بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ما هو ميل معدل الربح للانخفاض؟

عرّف ماركس معدل الربح بأنه النسبة بين الربح إلى – رأس المال الموظف في – الاستثمار، ومن الخصائص طويلة الأمد للرأسمالية هي ميل معدل الربح ذاك نحو الانخفاض؛ متسببًا في فترات ازدهار أقصر وفترات انحدار أعمق وأطول.

إن هذه الظاهرة لم يلاحظها ماركس فقط، بل إن اقتصاديين سابقين مؤيدين للرأسمالية، مثل ديفيد ريكاردو، حاولوا تفسير انخفاض معدل الربح من خلال مقارنة الاقتصاد بالحقول الزراعية التي تصل لأقصى مستويات خصوبتها، ولا يوجد سبب واضح يفسر لماذا يجب تطبيق هذه المقارنة على إنتاج السلع. أما ماركس فقد وجد الإجابة في طبيعة التراكم الرأسمالي.

وصف ماركس الرأسماليين بأنهم “عصابة من الإخوة الأعداء”، وقال إنهم محصورون في معركة مستمرة، إذ يعرض كل منهم سلعه بأسعار أقل من منافسه، ثم يكرر الرأسماليون الاستثمار في الإنتاج لكن ذلك يؤدي لزيادة الاستثمار في الآلات، أو ما أطلق عليه ماركس “العمل الميت”.

قسّم ماركس الاستثمار في الإنتاج لقسمين، المواد الخام والآلات وغيرها من السلع المستخدمة في الإنتاج، وذلك قسم غير مرن إذ لا يمكن تغيير قيمته بمرونة. وأطلق على استثمار الرأسماليين في هذا القسم مصطلح “رأس المال الثابت”.

أما القسم الآخر فهو الاستثمار في العمل، والرأسمالي يستطيع تغيير قيمة العمل الذي يشتريه بمرونة طالما أمكنه خفض أجور العمال، وبالتالي يُطلق على هذا القسم “رأس المال المتغير”.

يستطيع الرأسماليون زيادة الناتج من خلال الاستثمار أكثر في رأس المال الثابت ورأس المال المتغير على السواء، وذلك بتشغيل عمال أكثر وإدخال آلات أكثر على السواء. ولكن البديل الأفضل من ذلك هو زيادة فاعلية المصنع وذلك باستخدام تكنولوجيا جديدة تقلل من الوقت اللازم لإنتاج السلع.

يقوم رأسمالي، على سبيل المثال، بتصنيع التليفزيونات ويضع (يستثمر) 2000 جنيه في تشغيل عمال – رأس مال متغير – و2000 جنيه في الآلات – رأس مال ثابت – ويحصل على ربح من هذه العملية يساوى 2000 جنيه. وإذا أنتجت قوة العمل 40 تليفزيون في اليوم فإن التليفزيون الواحد يمثّل 50 جنيهًا – رأس مال متغير – و50 جنيهًا – رأس مال ثابت – و50 جنيهًا – فائض قيمة.

قد يختار الرأسمالي أن يستثمر في مزيد من الآلات الأغلى والتي يمكنها إنتاج تليفزيونات أكثر في اليوم الواحد. فمثلًا، إذا تكلفت الآلة الجديدة 4000 جنيه كرأس مال ثابت، وأنتجت 100 تليفزيون في اليوم الواحد، فإن كل تليفزيون يمثل 20 جنيهًا كرأس مال متغير – لأن قوة العمل ظلت كما هي – و40 جنيه كرأس مال ثابت.

ويبدو في الحالة الثانية أن كلًا من رأس المال الثابت ورأس المال المتغير قد تناقصا، لكن في نفس الوقت تغيرت نسبة رأس المال المتغير إلى رأس المال الثابت، حيث تضمنت العملية رأس مال ثابت أزيد بالنسبة لرأس المال المتغير. ويعني ذلك في الواقع أن العمال قد تم استغلالهم لصالح مزيد من الآلات.

أطلق ماركس على النسبة بين القيمة المستثمرة في الآلات وبين القيمة المستثمرة في العمل مصطلح “التركيب العضوي لرأس المال”، وفي ظل الرأسمالية تميل هذه النسبة للارتفاع. إذ أن أول رأسمالي يستثمر في آلات جديدة يحقق ربحًا كبيرًا؛ لأنه بداية يقتطع من بقية الرأسماليين. وبمجرد أن يبدأ كل رأسمالي في شراء الآلات الجديدة يفقد الرأسمالي الأول أفضليته.

يبدو ما سبق ظاهريًا شديد النفع، ففي النهاية يؤدي الإنتاج الشامل للتلفزيونات إلى خفض أسعارها لدرجة تجعلها في متناول غالبية الناس. لكن السلع لا تمثّل فقط رأس المال الثابت والمتغير، فهي تمثل أيضًا فائض القيمة الذي يستخرجه الرأسمالي فقط من العمال. فكما رأينا في مثال التليفزيونات؛ فالاستثمار في قوة العمل يظل كما هو، وبما أن الربح ينتج فقط من قوة العمل البشرية فيما يستثمر الرأسماليون أكثر وأكثر في الآلات نجد أن وقت العمل اللازم لإنتاج كل سلعة ينخفض. وهذا هو ما يجعل معدل الربح ينخفض، إذ تنخفض النسبة بين فائض القيمة إلى رأس المال الموظف في الاستثمار على مستوى النظام كله.

لكن ما سبق يمثل ميلًا (نحو الانخفاض) وليس قانونًا ثابتًا مبدئيًا، وهناك أمور يستطيع الرأسماليون فعلها لمواجهة هذا الانخفاض في الربح تتضمن الهجوم على ظروف العمل.

إن زيادة ساعات العمل دون رفع الأجور يمنح الرأسماليون مباشرة مزيد من الفائض، كما أن إلغاء فترات الراحة وسط اليوم وتعيين ملاحظين على العمال يمكّن الرأسماليين ليس فقط من تحقيق فائض من خلال كفاءة العملية الإنتاجية، بل أيضًا يمكّنهم من استهلاك الآلات بأكبر قدر ممكن قبل أن تنتهي (استهلاكا أو تقنية).

وأخيرًا قد يلجأ الرأسماليون إلى خفض الأجور أو (إبقائها في نفس مستواها وقت تزايد الأرباح). وأكد ماركس على أن تلك الأمور لا تعتبر قوانين مطلقة ولكنها طرق يستخدمها الرأسماليون لمواجهة انخفاض معدلات الربح وأن هذه الطرق يمكن مقاومتها من جانب العمال.

إن التناقض الأكبر في الإنتاج الرأسمالي هو أنه كلما حقق الرأسمالي تراكمًا، كلما زادت مشكلة النظام الرأسمالي ككل فيما يبقى منطق التراكم كمحور للنظام ككل. فالرأسمالية لا تدمر البيئة وحياة المجبرين للعمل تحت شروطها فقط، لكنها أيضًا تدمر نفسها بأزمات أعمق وأعمق.

ملخص:
– إن ميل معدل الربح هو النسبة بين الربح إلى رأس المال الموظف في الاستثمار.
– يرتفع الاستثمار في الآلة نسبة إلى قوة العمل، ويقلص ذلك معدل الربح في الوقت نفسه.
– يحاول الرأسماليون تعويض هذا الانخفاض بالهجوم على شروط العمل.

* المقال منشور باللغة الإنجليزية في مجلة “الاشتراكي” الشهرية البريطانية – عدد يوليو 2012