أ ب اشتراكية: صهيونية
اتجاه سياسي تبناه المتطرفون اليهود في القرن التاسع عشر لتوطين يهود العالم في الأراضي التي تتماس مع التاريخ العبراني في الشرق الأوسط، وظل اتجاهها ضعيفًا وسط غالبية اليهود التي مالت للأفكار الاشتراكية لما كان تعانيه من إفقار واضطهاد في أوروبا، بالذات منذ القرون الوسطى، وقد شهد مقهى مكابي بالإسكندرية قبل حرب فلسطين معركة عنيفة بين اليهود الموالين للصهيونية وأعدائه من الاشتراكيين اليهود الرافضين لها، كما شهد العالم عقب اندلاع انتفاضة الأقصى مظاهرات ضد دولة إسرائيل شارك فيها يهود معادون للصهيونية، مما يؤكد أن اليهودية والصهيونية ليستا شيئًا واحدًا كما يروّج لذلك المتطرفون من التيارات ذات الصبغات الدينية والذين يحملون إرث العداء الديني من القرون الخوالي مثلهم في ذلك مثل المتطرفون الهندوس واليهود سواء.
ومع صعود النازية في ثلاثينيات القرن العشرين، انتشرت الصهيونية بين اليهود، لتضاعف اضطهادهم من جهة وتراجع الثورة الاشتراكية العالمية من جهة ثانية والتي كانت حلم الخلاص لجميع الفقراء والمضطهدين من كل لون وعقيدة، فبدت الصهيونية كأنها البديل الوحيد لهؤلاء اليهود المخدوعين.
لم يكن اليهود هم الضحية الوحيدة لإجرام النازي وأشباهه من النظم السفاحة، بل أن الغجر وغيرهم فقدوا أعدادًا أكبر على أيدي هتلر في ألمانيا وستالين في الاتحاد السوفييتي، ولكن الصهيونية قدمت حلًا متكاملًا للضحية والجلّاد، حلًا يريح تعصب البرجوازية الأوروبية مما كان يُعرف بالمشكلة اليهودية مقتضاه الرغبة في أوروبا بيضاء مسيحية خالصة من المتمردين اليهود الذين كانوا يحاربون في معسكر الثورة الاشتراكية، كما يريح أغلب اليهود بنقل الاضطهاد الواقع عليهم على شعوب أكثر ضعفًا وتخلفًا كالعرب المُحتَلين، وصرَّح هيرتزل فيلسوف الصهيونية في خطابه للإمبراطورية البريطانية: “سيكون لديكم عشرة مليون عميل مخلص”. وظل المشروع الصهيوني خاملًا حتى ظهر البترول في بلاد الخليج العربي وإيران، وتزامنت معه ثورات العرب والإيرانيين ضد الاستعمار، فضربت الرأسمالية الاستعمارية كل العصافير بحجر إسرائيل القذر والتي يدعو الاشتراكيون الثوريون إلى تدميرها لتحرير الشعوب العربية من السلطان الاستعماري، وتحرير اليهود من الوهم الصهيوني، وإقامة جمهورية اشتراكية على أنقاضها لا تمييز فيها على أساس الدين أو العنصر أو الطبقة بالتأكيد.