بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أ ب اشتراكية: إعلام بديل

كيف يحصل المواطن على المعلومات بشأن ما يحدث في مجتمعه ومن يصنع المعلومة؟

كان أحد قيادات الغزل والنسيج المحالة إلى المعاش يمزح معي في أحد الجلسات: “لما كانت الكاميرا بتطلع في إضراب زمان كان العمال بيجروا يستخبوا أو يغطوا وشهم، النهار ده لما بيشوفوا الكاميرا بيشقوا صدورهم قدامها”.

إذا ظهرت عدسات تيليفزيون أو فوتوغرافيا في إضراب ما في التسعينيات كان يعني هذا على الأرجح أن من يأخذ الصورة صحفي تابع لجرائد تملكها الدولة لا هامش فيها لتغطية إضراب سوى في قسم الحوادث كأعمال شغب أو يظهر في تقرير ما بأحد قنوات ماسبيرو في شكل معاكس ومشوه تماما. ولكن بنهاية ٢٠٠٤ شهدت ساحة الإعلام المصري تطورين مهمين: أولا: ظهور الصحف الخاصة المملوكة لرجال أعمال مثل “المصري اليوم”، ثانيا: بدء ظهور “البلوجوسفير” أو مجتمع المدونات المصرية والتي كان يقدر بحوالي ٣٠ مدونة فقط آنذاك.

لعبت تلك الصحف الخاصة دورا في رفع سقف الحريات بلا شك، بالرغم من أن مالكيها رجال أعمال متحالفين مع النظام، ولكنهم بحكم البحث عن الربح في هذا المجال أدركوا جيدا ان لا مستقبل للصحافة التقليدية التي مثلها الأهرام والأخبار والجمهورية لعقود، في ظل انتهاء احتكار ماسبيرو لنقل المعلومة بسبب انتشار الفضائيات. ولكن تظل لتلك الصحف خطوطا حمراء لا تستطيع تجاوزها (على سبيل المثال تغطية أخبار الجيش والرئاسة التي لم تتحرر الصحافة من القيود المفروض عليها إلا جزئيا بعد قيام ثورة يناير)، وتظل تلك الصحف بعيدة عن “الاستقلالية” و”الموضوعية”، فالملكية الخاصة للصحف تملي مصالح مالكيها. متى رأينا على سبيل المثال “المصري اليوم” تكشف “فضيحة فساد” أو “تجاوزات” لكبار حاملي أسهمها كصلاح دياب؟

من ناحية أخرى أدى بدء انتشار الانترنت وظهور المدونات بالإضافة للانتشار الواسع لأجهزة المحمول إلى خلق شبكة جديدة مستقلة عن الدولة ورجال الأعمال، يستطيع من خلالها المواطن أن يلتقط الصورة/الفيديو بنفسه ثم ينشرها على الانترنت من خلال مدونته مجانا أو عبر حسابه الشخصي على إحدى الشبكات الاجتماعية لتصل إلى المئات وفي بعض الحالات الآلاف من أصدقاءه ومعارفه، وقد يسعفه الحظ ويصل إلى الملايين من متصفحي الإنترنت داخل وخارج البلاد. تمثل تلك القنوات الجديد للاتصال وتداول المعلومات ما يسمى بالإعلام البديل أو الإعلام الإجتماعي أو الصحافة الشعبية.

ساهم الإعلام البديل في كسر إحتكار الدولة ورجال الأعمال للمعلومة والخبر، ووفر لقطاعات من الشباب المصري الفرصة للتواصل السريع ونقل أخبار الاحتجاجات بالصوت والصورة بل وبثها بثا حيا للآخرين بأقل التكاليف، بطريقة جعلت الإعلام التقليدي يلهث وراء الصحافة الشعبية كالديناصور الثقيل. ووفر الإعلام البديل فرص كانت غير متاحة سابقا لأجيال من النشطاء لنشر أفكارهم وتحفيز الآخرين على الانضمام للحراك في الشارع وكانت الصورة خير من ألف كلمة في حالات كثيرة.

ننسى أحيانا أن الماركسية ما هي إلا “الاشتراكية العلمية”، التي تأخذ بالجديد من تطور العلوم والتكنولوجيا التي يصنعا الإنسان، وما نراه أن جهاز المحمول يستطيع أن ينافس ويفضح ويكشف زيف ماسبيرو. معارك الثورة ستحسم في الشارع في النهاية، ولكن حسمها أيضا يتطلب كسب التأييد الشعبي ونشر حقيقة ما يجري بها وفضح الخصم الرأسمالي “الإسلامي” ودعاياته. وفي ظل ضعف الإمكانيات المادية والعوائق الأمنية التي تمنع الثوار من امتلاك مؤسسة إعلامية دعائية بضخامة ماسبيرو التي تغسل عقول الشعب وتبث سموم النظام، لا بديل سوى اللجوء إلى الصحافة الشعبية وقنوات التواصل الاجتماعي الحديثة لنقل الصورة الحقيقية حول ما يجري على الأرض.