم خمسة ملايين جنيه أي ضعف ما يخرج من قسم اللغات ! وذلك مع عدم وجود مدرجات صالحة للجلوس او كافيفة لاستيعاب عدد الطلاب في الفرقة الواحدة، وليس عدم وجود التكييف أو “الداتا شو”. وتجدر الإشارة هنا إلى عدم أحقية الجامعة في الحصول على تلك الأموال الطائلة والتى تضعها الجامعة تحت بند “المصاريف الإدارية والخدمات والتعليم المتطور” وكلها مصطلحات ليس لها وجود على أرض الواقع، مع العلم أنها حقوق مجانية وأصيلة للطلاب وليست بضائع معروضة للبيع.و يجب هنا ذكر نص الحكم المتعلق بالدعوى التي اختصم فيها الشهيد “الحسيني أبو ضيف”، عندما كان طالباً، جامعته على أنه “ألا يدفع الطالب أكثر من 14 جنيه فقط لا غير كمصاريف دراسية”.

أزمة أخرى متعلقة بالمصاريف الدراسية داخل الجامعات هي ارتباط سدادها بظهور نتيجة الامتحانات. ويتضح هنا بشكل فج التباين في معاملة الطلاب بشكل مستغل لا يهدف إلا إلى إذلال الطالب الفقير واستغلال حاجته إلى التعليم والحصول على شهادة جامعية، بحجب نتائج من لم يسدد المصاريف الدراسية. بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى جعل الطلاب الذين لم يسددوا يوقعون على إقرار في وقت لجنة الامتحان بحجب النتيجة.

الكتاب الجامعي

تحت نفس المظلة التي تحمي مصالح رجال الأعمال والتي تدعي سعيها لـ “تطوير التعليم” تتفجر أزمة أخرى وهي أزمة الكتاب الجامعي والتي تتلخص في شقين:

أولاً، مسألة دعم الكتاب الجامعي واستلامه بالمجان، فطباعة الكتب الخاصة بكل كلية لا تتم في الطابع الأميرية (الحكومية)، بل في معظم الأحيان بمطابع خاصة لا تربطها بالجامعة إلا علاقة تجارية بحتة. وتترواح أسعار الكتب بشكل عام بما يقارب بين 15 إلى 100 جنيه للكتاب الواحد، وذلك أن وجد في بعض الحالات مثل القسم الانجليزي بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية.

ثانياً، تعسف أستاذ الجامعة مع الطلاب من أجل شراء الكتاب المنشور بإسمه في تلك المطبعة الخاصة. وكانت هناك حادثة قريبة بكلية الآداب قسم الآثار بجامعة الإسكندرية حيث فرض أشرف فراج، عميد الكلية والأستاذ بذلك القسم، على الطلاب أن يشتروا كتابه المطبوع في دار نشر غير تابعة لإدارة الجامعة، وهو مكون من جزئين ثمن الواحد 60 جنيهاً.

إن مجانية التعليم ليست مجرد قضية طلابية فقط، بل هي قضية اجتماعية بشكل أساسي. فالتعليم المتطور والمواكب لمقتضيات العصر يعد سلعة في يد الطبقة المسيطرة على الثروة ورأس المال، وهو بمثابة بوابة جديدة لاستغلال الكادحين عن طريق الاستثمار فيه، وللحصول عل أكبر قدر من الربح المادي على حساب الطالب الفقير الذي يشكل من مثله أغلبية طلاب الجامعة. لذلك لا يجب أن تتوقف الحركة الطلابية عن النضال من أجل انتزاع حق جمهور الطلاب في التعليم المجاني وتحقيقه على أرض الواقع.. وألا يتوقف الطلاب عن رفع شعار “تعليم – حرية – تفعيل المجانية”.